كان المغرب يوم الجمعة 31 اكتوبر على موعد مع لحظةٍ مفصلية تمتزج فيها حكمة الدولة بثقة الأمة. فقرار مجلس الأمن 2797 لم يكن محطة تقنية في نزاعٍ دولي طويل فقط .بل تتويجًا لمسار من الثبات الاستراتيجي، ومن الدبلوماسية الهادئة والصبورة والمتعددة الاوجه والتي جعلت من رؤية المغرب تلك المرجعية الواقعية للحل.
لكن ما منح اللحظة بُعدها الأخلاقي والإنساني هو الخطاب الملكي الذي أعقبه. فقد اختار جلالة الملك ألا يتحدث من موقع المنتصر في معركة سياسية، بل من موقع الدولة التي اكتسبت قوةً ومكانةً، فاختارت أن تُترجم ذلك إلى دعوة للمصالحة، لا إلى لحظة تفاخر أو تصعيد.
في صلب هذا الخطاب الملكي برز النداء الصادق لإخواننا في مخيمات تندوف. نداء يخرج من اللغة البيروقراطية إلى اللغة الإنسانية، من صياغات السلطة إلى منطق العائلة، ومن مفردات السياسة إلى أخلاق التاريخ.
فالملك لم يقل: مواطنينا هناك، ولا رعايانا، ولا حتى أبناؤنا رغم قوة ورمزية ودلالتها كلها .
بل قال — بوضوح مقصود وباختيار لغوي دقيق —: “إخواننا”.
هذه الكلمة ليست جملة إنشائية، بل كلمة مؤسسة. إنها تُسقط التسلسل العمودي، وتُلغي مسافة القوة، وترفض موقع الأعلى والأدنى. فالإخوة يقفون جنبًا إلى جنب، لا فوق وتحت — إلا ما يفرضه الاحترام.
ولم يكن مصادفة أن تأتي هذه الكلمة مباشرة قبل الجملة الأشد عمقًا:
“جميع المغاربة سواسية”
بهذه الثنائية - إخواننا / سواسية - انتقل الخطاب من استعادة الأرض إلى استعادة العلاقة.من استرجاع المجال إلى استرجاع المعنى.من جغرافيا الوطن إلى وجدان الوطن.
كما ان الخطاب لا يفتح معبرا حدوديا بل يفتح باب البيت ويعلن عن مصالحةٍ مع التاريخ والذاكرة والمستقبل.
قال ابن خلدون:
“الوطن هو حيث يكون الإنسان في مأمن على نفسه وماله وعرضه.”
ويضيف المغرب اليوم ان الوطن هو أيضًا حيث تُصان الكرامة للعائدين .
فلا أحد يعود مهزومًا، ولا أحد يعود ليُحاسَب على زمن لم يختره كاملًا.
فالمواطنة تُؤسَّس على المساواة لا على الاستلحاق، وعلى الندية لا على الامتثال.
إن هذا الخطاب لا يُضاهيـه — من حيث الجوهر — إلا لحظات سياسية كبرى قليلة في العالم الحديث:
كألمانيا حين استوعبت أبناء شرقها بلا تمييز، ورواندا حين رفضت أن يكون المستقبل رهينة ذاكرتها المؤلمة.
الدول التي تثق بنفسها لا تخاف من عودة أبنائها.
إن المغرب، بهذا الخطاب السامي لم يكتب فصلًا جديدًا في قضية الصحراء المغربية فقط، بل أسس لمرحلةٍ ناضجة من تطور الدولة الوطنية المغربية.
وفي هذه اللحظة، نستحضر جبران خليل جبران حين قال :
“ليس الوطن أرضًا تُشقّ بالمحراث، بل روحٌ تسكن فينا.”
وبالتالي فمن استمع إلى نداء الملك، لا يحتاج إلى خارطة ولا إلى GPS للعودة ،لأن من يحمل الوطن في قلبه، يعرف طريق البيت حين ينادي.
لذلك، ليس المطلوب اليوم أن نحتفل بانتصارٍ على أحد، بل أن نحتفل بعودة أحد أفرادًا كانوا او جماعات.
فقوة بلادنا في يدها الممدودة.وجوهر هذه اللحظة انه قبل خمسين سنة كانت المسيرة الخضراء مسيرةً نحو الأرض…أما اليوم، فالمسيرة هي نحو الإنسان.
وتلك هي المسيرة الأطول والأصعب لكنها الأجمل
لكن ما منح اللحظة بُعدها الأخلاقي والإنساني هو الخطاب الملكي الذي أعقبه. فقد اختار جلالة الملك ألا يتحدث من موقع المنتصر في معركة سياسية، بل من موقع الدولة التي اكتسبت قوةً ومكانةً، فاختارت أن تُترجم ذلك إلى دعوة للمصالحة، لا إلى لحظة تفاخر أو تصعيد.
في صلب هذا الخطاب الملكي برز النداء الصادق لإخواننا في مخيمات تندوف. نداء يخرج من اللغة البيروقراطية إلى اللغة الإنسانية، من صياغات السلطة إلى منطق العائلة، ومن مفردات السياسة إلى أخلاق التاريخ.
فالملك لم يقل: مواطنينا هناك، ولا رعايانا، ولا حتى أبناؤنا رغم قوة ورمزية ودلالتها كلها .
بل قال — بوضوح مقصود وباختيار لغوي دقيق —: “إخواننا”.
هذه الكلمة ليست جملة إنشائية، بل كلمة مؤسسة. إنها تُسقط التسلسل العمودي، وتُلغي مسافة القوة، وترفض موقع الأعلى والأدنى. فالإخوة يقفون جنبًا إلى جنب، لا فوق وتحت — إلا ما يفرضه الاحترام.
ولم يكن مصادفة أن تأتي هذه الكلمة مباشرة قبل الجملة الأشد عمقًا:
“جميع المغاربة سواسية”
بهذه الثنائية - إخواننا / سواسية - انتقل الخطاب من استعادة الأرض إلى استعادة العلاقة.من استرجاع المجال إلى استرجاع المعنى.من جغرافيا الوطن إلى وجدان الوطن.
كما ان الخطاب لا يفتح معبرا حدوديا بل يفتح باب البيت ويعلن عن مصالحةٍ مع التاريخ والذاكرة والمستقبل.
قال ابن خلدون:
“الوطن هو حيث يكون الإنسان في مأمن على نفسه وماله وعرضه.”
ويضيف المغرب اليوم ان الوطن هو أيضًا حيث تُصان الكرامة للعائدين .
فلا أحد يعود مهزومًا، ولا أحد يعود ليُحاسَب على زمن لم يختره كاملًا.
فالمواطنة تُؤسَّس على المساواة لا على الاستلحاق، وعلى الندية لا على الامتثال.
إن هذا الخطاب لا يُضاهيـه — من حيث الجوهر — إلا لحظات سياسية كبرى قليلة في العالم الحديث:
كألمانيا حين استوعبت أبناء شرقها بلا تمييز، ورواندا حين رفضت أن يكون المستقبل رهينة ذاكرتها المؤلمة.
الدول التي تثق بنفسها لا تخاف من عودة أبنائها.
إن المغرب، بهذا الخطاب السامي لم يكتب فصلًا جديدًا في قضية الصحراء المغربية فقط، بل أسس لمرحلةٍ ناضجة من تطور الدولة الوطنية المغربية.
وفي هذه اللحظة، نستحضر جبران خليل جبران حين قال :
“ليس الوطن أرضًا تُشقّ بالمحراث، بل روحٌ تسكن فينا.”
وبالتالي فمن استمع إلى نداء الملك، لا يحتاج إلى خارطة ولا إلى GPS للعودة ،لأن من يحمل الوطن في قلبه، يعرف طريق البيت حين ينادي.
لذلك، ليس المطلوب اليوم أن نحتفل بانتصارٍ على أحد، بل أن نحتفل بعودة أحد أفرادًا كانوا او جماعات.
فقوة بلادنا في يدها الممدودة.وجوهر هذه اللحظة انه قبل خمسين سنة كانت المسيرة الخضراء مسيرةً نحو الأرض…أما اليوم، فالمسيرة هي نحو الإنسان.
وتلك هي المسيرة الأطول والأصعب لكنها الأجمل

