الجمعة 26 إبريل 2024
في الصميم

يا سادة، الناطق الرسمي باسم القصر جاء "ليسد" فم بنكيران وليس لإخبارالرأي العام

يا سادة، الناطق الرسمي باسم القصر جاء "ليسد" فم بنكيران وليس لإخبارالرأي العام

بعد نشر"أنفاس بريس" لمقال تهكمي واستنكاري لحرمان المغاربة من الحق في المعلومة بشأن ماتم إقراره من تعيينات في المجال الديبلوماسي والإدارة الترابية وعدم إصدار اللائحة الرسمية للأسماء المعينة، تقاطرت التعليقات والاستفسارات على إدارة الموقع متسائلة عن سبب تحميلنا مسؤولية التكتم للناطق الرسمي باسم الحكومة وليس للناطق الرسمي باسم القصر الملكي. بعض التعليقات ذهبت الى القول إن الأسماء المقترحة للتعيين في المناصب السامية في المجالس الوزارية لا يصدر بشأنها أي بلاغ إلى حين موافقة الدول على أسماء السفراء !
وهنا نود أن نوضح بعض الأبجديات والبديهيات والسوابق كذلك:
أولا: الناطق الرسمي باسم القصر لم يخلق لإخبار الرأي العام بالمجريات المفصلة للمجالس الوزارية. بل تم بعث الروح في مؤسسة الناطق باسم القصر لكي "يسد" بنكيران فمه. خاصة وأن عبد الإلاه بنكيران كرئيس الحكومة منذ أن تم تعيينه في هذا المنصب وهو يمطرق الرأي العام بالنكت "الحامضة" من قبيل: "كال لي الملك"، "كلت للملك"، "تعشيت مع الملك"، " كب لي الملك أتاي". ونظرا للإسهال الذي أصاب رئيس الحكومة في هذا المجال كان لابد من ابتكار "لقاح سياسي ومؤسساتي" ضد "حموضية" زعيم الحكومة الملتحية، فتم إحياء مؤسسة الناطق الرسمي باسم القصر لقطع الطريق على كل من يود استغلال اسم الملك في تنافسه السياسي مع خصومه،بحكم أن الملكية ليست "أصلا تجاريا" بيد هذا الحزب أو ذاك، بل هي ملك للمغاربة جمعاء، ولا حق لأي كان أن يتكلم باسمها حتى لو كان رئيس حكومة. فهناك دستور يؤطر علاقة المؤسسات بعضها ببعض ولا مجال للاستمرار في "لبسالة السياسية".
ثانيا: الحكومة – في شخص الوزراء- هي من اقترح أسماء المعينين في المناصب السامية، وبالتالي فالحكومة ملزمة قانونا بإخبار الرأي العام بأسماء من تم تكليفهم بمهام رسمية. فالمطالبة بهذا الحق لاينتهك سرية الدفاع الوطني أو أسرار حربية أو معلومات اقتصادية ومالية وقضائية في غاية السرية.

ثالثا: القول بأن الحكومة لا تريد الكشف عن أسماء السفراء  "دابا" بدعوى أن الدول الأجنبية لم تمنح موافقتها بعد، هو قول مردود عليه بالنظر إلى أن الأسماء عادة ما تعلن مباشرة بعد التعيين، بل وأحيانا ينقل حفل أداء القسم على الهواء والأثير. ثم حتى على افتراض أن هذا الطرح مسنود شرعيا (وهو ليس كذلك)، فما القول في عدم نشر لائحة العمال الجدد إلى اليوم. هل يحتاج الأمر هو الآخر لموافقة مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الأوربي؟

رابعا: القول بأن الحكومة تتكتم عن نشر الأسماء حتى لا تتهم بالتطاول على المجال المحفوظ للملك. فهذه بدعة ماعهدنا سماعها، علما أن الحكومة – في شخص رئيسها- منذ مدة وهي تتطاول على المجالات المحفوظة للملك: ألم يتطاول عليها بنكيران في المجال الديني؟ ألم يتطاول عليها في مجال المؤسسات الاستراتيجية و"التقلاز من تحت الجلابة" على كبار مسؤولي هذه المؤسسات؟ ألم يتطاول بنكيران على المجال المحفوظ للملك في الإدارة الترابية لما شرع يوزع الوعد والوعيد على الولاة والعمال ويهددهم تحضيرا للانتخابات البرلمانية المقبلة؟ ألم يتطاول عليها لما أعطى رئيس الحكومة الملتحية الضوء الأخضر لأتباعه بالتشكيك في العمليات الإرهابية ولم يغير موقفه حتى اقترب سيف الإرهاب من عنق وزيره في العدل مصطفى الرميد بعد إدراج اسمه في قائمة "الزنادقة" الواجب إهدار دمهم من طرف أبناء "سيدنا" أبو بكر البغدادي؟

إذا كان الأمر كذلك فما الذي جعل الحكومة تؤمن اليوم بالمجال المحفوظ للملك والمجال المحفوظ للوزراء؟

لقد قلناها ونكررها الآن، إن حجب المعلومات عن الرأي العام ورفض نشر اللائحة الرسمية للعمال والسفراء له معنى واحد ألا وهوأن السلطات العمومية تتعامل مع المغاربة مثل "بوزبال" وليس كمواطنين من حقهم أن يطلعوا على المعلومات العامة والبسيطة للقطع مع عهد الشائعات والأخبار المسربة لغاية في نفس الحكومة. إن دولة المؤسسات لن يستقيم بناؤها إن لم تحترم هذه القاعدة البديهية ولم تتحمل الحكومة مسؤوليتها في إخبار الرأي العام في الحين.