على إثر تصريحات الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة لبعض المنابر الإعلامية، تصريحات كانت مع مواقف الجمعيات الحقوقية التي نبهت من خطر تحصين الفساد بالمغرب، مؤكدا في تصريحه " أن الهيئة ترفض وبشكل صريح المقتضيات التي وردت في مشروع قانون المسطرة الجنائية والتي تغُل يد جمعيات حماية المال العام في تقديم شكايات حول ملفات الفساد." وموضحا بأن “موقف الهيئة واضح، ويجب أن تكون هناك ملائمة مع الالتزامات الدولية للمغرب، وبالتالي لا يمكن إزاحة حق المجتمع المدني في المساهمة في مكافح الفساد”. على تصريحات الراشدي رئيس الهيئة انتفض الناطق الرسمي باسم الحكومة ليخرج عن صوابه:
أولا، كوزير في حكومة، قيل عنها أنها حكومة كفاءات، وثانيا كناطق رسمي لها، ليقوم بمهاجمة علنية أمام الرأي العام الوطني والدولي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، التي هي مؤسسة دستورية ولها رأيها والتزاماتها اتجاه الرأي العام الوطني والمنتظم الدولي.
وقال الراشدي “يجب أن تبقى جميع الأبواب مفتوحة، ومبدئيا موقف الهيئة واضح مؤكدا على أنه لا يمكن للمغرب أن يتنصل من التزاماته وحرمان المجتمع المدني من حقه بغض النظر عن التبريرات المقدمة."
وإن موقف الجمعيات الحقوقية وجمعيات مكافحة الفساد والرشوة والإفلات من العقاب وما تلاه من مواقف مماثلة لهيئات سياسية ونقابية ومهنية (هيئة المحامين بالمغرب) جعل حكومة أخنوش في موقف حرج، مما دفع بالناطق الرسمي يتجاوز الأخلاق الدستورية ويهاجم بشكل غير مسؤول مؤسسة دستورية، حيث قال بايتاس مستغرباً: “واش الاختصاصات ديال هاد المؤسسة ما فيهاش تخليق الحياة العامة، ما فيهاش ترسيخ الحكامة العامة وثقافة المواطنة العامة؟ وبالتالي أين هو المجهود الذي قامت به المؤسسة في هذه المقتضيات المنصوص عليها بنص الدستور”.
هذا مع العلم أن الناطق الرسمي تجاهل أو يجهل بأن رئيس الحكومة هو المسؤول الأول عن تعطيل عمل هذه الهيئة.
وبالرغم من كل هذا فان الحكومة تتعرض لمزيد من حدة الضغوط والانتقادات التي تلاحق حكومة أخنوش وأساسا وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وهي تبدو الآن في وضع حرج، إذ أنها أصبحت مطالبة بالعودة إلى الدستور وبتصحيح أخطائها التي ارتكبتها دفاعا عن الفساد وعن رموزه وعن الإثراء غير المشروع وعن اشاعة الرشوة وبالكف عن الحط من كرامة واستقلالية الهيئات والمؤسسات الدستورية وفي مقدمتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. إن الناطق الرسمي باسم الحكومة لم يأخذ في الحسبان أنه في موقع غير الموقع الحزبي حيث يدافع عن أمينه العام، إنما هو في موقع يمثل نطق الحكومة ومنطقها حيث من الواجب احترام وتقدير الشعب المغربي وكل المؤسسات السياسية والنقابية والمدنية والجمعوية والهيئات الدستورية والرأي العام الوطني والدولي.
على الناطق الرسمي أن يراجع نفسه لأنه في كل مرة ينصب نفسه رئيسا للحكومة أو رئيسا للبرلمان ولأنه يفتقر الى الديبلوماسية التمثيلية وإلى الكياسة السياسية فعليه أن يعود إلى التكوين السياسي أولا وقبل كل شيء.