السبت 20 إبريل 2024
رياضة

لحسن العسبي: ما أجمل القدر الجزائري - المغربي

لحسن العسبي: ما أجمل القدر الجزائري - المغربي فرحة رياض محرز بالتأهل لنهائي "كان 2019" وفي الإطار الكاتب والصحافي لحسن العسبي

هل كان لابد أن يكون رياض محرز، بالضبط، هو الذي سيحرر صرخة عارمة انطلقت في ذات اللحظة من نواكشوط حتى السويس، مرورا بأكادير والدار البيضاء وفاس ووجدة ومغنية ووهران والشلف والجزائر وتيزي وزو والقسنطينة وعنابة وتونس والحمامات والقيروان وطرابلس وبنغازي والإسكندرية والقاهرة وأسوان والخرطوم؟

ما أجملها من صرخة، فرحا بالولد الجميل ويسراه الساحرة، وتلك التقويسة والانحناءة التي تكون للفنان (وليس فقط للاعب)، وفرحا بالقميص الوطني الذي يبلله بعرق الرجال. لم يخطئ أهلنا المغاربة حين رفعوا اللافتة عالية من "فاس" (وكونها من فاس فهي لها معنى الامتداد والتاريخ والحضارة): "أنا مغربي، إذن أنا جزائري".

وها هو مكر القدر الجميل، يمنحنا أمام الأشهاد، وأمام الملايين من أبناء الحياة بكامل الكرة الأرضية (سجلت تلك المباراة متابعة من مليار ونصف المليار من المشاهدين عبر العالم)، أن يكون رياض محرز، الخلوق، ولد الناس، إبن مدينة تلمسان (شقيقة فاس في الحضارة والتاريخ)، هو صانع الخرافة التي لا تصدق، وفي الوقت الميت للمباراة.

أن يكون بالضبط هو رياض محرز، الذي حين أطلق يسراه تجاه الكرة، كان الدم الدافق من القلب ممزوجا من دم والده الجزائري وأمه المغربية. أي قدر جميل هذا الذي يقصف أهل السياسة في بلدينا. فالقدم التي سجلت معجونة بسرنا المشترك إنسانيا في الجزائر والمغرب. هنا الكيمياء أكبر من حسابات اللحظة السياسية الآنية.

شكرا لـ "أبو عناية" على ما منحنا من لحظة خالدة في الحب وفي التاريخ وفي الانتماء. ("أبو عناية"، لأن رياض محرز هو أب لطفلة اسمها "عناية". وهذا اسم أمازيغي بامتياز، لا يزال ساكنا أعالي الأطلس المغربي وأعالي الأوراس الجزائري إلى اليوم).