السبت 20 إبريل 2024
في الصميم

صور ملك يكره سلاسل العرش

صور ملك يكره سلاسل العرش

مازالت صور الملك محمد السادس في زيارته لهولندا تحظى بإعجاب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنها صور خارجة عن المألوف ومتحللة من أي بروتوكول. ويحرص الملك في معظم زياراته، الرسمية منها وغير الرسمية، على أن يسرق بعض اللحظات الحميمية مع أفراد الجالية المغربية، يتخلص فيها من "تاج المُلك" ومن "الحرس" و"الحاشية"، ليعيش في جلباب "مواطن مغربي" بتواضع المغاربة وحياة النجوم الذين يسرقون الأضواء ويتهافت عليهم المعجبون لالتقاط الصور معهم.

الملك الذي كسر كل الطابوهات أصبح كثير المفاجآت، وربما يظهر هنا وهناك، في هذه العاصمة أو تلك مرتديا أزياء شبابية تحمل آخر صيحات الموضة.. لا يضع ربطة عنق أو بدلة أو حذاء لامعا..

في ساحل العاج أو الغابون أو الإمارات العربية  أو تونس أو تركيا أو روسيا أوالتشيك أو هولندا... "تصعق" الجاليات المغربية بعواصم هذه الدول بصورة ملك بشوش بـ"التيشورت" وسروال الجينز والحذاء الرياضي و"الشاشية" المغربية. في البداية هناك من يصدق أن الرجل الذي يمشي بخطوات متواضعة خالية من أي كبرياء أو غطرسة، ربما هو "شبيه" للملك، لكن حين "يقتربون" من الصورة يتنبهون إلى أنها صورة ملك مفعم بالحياة يكره القيود وسلاسل العرش. صور ملك "أعزل" يتجول في الأحياء الشعبية بأريحية، ويزور المطاعم، كسرت نمطية الزعماء العرب وملوك الخليج الذين لا يخرجون إلا تحت حراسة المدرعات والبوارج الحربية وبنادق القناصة.

اختار محمد السادس أن يجعل من عرشه "متحركا" وليس راسخا في القصور ومجرد قطعة من الخشب الموشى بالذهب.. اختار أن تدب فيه الحياة.. اختار أن يتقاسم معه الشعب بكل حب.

الملوك العلويون في تاريخ الآداب السلطانية عروشهم لا تكاد تغادر أروقة القصور، إلا محمد السادس وجده الحسن الأول الذي قاد أكبر "حركة" في تاريخ الدولة العلوية لإخماد الفتن ومطاردة المتمردين. ربما ما يحرك محمد السادس هو الشعور بالانتماء إلى هذا المغرب العريق والعميق. ينفض عما يحيط بالملكية من تمثلات الصرامة والأورثوذكسية، وهو بذلك يقدم درسا إلى أصغر مسؤول في الدولة حوله منصبه إلى "مارد" يرى الناس "أقزاما"، وجعل أبواب مكتبه من فولاذ.

الكرسي مهما علا شأنه وارتفعت وجاهته ليس معناه أن تتخلص من الإحساس بـ "النبل" و"التواضع"، وتحرق "قوارب" الإنسانية التي تجعلك في واد وطبقات الشعب في واد. تواضع الملك وهو يلتقط الصور بعفوية أو تلقائية كأي نجم من نجوم المجتمع، هو ما يغذي هذا الحب بينه وبين المغاربة من جهة، ومن جهة أخرى يقدم دروسا في الحب والوفاء. فالطريق إلى قلوب بسطاء هذا الوطن لا يحتاج إلى قنوات أو وسائط أو خطب للتهييج، بل إلى ما تملكه من فيض إنساني وطاقة من الحب والإخلاص والوفاء والصدق. هذه الأوصاف القادرة على أن تجعلك بقوى "ساحر" و"سارق" للقلوب.