الخميس 6 فبراير 2025
سياسة

فضائح الوزراء.. العلامة التجارية لحكومة أخنوش!

فضائح الوزراء.. العلامة التجارية لحكومة أخنوش! عزيز أخنوش، رئيس الحكومة
بعد‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬شهرا‭ ‬على‭ ‬تعيينها‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021،‭ ‬حطم‭ ‬وزراء‭ ‬حكومة‭ ‬عزيز‭ ‬أخنوش‭ ‬كل‭ ‬الأرقام‭ ‬القياسية‭ ‬في‭ ‬الفضائح؛‭ ‬فما‭ ‬إن‭ ‬تنطفئ‭ ‬الواحدة‭ ‬حتى‭ ‬تشتعل‭ ‬الأخرى‭ ‬بسرعة‭ ‬مثيرة‭ ‬للاستغراب‭ ‬والارتياب،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬الظرفاء‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬"الفضائح‭ ‬هي‭ ‬العلامة‭ ‬التجارية‭ ‬لهذه‭ ‬الحكومة"‭ ‬التي‭ ‬تعددت‭ ‬سقطاتها‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬متصلة‭ ‬ومتعددة‭ ‬الحلقات‭.‬
ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬انتظر‭ ‬المغاربة‭ ‬"حكومة‭ ‬للكفاءات"،‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬لطغيان‭ ‬التسويات‭ ‬السياسية،‭ ‬والنزوع‭ ‬إلى‭ ‬"انصر‭ ‬أخاك"‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬منطق‭ ‬الأهلية‭ ‬والجدارة،‭ ‬بُوغتوا‭ ‬بحكومة‭ ‬لا‭ ‬يشغلها‭ ‬إلا‭ ‬إنتاج‭ ‬الفضائح‭ ‬والسقطات،‭ ‬وتغذية‭ ‬الاحتقان‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والاستقواء‭ ‬بالأغلبية‭ ‬العددية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإجهاز‭ ‬على‭ ‬المكتسبات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬حازتها‭ ‬بلادنا،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تتحرج،‭ ‬أحيانا،‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬نفسها‭ ‬خارج‭ ‬منطوق‭ ‬الدستور‭ ‬الذي‭ ‬توافق‭ ‬عليه‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭. ‬
والغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬المغاربة‭ ‬باتوا‭ ‬يعتبرون‭ ‬"مراكمة‭ ‬الفضائح‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي"،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬الفضائح‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬وتسافر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬اتجاه،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يلجمها‭ ‬أو‭ ‬يحد‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬يشرح‭ ‬ملابساتها‭ ‬أو‭ ‬يصدر‭ ‬قرارات‭ ‬بشأنها،‭ ‬كأننا‭ ‬أمام‭ ‬وزراء‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬يلعب‭ ‬دور‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الفعلي‭ ‬الذي‭ ‬يكتفي‭ ‬بالصمت‭ ‬وسياسة‭ ‬"كم‭ ‬حاجة‭ ‬قضيناها‭ ‬بتركها!"‭. ‬
والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬بقوة‭ ‬هنا‭ ‬هو:‭ ‬لماذا‭ ‬يلتزم‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الصمت‭ ‬ولا‭ ‬يتدخل‭ ‬لإعادة‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬نصابها؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬يتواصل‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬لوضعه‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ما‭ ‬يحدث؟‭ ‬ولماذا‭ ‬يلجأ‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬تسويق‭ ‬الفضيحة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬إنجاز،‭ ‬والفشل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬انتصار،‭ ‬والخيبة‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬مبين؟‭ ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬التحيز‭ ‬الفريد‭ ‬إلى‭ ‬"تخراج‭ ‬العينين"‭ ‬واستحمار‭ ‬المغاربة؟‭ ‬لماذا‭ ‬يتنازل‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬اختصاصاته‭ ‬التي‭ ‬خولها‭ ‬له‭ ‬الدستور‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬مخول‭ ‬له‭ ‬تقديم‭ ‬الأجوبة‭ ‬عن‭ ‬الأسئلة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالسياسة‭ ‬العامة‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان؟
ما‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التغاضي؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬ضعف‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬كما‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيون؟‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬فقط‭ ‬رغبة‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬حلفائه‭ ‬في‭ ‬الزاوية‭ ‬الضيقة‭ ‬حتى‭ ‬يقوم‭ ‬بابتزازهم‭ ‬والتفاوض‭ ‬معهم،‭ ‬والظهور‭ ‬أمامهم‭ ‬بصورة‭ ‬"الواقي‭ ‬من‭ ‬الاصطدام"‭ ‬و"المنقذ‭ ‬من‭ ‬الضلال"،‭ ‬حتى‭ ‬يسهل‭ ‬عليه‭ ‬سوقهم‭ ‬إلى‭ ‬"منطقة‭ ‬الراحة"‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه؟‭ ‬
إن‭ ‬صمت‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الوابل‭ ‬من‭ ‬السقطات‭ ‬غير‭ ‬مفهوم‭ ‬وغير‭ ‬مبرر،‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬إلا‭ ‬شيئا‭ ‬واحدا،‭ ‬هو‭ ‬أن‭  ‬المغرب‭ ‬دخل‭ ‬مرحلة‭ ‬الفرجة‭ ‬وابتعد‭ ‬عن‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬النبيلة‭. ‬كما‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬بالفعل‭ ‬صرنا‭ ‬أمام‭ ‬مسرح‭ ‬للكراكيز،‭ ‬وكل‭ ‬كركوزة‭ ‬تقدم‭ ‬عرضا‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬في‭ ‬شأنه‭ ‬أنه‭ ‬اختبار‭ ‬للإصرار‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الفضائح،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬الضغط‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إرغام‭ ‬كبير‭ ‬الوزراء‭ ‬(رئيس‭ ‬الحكومة)‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬بموقف‭ ‬واضح،‭ ‬مما‭ ‬يقترفه‭ ‬الوزراء‭ ‬من‭ ‬فضائح‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭  ‬إبداء‭ ‬الرأي‭ ‬بشكل‭ ‬نزيه‭ ‬وشفاف‭ ‬حول‭ ‬"الانحطاط‭ ‬السياسي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬والتربوي"‭ ‬لبعض‭ ‬وزرائه،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬استمرار‭ ‬أخنوش‭ ‬في‭ ‬صمته،‭ ‬ونهج‭ ‬سياسة‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬قد‭ ‬يفسر‭ ‬بكونه‭ ‬ترجمة‭ ‬حرفية‭ ‬للإفراط‭ ‬في‭ ‬احتقار‭ ‬ذكاء‭ ‬المغاربة،‭ ‬كما‭ ‬يعتبر‭ ‬تزكية‭ ‬لكل‭ ‬الفضائح‭ ‬المقترفة‭.‬
وتبعا‭ ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬غياب‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي،‭ ‬واقعيا‭ ‬و‭ ‬افتراضيا،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يستمر‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬فضائح‭ ‬متتالية،‭ ‬يطرح‭ ‬على‭ ‬الفاعل‭ ‬السياسي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تساؤل:‭ ‬
هل‭ ‬استمرار‭ ‬أخنوش‭ ‬في‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬الالتفات‭ ‬ما‭ ‬يقع،‭ ‬أسلوب‭ ‬في‭ ‬التدبير‭ ‬السياسي؟
هل‭ ‬يدرك‭ ‬أخنوش‭ ‬أنه‭ ‬"يحكم"‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬واقع‭ ‬مغربي‭ ‬يصطخب‭ ‬باحتجاج‭ ‬المواطنين‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬التنظيمات‭ ‬المدنية‭ ‬والمهنية؟‭ ‬وهل‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬فضائح‭ ‬وهبي‭ ‬والميراوي‭ ‬وبايتاس‭ ‬وبنسعيد‭ ‬وحيار‭ ‬وبنموسى‭ ‬وغيرهم،‭ ‬وهي‭ ‬فضائح‭ ‬متلاحقة،‭ ‬لها‭ ‬مفعول‭ ‬الفأس‭ ‬على‭ ‬الشجرة،‭ ‬وأنها‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ترصيد‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬"أبناء‭ ‬الشعب"‭ ‬(المنتخب‭ ‬المغربي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم)‭  ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬سمعة‭ ‬المغرب‭ ‬ومكانته‭ ‬بين‭ ‬الدول؟
ألا‭ ‬يعتقد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الوزراء‭ ‬يسيئون‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا،‭ ‬بالانجرار‭ ‬وراء‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬وإرغامات‭ ‬العائلة،‭ ‬واستغباء‭ ‬التاريخ،‭ ‬واستغلال‭ ‬النفوذ‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬سلطة‭ ‬رقابية؟
ألم‭ ‬يحن‭ ‬الوقت‭ ‬للتفكير‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬والقيام‭ ‬بتعديل‭ ‬حكومي‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬تطلعات‭ ‬المغاربة،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬الاختيار‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الكفاءة‭ ‬والمصداقية‭ ‬وعفة‭ ‬اليد‭ ‬وحسن‭ ‬التدبير،‭ ‬والولاء‭ ‬للوطن‭ ‬قبل‭ ‬الولاء‭ ‬للعشيرة‭ ‬الحزبية‭ ‬والقرابة‭ ‬العائلية؟
ألا‭ ‬يستحق‭ ‬المغاربة‭ ‬وزراء‭ ‬لا‭ ‬يغذون‭ ‬الاحتقان‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولا‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬باحتقار‭ ‬كالرعاع،‭ ‬ولا‭ ‬يمسون‭ ‬بالحقوق،‭ ‬ويرسخون‭ ‬مبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص،‭ ‬ولا‭ ‬يستقوون‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬بالثراء‭ ‬الفاحش؟
 
تفاصيل أوفي في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"