الأحد 6 أكتوبر 2024
في الصميم

خوفا من «تعمار الشوارج» بالدارالبيضاء؟!

خوفا من «تعمار الشوارج» بالدارالبيضاء؟!

18 مليون درهم، هو المبلغ الذي يتعين أن تنفقه الدار البيضاء يوميا لاحترام ما تم الالتزام به أمام الملك تنفيذا للمخطط الممتد من 2015 إلى 2020.

فالغلاف المرصود للمخطط هو 33.6 مليار درهم للسنوات الخمس المذكورة، أي ما يمثل 6 مليار و600 مليون درهم كل عام. وهذا مبلغ ضخم جدا لم تألفه الدارالبيضاء من قبل. فإنفاق مليار و800 مليون سنتيم كل يوم، معناه أن على الدار البيضاء أن تنجز في كل يوم مشروعا من حجم شارع أنفا (كلفة إعادة تهيئة المقطع الأول من شارع أنفا بلغت ملياري (2) سنتيم تقريبا). من هنا يحق التساؤل: هل للدار البيضاء القدرات البشرية والتقنية لرفع هذا التحدي؟ هل لديها الأطر المتمرسة والكافية لتتبع وتيرة صرف هذه المبالغ؟ هل لديها الخبراء لإعداد الدراسات وصياغة كنانيش التحملات ولمواكبة الأوراش؟ هل لديها الرغبة لإعداد الصفقات والإعلانات واحترام الآجالات المحددة في المساطر والدوريات؟

فشارع واحد مثل شارع القدس (وهذا مجرد مثال) تعاقب عليه أربعة ولاة وخمسة عمال ومازال الورش لم يكتمل بعد (عند مقطع مكة قرب مخفر الشرطة)، وتوسيع قنطرتي كابلام (بالبرنوصي) والناظور (بالفداء) تطلب تصفية وعائها العقاري أزيد من خمسة أعوام، وتحرير الغابة الخضراء بحي مولاي رشيد أو حديقة العمالة بسيدي عثمان يتطلب الاستعانة بفيالق «القبعات الزرق» لفتح سياج الحديقة في وجه المواطنين!!

إذا كان الأمر كذلك، ما هي الضمانة لتصرف الدار البيضاء ملياري (2) سنتيم كل يوم وفي الأوجه المخصصة لها؟

فنحن دخلنا للسنة الثانية من الاستحقاق الملتزم لتنفيذ المخطط الخماسي الخاص بالبيضاء، وهي فترة ملائمة لصانعي القرار لتقييم ما سطر أمام الملك، وهل تسير الأوراش كما خطط لها، أم أن ما قيل للمواطنين من طرف السلطات مجرد «تعمار شوارج».

صحيح، أن المدينة اهتدت إلى مونطاج مؤسساتي مرن يساعد على تسريع الوتيرة ويتحرر من أغلال البيروقراطية المتكلسة، ونعني بذلك شركات التنمية المحلية. إلا أن هذه البنية مازالت رهينة الصراعات ورهينة الشك المتبادل بين المنتخبين والخصوم السياسيين. بدليل أن شركة «الباركينغ» لم «تضرب ضربة» أو «تحفر حفرة» في مرأب باطني سواء في ساحة المهدي بنبركة قرب توين سنتر أو في حديقة راسين قرب فندق بالاص أنفا أو في ساحة الحمام بالحي الإداري.

فإذا أسقطنا الترامواي الذي يسير وفق الالتزامات المسطرة، نجد بأن الأسئلة المقلقة تكبر كلما فتحنا باقي المشاريع الملتزم بها أمام الملك. فالصحراء وما تمثله من رهان سياسي للبلاد وما تشغله من نصف مساحة المغرب تقريبا رصد لها المشرع 77 مليار درهم لعشر سنوات، في حين خص المشرع للدار البيضاء 33.6 مليار درهم لخمسة أعوام.

من حقنا ومن حق المغاربة أن يضعوا أيديهم على قلوبهم مخافة أن تفشل السلطات في أجرأة ما تم الالتزام به وإخراج مخطط الدار البيضاء في الوقت المسطر له.

ففي تارجيست وقع مؤخرا «اقتتال» بين المنتخبين والفاعلين المدنيين على كيفية صرف 194 مليون سنتيم كفائض للاستثمار لسنة 2016 كاملة بما يعود بالخير على سكان عاصمة الريف (ما يعادل 5000 درهم في اليوم)، في حين لم نسمع صوتا لدى هذا الحزب أو لدى تلك الجمعية يرتفع بالدار البيضاء محذرا من تجميد صرف 660 مليار سنتيم في السنة، ومنبها من تباطؤ ضخ ملياري (2) سنتيم في اليوم في العاصمة الاقتصادية.