الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

الباحث بوزيد: دسترة آلية التعيين في المناصب العليا جاءت بهندسة ثنائية وبمقاربة تشاركية(1/2)

الباحث بوزيد: دسترة آلية التعيين في المناصب العليا جاءت بهندسة ثنائية وبمقاربة تشاركية(1/2) محمد ايت بوزيد

يتناول محمد ايت بوزيد، الطالب الباحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق بجامعة محمد الأول وجدة، في حلقتين، خص بها "أنفاس بريس"، أهم التعديلات التي جاء بها القانون التنظيمي رقم 08.21 الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور.

حيث جاء القانون بمقتضيات همت لائحة المؤسسات بالملحق رقم 1 التي يتم التداول في شأن تعيين مسؤوليها في المجلس الوزاري، وذلك بتغيير تسمية "مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة التابعين لوزارة الداخلية"، وذلك بإضافة عبارة الموظفين، بحيث استقر المشرع العادي على تسمية "مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة والموظفين التابعين لوزارة الداخلية"، وكذا تغيير تسمية "الهيئة المالية المغربية المكلفة بمشروع القطب المالي للدار البيضاء"، بتسمية "هيئة القطب المالي للدار البيضاء"، كما قام المشرع بإدراج مؤسسة "صندوق محمد السادس للاستثمار" ضمن لائحة المقاولات العمومية الإستراتيجية؛ كما همت التعديلات الملحق رقم 2 اللائحة المتعلقة بالمناصب العليا التي يتم التداول في شأنها في مجلس الحكومة تغيير تسمية "المجلس العام للتجهيز والنقل"، بتسمية "المجلس العام للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء:
شكل القانون التنظيمي رقم 08.21 سادس تعديل الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.20 بتاريخ 27 من شعبان 1433 (17يوليو 2012)، الجريدة الرسمية عدد 6066، الصادرة بتاريخ 29 من شعبان 1433 (19يوليو 2012)، ص 4235.
فالفصل 49 من الوثيقة الدستورية لسنة 2011 التي تنص أنه تحدد بقانون تنظيمي لائحة المؤسسات والمقاولات العمومية، وأن التعيين في المناصب العليا يتم عبر آلية التداول في المجلس الوزاري حسب ما جاء في نفس الفصل الدستوري، حيث أن التعيين يأتي باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، في الوظائف المدنية التالية: والي بنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي؛ والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الإستراتيجية.
حيث أن رئيس الحكومة يعين حسب الفصل 91 في الوظائف المدنية في الإدارات العمومية، وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية، دون الإخلال بأحكام الفصل 49 من هذا الدستور.
كما أن عملية التعيين في المناصب العليا لا تقتصر فقط على مناصب المسؤولية في المؤسسات والمقاولات العمومية الإستراتيجية المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من الفصل 49 من الدستور، بل التعيين وفق ما تضمنه الفصل 92 من الدستور يشمل أيضا الوظائف المدنية في الإدارات العمومية والوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية التي تتمثل في الكتابات العامة ومديريات الإدارات المركزية، ورئاسة الجامعات والعمادات،ومديريات المدارس والمؤسسات العليا التي يتداول فيها مجلس الحكومة بخصوص التعيين فيها، بمنطق يضمن تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية كمبادئ ومعايير في التعيين حسب الفقرة الأخيرة من نفس الفصل، ويأتي هدا التنصيص الدستوري لتكريس مبدأ الملاءمة للوثيقة الدستورية مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك في 31 أكتوبر 2003، التي صادق عليها المغرب بتاريخ 9 ماي 2007، حيث تنص في مادتها السابعة على اعتماد نظام للتوظيف يقوم على مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية، مثل الجدارة والإنصاف والأهلية في اختيار الأفراد لتولي المناصب العمومية وضمان تناوبهم على المناصب عند الاقتضاء، واعتماد تدابير تشريعية وإدارية مناسبة، بما يتوافق مع أهداف الاتفاقية لوضع معايير تتعلق بالترشيح للمناصب العمومية.
مما يلاحظ أن دسترة آلية التعيين جاءت بهندسة ثنائية وبمقاربة تشاركية بين ما يتداول فيه المجلس الحكومي فيما يتعلق بالتعيين في المناصب العليا وبين ما يتداول فيه المجلس الوزاري برئاسة الملك، فيما يتعلق بالتعيين في المناصب ذات البعد الاستراتيجي وذلك باستحضار احترام المراحل الثلاث:
1- المبادرة عبر آلية فتح مسطرة الترشيحات؛
2- اقتراح المترشحين من قبل رئيس الحكومة؛
3- التعيين بظهير ملكي.
مع العلم أن الملك يخول له الدستور والقانون التنظيمي قبول أو رفض اقتراحات رئيس الحكومة.
غير أن ما يشتت انتباه الباحث في موضوع التعيين في المناصب العليا واقترانه بالقانون التنظيمي رقم 02.12 هو كثرة التعديلات التي طرأت عليه، باعتباره من القوانين التنظيمية التي عرفت ست تعديلات منذ صدوره، وهو ما يشكك في مدى تماسكية النص القانوني وجودة الصياغة التشريعية وضمان الأمن القانوني إبان عملية الصناعة التضمينية، حيث أن النص لم يقارب ويؤطر جميع البنيات المؤسساتية، وكذا التي من الممكن إحداثها مستقبلا ومآلات التعيين مما يستوجب من المشرع تحيينها كلما اقتضت الضرورة.
ويمكن حصر التعديلات على مستوى إصدار ستة قوانين تغير وتتمم القانون التنظيمي رقم 02.12 حسب الترتيب الكرونولوجي من الأقدم إلى الأكثر تحيينا ضمن الزمن التشريعي والتي جاءت على الشكل التالي:
-التعديل 1: القانون التنظيمي رقم 23.16، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.120 بتاريخ 6 من ذي القعدة 1437 (10 غشت 2016)، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6490، الصادرة في 7 من ذي القعدة 1437 (11 غشت2016)، ص5855؛
-التعديل 2: القانون التنظيمي رقم 21.17، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.23 بتاريخ 8 من رجب 1439 (26 مارس 2018)، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6659، الصادرة بتاريخ 8 من رجب 1439 (26 مارس 2018)، ص 1716؛
-التعديل 3: القانون التنظيمي رقم 17.18، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.01 بتاريخ 2 من جمادى الأولى 1440 (9 يناير 2019)، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6744، الصادرة بتاريخ 10 من جمادى الأولى 1440 (17 يناير 2019)، ص 103؛
-التعديل 4: القانون التنظيمي رقم 17.19، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.120 بتاريخ 12 من محرم 1441 (12 سبتمبر 2019)، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6816، الصادرة بتاريخ 26 محرم 1441 (26 سبتمبر 2019)، ص 9313؛
-التعديل 5: القانون التنظيمي رقم 72.19، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.33 بتاريخ 21 من رجب 1441 (16 مارس 2020)، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6867، الصادرة بتاريخ 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020)، ص 1729؛
-التعديل 6: القانون التنظيمي رقم 08.21، صوت عليه مجلس النواب بالإجماع في الجلسة العمومية ليوم الثلاثاء 2 مارس 2021، في دورة استثنائية مشتركة بين مجلس النواب ومجلس المستشارين.
غير أن ما يستدعي الانتباه أن التعديلات طرأت على القانون التنظيمي رقم 02.12 همت بالأساس الملحقين المحددين لكل من الملحق رقم 1 المتعلق بلائحة المؤسسات والمقاولات العمومية الإستراتيجية والملحق رقم 2 المتعلق بلائحة المناصب العليا التي يتم التداول في شأنها في مجلس الحكومة.
جاءت تعديلات القانون التنظيمي رقم 08.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور، على مستوى كل من الملحقين المتضمنين في القانون على الشاكلة التالية:
I.الملحق رقم 1 المتعلق بلائحة المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية
تحدد المادة 2 /الفقرة 1 من القانون التنظيمي 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا في الملحق الأول لائحة المؤسسات العمومية والاستراتيجية في البند (أ) التي يعين المسؤولون عنها بظهير بعد المداولة في المجلس الوزاري، بناء على اقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني.
كما تحدد المادة في الفقرة الثالثة لائحة المقاولات العمومية الاستراتيجية في البند (ب) التي يعين المسؤولون عنها بظهير بعد المداولة في المجلس الوزاري، بناء على اقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني.
- 1 على مستوى لائحة المؤسسات العمومية الاستراتيجية في البند (أ)
1.1. مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة والموظفين التابعين لوزارة الداخلية.
القانون التنظيمي رقم 08.21 على مستوى الملحق الأول في البند (أ) المتعلق بالمؤسسات العمومية والاستراتيجية أضاف ضمن اللائحة مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة والموظفين التابعين لوزارة الداخلية، حيث تمت إضافة الموظفين التابعين لوزارة الداخلية بعد أن كان القانون التنظيمي رقم 23.16 قد أضاف هذه المؤسسة في الملحق الأول لكن تحت تسمية مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة التابعين لوزارة الداخلية.
إن تغيير التسمية جاءت تماشيا مع التعديل على مقتضيات المادة 29 من القانون رقم 38.18 المتعلق بإعادة تنظيم مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة التابعين لوزارة الداخلية الذي وافق عليه مجلس المستشارين في 7 يوليوز 2020. والذي أحيل على مكتب مجلس النواب كما صادقت عليه الغرفة الثانية بتاريخ 8 يوليوز 2020 والذي بدوره أحاله على لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة في 9 يوليوز 2020، قبل أن يصادق عليه بالإجماع في الجلسة العمومية ليوم 20 يوليوز 2020، بعد تعــديل المادة 29 من طرف مجلس النواب، قبل أن ينشر في على الجريدة الرسمية عدد 6908، الصادرة بتاريخ 23 من ذو الحجة 1441 (13 أغسطس 2020)، ص 4367.
جاءت المادة 1 من القانون لتحديد التسمية الجديدة للمؤسسة بحيث يعاد، تنظيم» مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة التابعين لوزارة الداخلية»، المحدثة بالمرسوم بقانون رقم 2.80.520 الصادر في 28 من ذي القعدة 1400(8 أكتوبر 1980) المصادق عليه بموجب القانون رقم 34.80 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم1.80.443 بتاريخ 17 من صفر 1401(25 ديسمبر 1980). وتحمل تسمية"مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لفائدة رجال السلطة والموظفين التابعين لوزارة الداخلية". ويشار إليها بعده باسم المؤسسة، وينخرط فيها لزوما الموظفون المشار إليهم في المادة 4 من القانون.
حيث لم تعد مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية مقتصرة على رجال السلطة، بل أصبحت المؤسسة مفتوحة في وجه كافة الموظفين العاملين بوزارة الداخلية بمختلف فئاتهم وأصنافهم ودرجاتهم، عبر اعتماد مبدأ الانخراط لموظفي وزارة الداخلية المزاولين مهامهم، مع فتح باب الانخراط أمام الموظفين الموضوعين رهن إشارتها أو الملحقين لديها أو المتعاقدين معها، وكذا استمرار المنخرطين المحالين على التقاعد وأزواجهم وأبنائهم في الاستفادة من خدمات المؤسسة.
2. على مستوى المقاولات العمومية الاستراتيجية، البند (ب)
2.1. تغيير تسمية الهيئة المالية المغربية المكلفة بمشروع القطب المالي للدار البيضاء إلى هيئة القطب المالي للدار البيضاء
نظرا لأهمية المراكز المالية في استقطاب الرساميل الأجنبية وتعزيز الجاذبية المالية بدأ المغرب في تأهيل القطب المالي للدار البيضاء حتى يتمكن من الاستجابة لاحتياجات الشركات والمقاولات التي تريد الاستثمار في القارة السمراء.
وعلى هذا الأساس أصدرت الحكومة، وبناء على مقتضيات الفصل 81 من الدستور المرسوم بقانون رقم 2.20.665 صادر في 12 من صفر 1442 (30 سبتمبر 2020)يتعلق بإعادة تنظيم القطب المالي للدار البيضاء، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6922، بتاريخ 13 من صفر 1442 (فاتح أكتوبر 2020)، ص 5701.
ولتوضيح معايير برنامج النشاط المطلوب على صفة القطب المالي للدار البيضاء ولتحديد عمولات الدراسة وجزاءات التأخير تم إصدار مرسوم رقم 2.20.841صادر في 8 من جمادى الأولى 1442 (23 ديسمبر 2020) بتطبيق المرسوم بقانون رقم 2.20.665 الصادر في 12 من صفر 1442 (30 سبتمبر 2020) يتعلق بإعادة تنظيم القطب المالي للدار البيضاء، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6946، بتاريخ 9 من جمادى الأولى 1442 (24 ديسمبر 2020)، ص 8498.
اعتبر المشرع حسب ما تنص المادة 1 من المرسوم بقانون رقم 2.20.665 أن القطب المالي يخضع لأحكام هذا المرسوم ويفتح مجاله بنص تنظيمي للمقاولات المالية حسب منطوق المادة 4 والتي حصرها في 5 أصناف من المقاولات المالية وكذا المقاولات غير المالية حسب المادة 5 والمحددة في 3 أصناف.
لا شك أن تغيير تسمية المؤسسة من الهيئة المالية المغربية المكلفة بمشروع القطب المالي للدار البيضاء وإدراجها باسم هيئة القطب المالي للدار البيضاء ضمن المقاولات العمومية الإستراتيجية في البند (ب) ضمن القانون التنظيمي رقم 02.12 جاء للتأكيد على الأهمية الاستراتيجية التي أصبحت تكتسيها هذه المؤسسة والمهام التي تتكلف بها حسب منطوق المادة 2 من المرسوم بقانون سواء في النهوض المؤسساتي بالقطب المالي وإدارته، أو في دراسة طلبات الحصول على صفة القطب المالي للدار البيضاء، وكذا التأكد من احترام المقاولات المكتسبة لصقة القطب المالي للدار البيضاء للالتزامات التي تعهدت بها.
حيث أن منح صفة القطب المالي ما يجعل من منح إطار مؤسساتي خاص للمنطقة المالية للدار البيضاء ما يكفل لها الجاذبية على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية بمقتضى المادة 3 من المرسوم بقانون، يروم بالأساس في تأهيل النسيج المقاولاتي من أجل ضمان الشفافية في الأعمال المالية والأنشطة المزاولة داخل القطب المالي، وفق ما تستجوبه الظرفية من تطوير للخبرة التقنية والتكنولوجية لهذه الديناميات المقاولاتية بما يحقق التنمية المطلوبة، وهذا ما حاول المشرع أن يجيب عليه.