يصعب أن نصدق أن وزير الخارجية المغربي يملك الحس الدقيق لتحركاته، أو أنه يملك حاسة ديبلوماسية في اختيار الوقت لجعل الناس يفكرون فيه.
ففي الوقت الذي كان الاتحاد الإفريقي يفرض على بلادنا قرارا يناهض حقه، ويحشر أنف المجموعة الأفريقية المعادية لبلادنا في شؤوننا، لم يجد الوزير ما يصلح للحديث عنه سوى.. رفع دعوى قضائية ضد صحيفة "الناس".
كان الأجدى أن يصر الوزير على أن يتتبع تفاصيل ما يدبر لنا في أفريقيا، وأن يشغل الصحافة بتحليل معطيات القرار الذي صنعته الجزائر في دواليب الاتحاد الأفريقي، وإعلان رئيس دولة أفريقية معروف بمساندته لأطروحة البوليزاريو ودعمها، وأن ينورها بخلفيات القرار وما يجب أن نفعله في هذا الباب، عوض أن يشغلنا بوضعية جنسيته الفرنسية.
أن يسمى صلاح الدين مزوار أو جان كلود بريالي، صلادين مزواغ، تلك قضية يمكنها أن تكون في سياق آخر، يكون فيه الوزير قد استراح استراحة المحارب في قضية وطنية شائكة.
يمكن للسيد صلاح الدين مزوار أن يحدد أولويته السياسية كما يشاء، ويحسن صورته كما يشاء، لكن ليس في الوقت الذي تنتظر البلاد ما يجب منه كرجل دولة لا كرجل.. "شرع" بالدارجة المغربية.
شيء فينا يقول إن مزوار يستحق بعض التعاطف: فلو كان للرجل أن يختار اسما لسوء الطالع (الصكوعية يعني) لكان بلا شك.. فرنسا!
فالرجل، بهدلته دولة شارل دوغول شر بهدلة عندما أهانته في تفتيش لم يراع الديبلوماسية، وها هي تتبعه إلى القضاء المغربي، عن طريق دعواه التي رفعها ضد صحيفة "الناس".
الوزير صلاح الدين مزوار شعر، ولا شك، أنه لا يمكن أن ينسب إلى بلاد أهانته، فاعتبر تلك إهانة بحد ذاتها، كما ورد في تدبيج الدعوى، إذ يكاد الرجل يفقد عقله وهو يسأل: كيف تهينه فرنسا ويقال عنه إنه ابنها الذي يحمل جنسيتها.. كيف؟
والرجل، الذي دخل في تحالف، بالرغم من الإهانة التي تلقاها من رئيس الحكومة (والذي سماه السقاطة) فاض به الكيل.
يسقط في الامتحانات الديبلوماسية،
يسقط في الدخول إلى فرنسا،
يسقط أمام الشرطة في حدود مطار باريس،
يدعونه السقاطة،
ويريدون أن يقطعوا عنه الجنسية المغربية..!
عليه أن يكره، بعد فرنسا.. كلمة السقوط.
والرجل، لم يستطع أن يهضم ما قالته صحيفة "الناس"، حتى تولته "النهار المغربية" وأعلنت ما يكشف عجزه في تدبير الوزارة.
فقد أخبرت الزميلة "النهار" أنه قد تم "سحب ملف السفراء من يد مزوار".
ولكم أن تقدروا كيف يكون وزير الخارجية بدون ملف السفراء..!
كما لو أنك قلت وزيرا للداخلية بدون ملف الولاة أو العمال،
أو قائد جوقة بدون.. عازفين
أو جنرالا في حرب. بدون جنود،
أو مزوار بدون سفراء والنبي عليه السلام!
صلاح مسكين تتم بهدلته في فرنسا ويتم اتهامه بالانتساب إليها،
وصلاح مسكين يتم إعلان انتساب السفراء إليه، ويتم سحبه منه..!
صلاح مسكين.. وزير الديبلوماسية، ولا يعرف منها سوى قضية جنسيته الفرنسية.
ربما يدرك أن تلك الطريق تؤدي إلى الخروج من الوزارة، كما حدث ذات يوم مع كاتب الدولة الخريف..
والمسكين، لم ينل طمأنينة وزير في الحكومة هو الرميد الذي شكك في نفيه لما كتب عنه.
وتلك "سقطة" أخرى تنضاف إلى ما سبق!