أكد محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها على أن الوقاية من الفساد، موضوع يفرضه الوعي المشترك بالآثار الوخيمة للفساد على المواطنين، وعلى اقتصاداتنا، وعلى الحفاظ على الاستقرار وعلى الترسيخ المستدام لدولة الحق والقانون في بلداننا.
وأضاف في كلمة افتتاحية له خلال الندوة التي نظمتها الهيئة على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء 24 و25 أكتوبر 2023 بالرباط ندوة دولية حول موضوع "اثنا عشر سنة على إعلان مراكش: تعبئة إفريقية لتعزيز دور الوقاية من الفساد"، بحضور شخصيات رفيعة المستوى تمثل المنظمات الدولية، ومسؤولين من جميع جهات القارة الإفريقية.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد المتحدث ذاته على أن تعقد ظاهرة الفساد وتعدد أشكاله وتمظهراته يقتضي إحداث تغييرات جذرية في سياساتن، مشددا على أنه من خلال مقاربات شمولية واستراتيجيات متعددة الأبعاد تضمن الالتقائية، والتناسق القويين بين أنشطة مختلف الهيئات، والمؤسسات المعنية، وتضمن كذلك إشراك الفاعلين وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأضاف أنه في هذه السياق، تتحرك افريقيا اليوم لتعزيز الدينامية على مستوى القارة، بشكل أكثر شمولية للمشاركة في المجهود العالمي بشأن التفكير وتنفيذ ومواكبة العمل من أجل مكافحة الفساد، الذي يهدف إلى تحديد وحصر الرهانات المطروحة، والاستفادة من الأدوات التي من شأنها تمكين بلداننا، فرديا أو جماعيا، من القضاء على الفساد، وتمهيد الطريق نحو تنمية قوية ومُدمجة، ومستدامة قادرة على الاستجابة للآمال والتطلعات المشروعة لمواطنينا، من الأجيال الحالية والقادمة على السواء، كما أبرز أنه بات من المسلم به أن الفساد يوجد في مقدمة العوامل التي تقوض أسس سيادة القانون، وتؤدي إلى انتشار مختلف أشكال الشطط في استعمال السلطة، وتكريس الامتيازات والزبونية والمحسوبية، بما يساهم في عرقلة التنمية، والحد من المبادرة وكبح الطاقات، مما يدعو إلى التساؤل بشأن مبادئ تكافؤ الفرص، والوصول العادل إلى الوسائل، والشروط التي تضمن مشاركة أفضل في إنتاج الثروة، والتي تضمن كذلك توزيعًا أكثر عدالة لهذه الأخيرة.
ومن الواضح، حسب المتحدث ذاته، أن هذه الطموحات تتطلب استراتيجيات شمولية على المدى القصير والمتوسط والبعيد، متعددة الأبعاد تجمع في الوقت ذاته بين التربية والتوعية والوقاية وتعزيز الحكامة، بالإضافة إلى كشف وردع وزجر أفعال الفساد، وإذا كانت هذه المقاربة تفرض نفسها باعتبارها الوسيلة الوحيدة لمواجهة تفاقم وتعقد ظاهرة الفساد وتمظهراته، فإنه لابد من التأكيد على أن الوقاية تعتبر المحور المركزي والأساسي الذي تقوم عليه هذه الاستراتيجيات، هذا بالإضافة إلى أن الوقاية المهيكلة، المندرجة في صلب السياسات العمومية، هي وحدها القادرة على تهيئة الشروط اللازمة لتجفيف بؤر الفساد، ومنع انتشار الممارسات غير المشروعة، والتي تسمح تبعا لذلك بإعطاء الأبعاد الأخرى المتعلقة بالتربية والتوعية والكشف والزجر مصداقيةً وفعاليةً.