الاثنين 17 فبراير 2025
مجتمع

الطيب حمضي: تراجع التلقيح وضعف الترصد الوبائي وراء عودة الحصبة إلى المغرب

الطيب حمضي: تراجع التلقيح وضعف الترصد الوبائي وراء عودة الحصبة إلى المغرب الدكتور الطيب حمضي، باحث في السياسات والنظم الصحية
‭‬إن‭ ‬الارتفاع‭ ‬المفاجئ‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الإصابة‭ ‬بالحصبة‭ ‬«بوحمرون»،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوفيات‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭ ‬المصابين،‭ ‬يرتبط‭ ‬بتراجع‭ ‬معدلات‭ ‬التلقيح‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭ ‬وضعف‭ ‬الترصد‭ ‬الوبائي‭ ‬لهذه‭ ‬الأمراض‭.‬

إن‭ ‬الحصبة‭ ‬تعد‭ ‬مرضا‭ ‬فيروسيا‭ ‬خطيرا،‭ ‬حيث‭ ‬أصاب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023، ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬20‭ ‬بالمائة‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2022‭. ‬وقد‭ ‬أسفرت‭ ‬الحصبة‭ ‬عن‭ ‬وفاة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬غالبيتهم‭ ‬من‭ ‬الرضع‭ ‬والأطفال‭ ‬دون‭ ‬سن‭ ‬الخامسة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تعرض‭ ‬آخرون،‭ ‬الذين‭ ‬نجوا‭ ‬من‭ ‬المرض،‭ ‬لمضاعفات‭ ‬خطيرة‭ ‬وأضرار‭ ‬دائمة،‭ ‬مثل‭ ‬فقدان‭ ‬البصر‭ ‬والتهاب‭ ‬الدماغ،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العواقب‭ ‬الصحية‭ ‬الوخيمة‭.‬

إن‭ ‬الأطفال‭ ‬غير‭ ‬الملقحين‭ ‬«صفر‭ ‬جرعة»‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يكملوا‭ ‬جرعات‭ ‬اللقاح‭ ‬المطلوبة‭ ‬«جرعة‭ ‬واحدة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬جرعتين»‭ ‬هم‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للإصابة‭ ‬بالحصبة‭ ‬ومضاعفاتها‭. ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬انخفاض‭ ‬معدلات‭ ‬التغطية‭ ‬بالتطعيم‭ ‬ضد‭ ‬الحصبة‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬95‭ ‬بالمائة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعرض‭ ‬السكان‭ ‬لانتشار‭ ‬المرض‭ ‬بشكل‭ ‬وبائي‭ ‬وفاشيات‭ ‬متكررة‭ ‬ودورية‭.‬

ووفقا‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬تحقق‭ ‬التغطية‭ ‬اللازمة‭ ‬بنسبة‭ ‬95‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬للتطعيم،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬المعدلات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التراخي‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬التلقيح‭ ‬وضعف‭ ‬الترصد‭ ‬الوبائي‭ ‬لأمراض‭ ‬الطفولة‭ ‬كانا‭ ‬عاملين‭ ‬رئيسيين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.‬

مثلا،‭ ‬منطقة‭ ‬بني‭ ‬ملال-خنيفرة‭ ‬تأثرت‭ ‬بتفشي‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬تلتها‭ ‬منطقة‭ ‬سوس‭ ‬ماسة‭ ‬في‭ ‬شتنبر‭ ‬2023، ‬وأخيرا‭ ‬منطقة‭ ‬طنجة‭ ‬تطوان‭ ‬الحسيمة‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬تفشيا‭ ‬للمرض‭ ‬مؤخرا‭.‬

إن‭ ‬التحليل‭ ‬المتعمق‭ ‬لأسباب‭ ‬هذا‭ ‬التراخي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التزام‭ ‬الأسر‭ ‬بتلقيح‭ ‬أطفالها،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬استدراك‭ ‬التلقيح‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تلقيحهم‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬يشكلان‭ ‬أساسا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المشكلة‭. ‬كما‭ ‬أشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تعبئة‭ ‬خدمات‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وكافة‭ ‬المهنيين‭ ‬الصحيين،‭ ‬واستئناف‭ ‬المراقبة‭ ‬الوبائية‭ ‬بالشكل‭ ‬الأمثل‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬حماية‭ ‬صحة‭ ‬الأطفال‭ ‬وحياتهم،‭ ‬وكذلك‭ ‬سلامة‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭.‬