السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المتوكل الساحلي: "المعرفة "و"الإيمان" مدخل لوعي وتطور المجتمعات وقوة الدولة

مصطفى المتوكل الساحلي: "المعرفة "و"الإيمان" مدخل لوعي وتطور المجتمعات وقوة الدولة مصطفى المتوكل الساحلي
المعرفة قد تحتمل الصدق وغيره، ومن هنا لكل مجتمع معارفه التي يؤمن بها ويجعلها نبراسا له في تنظيمه الاجتماعي وحياته العامة، ولترتقي درجات الصدقية والحجية يجب أن تكون مبنية ومرتكزة على علوم صحيحة عقليا وموضوعيا وواقعيا، كما أن الإيمان الروحي المرتبط بعوالم الميتافيزيقيا و الدين عند المؤمنين أيا كانت عقيدتهم  يؤطر الهوية والشخصية بما يجعلها لا ترى الصحة والصدق إلا فيما تؤمن به سواء من يعبد الله عن طريق الرسالات السماوية أو يعبد الإله أو الآلهة كما تصورها ونسج وجودها السابقون وحماها المعاصرون، ومنهم  الذين يؤمنون  بـ : "إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ"  المؤمنون، و"وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بذلك مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" الجاثية
 
ويمكن أن ندرج هنا على سبيل القياس صناعة  رأي العام بتدجينه وتعطيل معرفته وتمييع مواهبه وقلب أولوياته وضروراته المنطقية كي يصبح إمعة وتائها وضائعا في المشهد الاجتماعي والسياسي والثقافي والمدني لا تشده وتؤطره إلا المصالح والأهواء السطحية والشكلية الزائلة لدرجة يتحول فيها "إيمانه" المبتدع بسبب السياسات إلى عقيدة ثابتة تعطل الفهم السليم لمبادئ العقل والدين والإنسانية، وتضرب مصالح المجتمعات لا يهمهم أن تكون حياتهم من أجل آخرتهم أو من أجل يوم وغد  أفضل للشعب والوطن بقدر ما يهمهم حصريا انتهاز لحظات عابرة فاشلة ولو تكررت كل خمس سنوات أو كل أيام العمر ..
 
إن مهام المثقفين بجميع اهتماماتهم وتخصصاتهم ودور القوى التي تسمى حية حزبية ونقابية وجمعوية، ومسؤوليات الدولة ومؤسساتها هي الاهتمام بالإنسان / المواطن فكره ومعارفه وخبراته وطاقاته الإيجابية، وتأهيل قدراته وأدواره تبعا لذلك لتحقيق مجتمع المعرفة والابداع والتكامل والبناء المشترك للحاضر والمستقبل بما يؤهله للتطور والتقدم المستدام بعقله في جميع العلوم والمعارف الموجودة والمحدثة وتوظيفها عمليا لتصبح ثقافة مشتركة يدرك الجميع جواهرها وضروراتها حتى نصبح مجتمعا يتعلم ويبحث ويجرب ويطور وعيه ويستجيب للمعارف ويتفاعل معها إيجابيا وعمليا حتى لا يصدق عليه الشطر الثاني من الآية: قال تعالى: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) الأنعام. ولنا أن نتساءل من بقي منا يسمع ويستجيب ويعي ويعمل ؟، ومن منا في حكم الموتى لا يسمعون طوال حياتهم ولا يستجيبون حتى يتوفون..؟ والسؤالين موجهين للأفراد ومكونات المجتمع ومؤسسات الدول والمنظمات والمؤسسات الأممية والدولية ..
إن تسطيح وتمييع المعرفة وإفراغها من جوهرها ومضامينها الايجابية والتعامل مع الجهل والضلال  والخرافات والأفكار البليدة، وتشجيع وفتح المجال بل واحتكاره من طرف صناع التفاهة والسخافة والابتذال بغاية جعل كل هذا العبث هو المعرفة المخطط لها بنفس إجرامي تآمري يندرج في سياق الاغتيال والإجتثات التدريجي بوعي أو بجهل لكل ما يجعل المواطن واعيا وعارفا وعالما بواجباته وحقوقه وقادرا على التمييز بين العبث والجد والصدق والكذب والتضليل والهداية ..
 
إننا نرى ونتتبع بألم ما تتعرض له عوالم ومجتمعات العرب والمسلمين من تخلف وانكسارات ومخاطر وتهديدات واستفحال الإستلاب والميوعة وطغيان السلبية القاتلة والتبعية المهلكة للإنسان والمضيعة لغده ومستقبله والسالبة منه إرادته وقوته وقدراته على العطاء والتقدم، وفي هذا نقول ما قاله  تعالى: (لكل نبأ مستقر ) الأنعام.
ونتساءل كيف سنجيب في كل أزمنة أمتنا على الخبر السؤال الرسّالي : إلى أين نسير؟ وأين ستستقر أنباؤنا التي أثقلت  مضامينها  كاهل شعوبنا؟.