إشراف وتقديم: أحمد فردوس
تحيي جريدة “أنفاس بريس” من خلال سلسلة حلقات “ذاكرة رمضان” ذكرى أحداث فارقة وشخصيات عظيمة وُلدت وأخرى رحلت في هذا الشهر المبارك. سنتناول ملوكًا تركوا بصماتهم في تاريخ الحكم، وعلماءً أثروا الفكر والمعرفة، وفقهاء أسسوا مدارس اجتهادية، ومقاومون كان لهم دور كبير في مقاومة الإستعمار وقدموا تضحيات في سبيل حرية الوطن واستقلاله، وأدباء وشعراء رسموا بالكلمات ملامح عصرهم، ورياضيين وفنانين حملوا اسم المغرب والأندلس إلى آفاق جديدة.
من قرطبة إلى فاس، ومن مراكش إلى غرناطة، شهـدت هذه الأرض ولادة عباقـرة ورحيل كبار، وكأن الزمان يختار هذا الشهر الكريم ليكرم فيه عباده، فيجعل لحظات قدومهم إلى الدنيا أو وداعهم لها تتـزامن مع أيـام الرحمة والمغفرة. إن رمضان ليس شهر النسيان، بل هو شهر الوفاء، ومن واجبنا أن نُحيي ذكراهم، وننفض الغبار عن صفحات مشرقة من تاريخنا، وأن نربط الحاضر بالماضي لنستفيد من تجارب الذين عاشوا ورحلوا تحت نور هذا الشهر المبارك.
“ذاكرة رمضان” ليست فقط رحلة عبر التاريخ، بل هي دعوة للتأمل في عمق التجربة المغربية والأندلسية، ولإعادة الإعتبار لمن أسهموا في تشكيل هذا الإرث الثقافي العظيم حتى لا نقع في فخ النسيان، الذي يُقال إننا لا نملك سواه. وهي أيضا سلسلة حلقات توثق لشخصيات مغربية حديثة ولدت وأخرى توفيت في هذا الشهر العظيم خلال هذا القرن، منهم الأحياء والأموات، شخصيات فاعلة ناجحة ومتألقة في مجالها.
ـ إليكم الحلقة 12 من سلسلة حلقات ”ذاكرة رمضان”
1 ـ في مثل هذا اليوم كانت ولادة العلامة عبد الواحد الحسني السجلماسي
كانت ولادة العلامة عبد الواحد الحسني السجلماسي يوم الأربعاء 12 رمضان من العام 933 هجرية، في أسرة علمية مشهورة بالدين والعلم والصلاح، وتوفي رحمه الله يوم الخميس 25 رجب من العام 1003 هجرية.
يذكر أن العلامة السجلماسي حين استقراره بمدينة مراكش، اتصل بالأمراء السعديين وعمل في بلاطهم منذ المراحل الأولى لتأسيس دولتهم حيث عُين كاتبا عند الوزير محمد بن عبد القادر بن السلطان محمد الشيخ، وتولى أيام أحمد المنصور خطة الفتوى كما كان يُنيبه عنه في قضايا المظالم التي كان المنصور يجلس لها بنفسه أيام الجُمَع بعد الصلاة للاستماع إلى شكاوى الناس وإنصافهم، ويكلفه بتحرير بعض المراسلات والوثائق المهمة، وإلى جانب ذلك كان العلامة السجلماسي من الملازمين للتدريس في جامع المواسين بالحضرة المراكشية حتى عُدَّ خاتمة محدثيها، بعدما حصّل من فنون العلم والمشاركة فيها ما جعل الطلبة يتهافتون للأخذ عنه، والنهل مما عرف عنه من الصلاح والديانة ومحاسن الأخلاق، فكثر الآخذون عنه، إلا أن المصادر لا تذكر من بينهم إلا ولدَيه العالمين البحرين أبا عبد الله محمد بن عبد الواحد، وأبا العباس أحمد بن عبد الواحد، ومن الآخذين عنه كذلك أبا العباس أحمد بن القاضي الذي أجازه إجازة عامة.
كان عبد الواحد الحسني السجلماسي يمثل مفتي الحضرة المراكشية ومدرسها، وهو العلامة الماجد، الفقيه العالم، الصدر الشهير أبو محمد وأبو مالك عبد الواحد بن أحمد بن الحسن بن المولى علي الشريف الحسني السجلماسي مولدا ونشأة؛ المراكشي نُزُلا ووفاة.
وقد خلف المترجم مؤلفات تشهد على نبوغه وعلمه منها، فهرسته الحافلة "الإلمام ببعض من لقيته من علماء الإسلام" وجمع "ديوان أشعار أهل البيت" و " طرر على ألفية ابن مالك" و "مختصر نكت السيوطي على الألفية " .
2 ـ يوم وفاة الشيخ العلامة أحمد ابن الخياط
توفي الشيخ العلامة أحمد ابن الخياط يوم الاثنين 12 رمضان من العام 1343هجرية، الموافق لـ 8 أبريل 1924 ميلادية، وكانت ولادته في منتصف شهر شعبان من العام 1252هجرية الموافق لـ 26 نونبر1836ميلادية.
هو الإمام العلامة، النظار المحدث الأصولي، الفقيه، شيخ الجماعة ورئيس المجلس العلمي بفاس في عصره، ينتهي نسبه إلى أحمد بن محمد بن القاسم بن المولى إدريس، مؤسس الدولة الإدريسية بالمغرب.
كان الشيخ العلامة أحمد ابن الخياط من العلماء الأعلام، عارفا بالفقه متبحرا في النوازل، وصفه صاحب الرياض في ترجمته بكونه " آخر الأعلام من مشيخة فاس، صدر من صدور علمائها، إمام في الأصلين والفقه والفرائض متبحر في النوازل الوقتية"...زادت على مائة تأليف منها: حاشية على شرح الخرشي على فرائض المختصر، وتجريدة للمسائل العلمية التي اشتملت عليها طبقات السبكي، ورفع اللجاج والشقاق عن حكم البينونة في الطلاق عند الإطلاق.
3 ـ يوم وفاة العلامة الفقيه عبد الرحمن الفاسي المالكي
توفي العلامة الفقيه عبد الرحمان الفاسي المالكي صبيحة يوم الأربعاء 12 رمضان من العام 1082 هجرية.
وقد كان الفقيه عبد الرحمن بن أبي القاسم بن القاضي، أبو زيد، المكناسي الأصل الفاسي، المالكي، مرجع المغرب في أحكام القراءات...له تقاييد في "طبقات الصوفية" و "الإيضاح لما ينبهم على الورى في قراءة عالم أم القرى" و "الفجر الساطع في شرح الدرر اللوامع" و "إمتاَعُ الفُضَلاء بتَراجِم القرّاء فِيما بَعدَ القَرن الثامِن الهِجري "