الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد السلام المساوي: خسة وكالة وبؤس كابرانات الجزائر

عبد السلام المساوي: خسة وكالة وبؤس كابرانات الجزائر عبد السلام المساوي

لم يعد الأمر مقتصرا في البذاءة تجاه المغرب من طرف بعض "صحافة" العسكر هناك على قنوات إخبارية أو صحف توصف بالمستقلة، فلقد تعودنا من القنوات التافهة والذباب الإعلامي التطاول على الرموز السيادية للمغرب، ببساطة لأن قاعات تحريرها توجد داخل الثكنات العسكرية وتتحرك بتمويلات الصناديق السوداء الموضوعة تحت إمرة جنرالات الحرب. لذلك كان من الطبيعي أن تتجرأ هاته الطفيليات الإعلامية على بلدنا وتقوم بحملات لا أخلاقية تمس أعراض الرموز وتسيء للدولة المغربية، ولا تتحاشى استعمال كل أشكال الاثارة أو التضخيم... لكن المنعطف الإعلامي الخطير اليوم أن تطور الأمر واستفحل الى أن مس وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، التي لم تعد تتردد في اللجوء إلى حقارة لا يمكن أن نصلها هنا في المغرب مهما بلغ اختلافنا مع من يدبرون الأمور هناك .

 

نصارح من يتحكمون في مصائر البلاد والعباد في ذلك البلد بخطورة ما يقترفونه وهم يلعبون بالنار وبأمن المنطقة. نعيد التأكيد كل مرة على أن وحدة وطننا الترابية أمر مقدس لكل مغربية ولكل مغربي. نفرق بين العسكر المتنفذ الذي يمسك بزمام الأمور منذ تسلمها من فرنسا وبين الشعب الطيب الذي خبرناه والذي نعرفه جيدا، ونعرف مدى حبه للمغرب، وعشقه للمغاربة .

لكن وسائل إعلامنا الرسمية لم تنجر أبدا لأي مساس ساقط بالبلد الجار، وتحرص دوما على أن توصل للمتحكمين في مفاصله أن هناك مراتب ودرجات لا ينبغي أن نبلغها أبدا.

 

إن بيت المملكة المغربية متين بقيادتها وشعبها، والأجدى بالمتطاولين، على شعبنا وقيادتنا، أن يكنسوا أمام بيوتهم، ويتأملوا في هشاشة بنيانهم، لأن ناطحات السحاب لا تجدي نفعا ما دامت أعمدتها على رمال متحركة تذروها الرياح. إنها عقدة المغرب التي ترقد تاريخيا في نظام العسكر الجزائري... ترقد حينا وتستيقظ عند كل انتصار للمغرب، ومع كل نجاح مغربي جديد، في أي ميدان من الميادين، يفقد نظام العسكر للسيطرة على نفسه، ويسير نحو مزيد من التهور والجنون.

 

لن نقبل إطلاقا، الآن وغدا، وبالأمس القريب والبعيد، أن تمس مقدسات المملكة المغربية..

لن نقبل أن يمس الملك محمد السادس؛ عرش متحرك يتربع داخل قلوب الشعب..

 

هناك اجماع وطني يوحد المغاربة حول ثوابت الأمة ومقدساتها، والخيارات الكبرى للبلاد، وأولها "الملكية الوطنية والمواطنة، التي تعتمد القرب من المواطن، وتتبنى انشغالاته وتطلعاته، وتعمل على التجاوب معها"؛ وثانيها، مواصلة الخيار الديموقراطي والتنموي بعزم وثبات.

 

إن حملات الهجوم التي تشنها وسائل الإعلام العسكري الجزائري، تنم عن وجود قصور في استيعاب طبيعة النظام السياسي للمغرب من جهة، ومن جهة ثانية بـ "عقدة" تجعل الواقفين وراء هذه الحملات الإعلامية يتحركون كلما راكم المغرب انتصارات دبلوماسية ...

فكلما حقق المغرب وملك المغرب بجهده الخاص توسيعا لمجال شراكاته الدولية خصوصا في إفريقيا، وكلما حافظ على استقرار قراره السياسي في العلاقات الدولية بدون اندفاع مصلحي ضيق، وكلما حصن المغرب وحدته الترابية ومغربية صحرائه باعتراف أعظم دولة في العالم، وكلما رفض المغرب الانحياز الى جبهات متصارعة كما حدث في ليبيا واليمن مثلا؛ نجد أصواتا اعلامية تدع كل المنجزات جانبا وكل المكتسبات التي حققها المغرب كدولة، وتصاب بالسعار والهذيان...

 

على وسائل الإعلام العسكري الجزائري أن تنزل إلى الأرض، أرض واقع الجزائر، أن تنزل بمهنية وموضوعية واستقلالية؛ أن تهتم نقديا بمشاكل الجزائر، وهي لا تحصى عددا وخطورة...

على وسائل الإعلام هذه أن تركز على مشاكل بلادها، فالمغرب بقيادة محمد السادس يشق طريقه نحو المستقبل، وهو طريق ملكي.. يشتغل، يفتح الأوراش الكبرى ولا يهتم بأبواق الكابرانات...

 

الجميع يدرك أن وكالة الأنباء الجزائرية ليست لها بها التنمية والديموقراطية والإنجازات لكي تروجها للعالم وللمواطن، ففضلت لبس لباس إعلام الحروب وارتداء رداء الدعاية السوداء لخدمة نظام سياسي فاشل، فهي لا تستطيع أن تحشد الرأي العام حول قضية الاحتجاجات الأسبوعية، أو ضد حرمان المواطن من مادة "البطاطا"، أو الوقوف عند مقاطعة أكثر من ثلثي الناخبين للانتخابات البلدية، لذلك تحاول التعويض عن دورها المفترض وصرف الأنظار عن الوضع السياسي والاجتماعي الهش، بحرب إعلامية تستهدف دولة جارة، والمبالغة والتضليل والكذب في أسلوب تصوير المغرب وقراراته الديبلوماسية، وذلك لكسب التأييد والدعم لفائدة العسكر، ومن ثم تعمل على تقديم الصورة السلبية لرموز بلادنا ومؤسساتها وتغذية الاعتقاد بأن ما يقوم به المغرب لحماية أمنه القومي ووحدته الترابية هو خطر داهم على الجزائريين وهذا منتهى التضليل والكذب.

 

باستطاعة وكالة المغرب العربي للأنباء أن تنخرط في حرب الوكالات وترد بالمثل على حملة التضليل والتدليس الاعلامي الجزائري، لكن لن تفعل ذلك لأن مؤسسات الدولة المغربية، سواء كانت سيادية أو دبلوماسية أو إعلامية رسمية، لا تنطلق من ردة الفعل، وبطبيعة الحال لأن دورها الأساسي هو العمل من أجل صالح البلاد وتنميتها وازدهارها وترويج ما هو إيجابي داخل الوطن، وقبل ذلك لأنها تدرك أن وقوع خلاف مع الجزائر لا يبرر التسرع في الاستغناء عن أخلاقياتها وعن اعتماد المصادر الموثوق بها والتحقق من صدقيتها.

 

هذا هو الفرق بين وكالتنا ووكالتهم، وهو فرق يختزل كل المؤسسات.

 

لكن لا بد من قولها بكل صراحة: صبرنا في هذا المكان المغربي العريق صبر يضرب به المثل منذ القديم . لكنه ليس صبرا بلا حدود... مقفلة كانت أم مفتوحة أم في "البين -  بين".