الخميس 25 إبريل 2024
خارج الحدود

المشاركون في القمة العالمية للتسامح يطالبون بجعل الأديان طاقة إيجابية بدلا من تحويلها إلى أسباب للدمار

المشاركون في القمة العالمية للتسامح يطالبون بجعل الأديان طاقة إيجابية بدلا من تحويلها إلى أسباب للدمار صورة جماعية للمشاركون في القمة العالمية للتسامح
اختتمت القمة العالمية للتسامح أعمالها بجلستي عمل بحث فيها المشاركون سبل تعزيز ثقافة التسامح والحوار مع الآخر ودور الحكومات والقيادات السياسية والدينية والشباب في إحلال الأمن الاستقرار.
وعقدت القمة في دورتها الثانية تحت شعار "التسامح في ظل الثقافات المتعددة تحقيق المنافع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وصولا إلى عالم متسامح "برعاية الشيخ محمد بن راشد أل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ومشاركة 3265 شخصية رفيعة المستوى من مسؤولين وخبراء وأكاديميين ورجال دين  وقيادات مسؤولة في مؤسسات وهيئات وجهات محلية وإقيمية وعالمية.
وناقش المشاركون سبل غرس السلام المجتمعي والوئام الداخلي لدى المجتمعات، وأهمية التخطيط الإستراتيجي وصولا إلى الاستقرار، متطرقين إلى دور الحكومات والقيادات الدينية والتعليم في خلق جيل واعي في كيفية بناء التسامح والمحبة في المجتمعات، ودور الأسرة في منظومة التربية وإشاعة روح التسامح والمحبة وأهمية توسيع مشاركتها مجتمعيا، مطالبين "البشرية" بالصمود وخلق مجتمعات أكثر تسامحا وانفتاحا.
تحدث في الجلسة الدكتور أحمد السنوني، منسق اللجنة العلمية في مؤسسة تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وجمال فودة إمام وخطيب مسجد النور بنيوزيلندا، وصلاح عبيد  الغول مدير عام حماية المجتمع والوقاية من الجريمة، والشيخ خالد بن خليفة آل خليفة رئيس مجلس الأمناء في مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وفيكتور تشان مؤسس مركز الدالاي لاما للسلام والتعليم بكندا، والأب رفعت بدور مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، فيما تولى إدارة الجلسة الحوارية سهيل غازي القصيبي  مؤسس ورئيس مجلس أمناء المؤسسة البحرينية  للحوار.
واستهل فيكتور تشان حديثه قائلا: إنه ترعرع في هونغ كزنغ التي كانت مثال للبيئة المتسامحة، وكيفية تحول المجتمع فيها من مجتمع متسامح إلى آخر ساخط، معتبرا أن  هذا المشهد يتكرر في أكثر من بقعة في العالم نتيجة لجملة من التغيرات والاحتقانات، معتقدا أن تغيير السلوكيات من أصعب الأمور التي قد يختبرها المرء، مشددا  على أهمية التعليم في سن الطفولة المبكرة، والتحرر من الأنا، والتعود على التفكير بصورة منفتحة، لأن ذلك يجعل الأشخاص متوافقين مع أنفسهم.
وتحدث أحمد السنوني من مؤسسة تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة أن التسامح  يشهد تراجعا يعكسه تزايد مشاهد العنف والقتل ورفض اللاجئين، والقتل العبثي وهذا واقع  لكن السؤال المطروح هنا لماذا؟ فلا يوجد سبب يبرر القتل، مؤكدا أن الحل يكمن في تصحيح التصورات، مستشهدا بما ورد في ديباجة اليونيسكو بأن الحروب تولد في عقول الناس، وعليه فإن تصحيح  التصورات حول القيم الإنسانية المشتركة، يجب أن يتم بمشاركة علماء الدين الذين ينبغي أن  يكونوا جزء من الحل وليس المشكلة، وجعل الدين طاقة إيجابية بدلا من تحويله إلى سبب للدمار، مطالبا بالتركيز على الشباب في تصحيح التصورات.

وتطرق إلى التوعية بالمخاطر المشتركة التي تهدد الإنسانية وتطال البيئة والحروب وحدوث المجاعات، وقال لا بد من إيقاف هذه السيرورات المدمرة، فالشباب يحتاجون إلى القدوة والنموذج لا سيما أن العظماء المؤثرين، حققوا نجاحاتهم  بالتسامح وعدم الانتقام، مع  التركيز على المجال الرمزي كالفنون والآداب.
واستهل الأب رفعت بدور مدير عام المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام  في الأردن، حديثه بالترحم على كاهن قتل أثناء توجهه إلى دور الزور السورية، قائلا  أشعر بالأسى لأن البغض والترويع وقتل الآخر مازال موجودا فالكاهن لم يقتل لخلاف اجتماعي بل لأنه كاهن وهذا ما يؤلم فهناك ما زال أشخاص يتألمون بسبب عقيدتهم وإيمانهم ومشاعرهم الدينية.
وقال اللا تسامح موجود وقد شهدنا قديما الآلام والمآسي لأننا نظرنا إلى الآخر المختلف عرقيا واثنيا ودينيا، مشيرا إلى أن هذه الصورة القاتمة يقابلها حقيقة مهمة وهي عدم الإستسلام  فبالرغم من وجود القتل والترويع والغاء للاخر، إلا أن  هناك فرق وجيوش تسامح وتنقذ من لم يسقط في براثن الفساد العقلي.
الشيخ جمال فودة إمام وخطيب مسجد النور في نيوزلندا، تطرق إلى المجزرة التي وقعت في المسجد  قبل عامين، واصفاً من قام بالإجهاز على مصلين في بيت الله بأنه شخص مضلل يملؤه الغضب، مشيرا إلى أن هذه الواقعة لم  تفرق الجتمع  وكان أول رد فعل من المجتمع الاسلامي عدم التعميم  بفعل رجل حاقد مغيب نتيجة الأفكار المغلوطة وعملية  التضليل والممنهجة التي مورست عليه، مضيفا أن الواقعة زادتهم تمسكا بقيمهم  الإنسانية، مشددا على دور القادة القوي ودور  التعليم.
وتحدث صلاح عبيد الغول ممثلا عن وزارة الداخلية مدير عام حماية المجتمع والوقاية من الجريمة، عن الأمن والأمان الذي تعيشه الدولة بفضل رؤية مستنيرة تتبعها القيادة في الدولة، متحدثا عن وجود وزارة للتسامح ومشاركات خارجية  وداخلية لتكريس التسامح والحوار مع الآخر.
ودعا الشيخ  خالد  بن خليفة آل خليفة  رئيس مجلس الأمناء في مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلم إلى التفاؤل، عازيا ذلك إلى وجود  قيادات  سياسية  تؤمن ايمانا راسخا بالتعايش السلمي والتسامح بل وأثبتت ذلك والإمارات هنا تواصل المسيرة التي أرسى دعائم التسامح فيها المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، وتحدث عن تسامح الأديان الذي تشهده البحرين من أكثر من 200 سنة عندما تم تشييد أول كنسية عام 1893 ومعبد هندوسي، مشيرا إلى أن روح التسامح متجذرة لأنهم أدركوا أهمية حرية العبادة والتسامح. وذكر أن الدول المنفتحة لا تعاني الصدامات والانغلاق، وأن بعض الدول اختارت الطرف الآخر فتخلفت دولها عن التنمية ووصل بها الحال إلى الدخول في  حروب أهلية.
وجدد أحمد السنوسي دعوته لتصحيح التصورات ورفض استغلال الدين للإساءة وطرح مبادرات عملية، فالدين ليس مجرد صلاة ومواعظ فهو معاملة ومبادرات خيرية وإنسانية، وقال إن السلم ينبغي أن يكون في سلم الأولويات قبل العدل والحقوق، فبدون السلم لا وجود لحياة الناس.