الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

غريب: الرئيس الجزائري أمام ممثلي الشعب يقول في هراء "لن أتخلّى عن الصحراء الغربيّة"..

غريب: الرئيس الجزائري أمام ممثلي الشعب يقول في هراء "لن أتخلّى عن الصحراء الغربيّة".. يوسف غريب
صدّقني السيْد الرئيس تبون حين أخبركم بأني خصصت كل وقتي أترقّب خطابكم التاريخي كما عنونته كل صحف بلادك بقبة البرلمان الجزائري باعتبارك ثاني رئيس جزائري بعد المقبور هواري بومدين ( بوخروبة)... وكم كانت الصّدمة قويّة وغير مفهومة أن لايتمّ نقل خطابكم التاريخي بشكل مباشر لعموم المواطنين والمهتمين بالشأن المغاربي والإقليمي.. وقد تكون بهذا الموقف أول رئيس في العالم تحجب مداخلته عن العموم وهو يستعرض حصيلة ولايته لذلك استعنت بقراءة رؤوس أقلام كما جاءت بأغلبية الجرائد الجرائرية التي طبّلت بهذا الفتح الإستثنائي بدولتكم ولأني لست جزائريا كي أجادلك في الجانب ذات الصلة بالشأن الداخلي لدولتك، فالأمر لا يعنيني بالمرّة بقدر لم يفاجئني أيضا أن تعرج كعادتك للحديث عن صحرائنا المغربية بقطعك وعداً أمام ممثلي الشعب الجزائري قائلاً:
"أمّا الصحراء الغربية لن أتخلّى عنها" لا أعرف لماذا جاءني هذا التصريح بصيغة وعد انتخابي لعهدتك الثانية، خاصة وانت تربط ذلك بتواجدكم داخل تشكيلة مجلس الأمن بصفة عضو غير الدائم.. تنتظر من الشعب التصويت عليك لاسترجاع الصحراء الغربية كأنّها جزء من الأراضي الجزائرية.. كما جاءت في هذه الصيغة التى تكشف عن النوايا الحقيقية منذ المقبورهواري بومدين وحلم الإطلالة الأطلسية.. 
نعم لأول مرة تغيب قضية الشعب الصحراوي وتقرير المصير.. وتحضر كلمة الصحراء الغربية بشكل مباشر.. وان لم تصل بعد إلى جرأة المقبور بوتفليقة الذي طالب يوما تقسيم الصحراء بين المغرب والجزائر!!.. 
هي الخلاصة النهائية لهذا النزاع الذي افتعلتموه لمدة ربع قرن باختفائكم وراء ما يسمى بالقضايا العادلة للشعوب.. وتأسيس جمهورية وهميّة آخر من يعترف بها نظامكم السيد الرئيس وكدليل على ذلك هو رفض سلطات ميناء مستغانم بالجزائر ختم جواز سفر للدولة الصحراوية لممثلها بجنيف، وطالبته بأن يُدلي بجواز ينتمي لقائمة الجوازات التي تعترف بها منظمة الأمم المتحدة، رغم أن هذا الجواز الصحراوي الوهمي يتم إصداره عن المطابع الرسمية الجزائرية، ويخضع لمراقبة وزارة الخارجية الجزائرية. لكنّها ترفض استخدامه فوق ترابها وبمعابرها، لأن ذلك يعني ضمنيّاً وجود دولة فوق ترابها وليس تجمع لاجئين محتجزين كما في الوثائق الأممية..
هي اللعبة مكشوفة.. وأجمل ما فيها -السيد الرئيس- هذا الإطمئنان العام على مستقبل صحرائنا وأفقها الأطلسي لكون وعدك الذي قطعته على نفسك أمام ممثلي الشعب الجزائري صادر عن رجل دولة موسوم بالفشل لكل وعوده الداخلية فكيف بالخارجية!!.. ولن تكون أمام ذكاء بوتفليقة ودهائه وبوخروبة وجبروته وحقده..
نحن مطمئنون من وعود عدائية اتجاه بلدي  لرئيس لا يعقل حتّى  ذاته حتّى يعرف بأن طيلة ولاية رئاسته غيّر أكثر من 100 وزير ووزير من بينهم خمس وزراء خارجية.. وهو نفس العدد الذي استقبلهم خلال أربعة أيام فقط السيد ناصر بوريطة بمراكش الأسبوع الماضي..
لذلك أتساءل هل كان السيد عطاف حاضراً يتابع خطابك.. منتظراً بذلك  ردّة  فعله اتجاه هذا الوعد العدائي اتجاه بلدنا مع تصريحه قبل يومين وهو يأمل ذاك الحل السريع مع المغرب..
هي الجزائر الآن التي قال عنها لافرووف الوزير الروسي بأنها دولة لاهبة لها ولا تأثير ولاوزن إقليمي أودولي.. وما يتماشى  بشكل غير مباشر ماجاء في إحدى خطب جلالته مؤخرا حين أكد أن الوضع مستقر جدّاً مع الجارة الشرقية..
فكيف يستطيع العاقل العادي أن يجد تفسيراً لهذا التناقض السافر بين وزير الخارجية ورئيسه حول العلاقة مع المغرب، وهو يتابع عبر نفس شبكة الجزيرة ومع نفس المحاورة؟ وخلال٧ مدة تسعة أشهر فقط والجزائر تنتقل من مرحلة اللاعودة مع المغرب كما صرح بذلك تبون.. ويأتي عطاف يبحث عن حل أسرع للتوتر مع المغرب.. ومساء اليوم يعود الرئيس ليؤكد عدم التخلى عن الصحراء الغربية!؟..
ألسنا امام سوريالية دبلوماسية تستحق أن تدرس ضمن المعاهد المسرحية.. 
بلى..
أما خطاب العاطفة والتودد إلى الشعب المغربي السيد الرئيس والحديث عن حبك لنا، فلا يعدو أن يكون الأمر لغة للإستهلاك لا غير.. وانت قد لطّخت يديك قبل أشهر بدم مغاربة قتلوا غدرا فوق مياهك الإقليمية.. 
أما الصحراء المغربية ولالف مرّة هي قضية كل المغاربة أولاً وأخيراً، وهي موكولة كأمانة الدفاع عنها واسترجاعها مع بقية الثغور إلى عاهل البلاد بقوة روابط البيعة كحامي حمى الملة والدين والوطن.. 
وقد انتصرنا فيها بقوة لحمتنا وصمودنا ودم شهدائنا الذي سال في المسار التحريري منذ المسيرة الخضراء.. 
نحن اليوم في المسيرة الزرقاء بين طنجة المتوسطة إلى الداخلة الأطلسيّة.. كفضاء  نتسابق فيه إلى حشد الخيرات وتقاسمها مع بقية الشعوب الإفريقية الأوروبية الأمريكية.. 
بهذا الأفق الحضاري أعتقد بأن الصحراء المغربية هي التي تخلّت عنك وتجاوزت عجزك  بمئات الستين.. 
غير ذلك.. فخطابك هراء.. وزبد يذهب جفاء!!..