تُرسخ الكتابة تقاليدها في بناء القيم العليا وتجذير الهويات التي تقاوم المحو والنسيان، وهو ما خاض فيه د. محمد احميدة بروح المثقف الوطني والباحث الذي يحفظ قواعد البحث وأخلاقه، وأيضا المؤمن بدور الكتابة في تحقيق ذاكرة قادرة على المقاومة والاستمرار.
في كتابه الجديد "في صحبة عميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري" الصادر في مطلع هذه السنة بالرباط لمحمد احميدة، يفسر الكاتب سبب هذا الوفاء لعميد الأدب المغربي وهو الوفاء لروح الثقافة المغربية في تعدديتها ورؤاها المنفتحة والمتفاعلة.
كتاب هو تتويج لعلاقة بين مثقفيْن وباحثيْن، بعد سلسلة من كتابات سابقة للمؤلف في حق عباس الجراري وفي فترات زمنية مختلفة، كتب عن بعض أعماله، وشارك في ندوات علمية تناولت جوانب من فكره وأبحاثه، وهيأ مجموعاً من أشعاره، طي قسم من ديوانه .لذلك جاء هذا التأليف/ الاعتراف في الذكرى الأولى لرحيل العميد، كما يقول المؤلف، ليكون حاملاً لبعض الوفاء تجاه عباس الجراري، إحياء لذكراه، وتذكيراً ، نبغيه حديثاً مسترسلا، عن فضائله وما قدمه من أعمال خدمة لوطنه، تعددت واجهاتها، وتنوعت أشكالها. وهو بهذا وبغيره نموذج لذلك المغربي الأصيل والمفكر الغيور على هويته، المتفاني في العطاء بغير حساب وبذلك يغدو قدوة للأجيال القادمة، فهو بحق من أعلام الفكر والثقافة في بلدنا، بل في العالم العربي والاسلامي، وما خلفه العباس في السوح العلمية، الجامعية وغير الجامعية، ينهض دليلاً على هذا القول.
ويضيف محمد احميدة الذي رسم فصول الاعتراف في أحد عشر فصلا وملحق ختامي بالصور، بأن "هذه محطات حاولت من خلالها رسم ملامح لصحبة جمعتني مع أستاذي الدكتور عباس الجراري، عميد الأدب المغربي على مدى عقود من الزمن. تجاوزت نصف قرن، تدرجت من المرحلة الجامعية، وأنا طالب أختلف إلى محاضراته، وامتدت إلى اليوم الذي وقفت على قبره، وجثمانه يوارى التراب".
ثم يختم بخطاب يتوجه فيه إلى روح عباس الجراري قائلا: "أستاذي الجليل:اعلمْ - رحمك الله - أنى إليك قادم بعد حين من الدهر، أروى لك عجزي عن التعبير عما كنتُ أبغيه فى ما سطرته طي هذا الكتاب، فقد قصرت العبارة، والتوى كلامي، وكنتُ أحسبه ،استوى مسترسلاً فيه مُطيلا.
كبا قلمي ! وكيف السبيل إلى الإحاطة بمسار يعذب الحديث عنه ؟
ومما حلا لي خلال عام كامل تشكل من زمن تدبيج هذا الخطاب، أنني كنتُ لك - أستاذي - مصاحباً عبر ذكريات عبرت وجداني، ومعها عبرات وأنا أتنقل بين أزمنة صُوَر تَهادت أمامي، وأمكنة تحكي مواقف وأحداثاً..." .
من مؤلفات محمد حميدة:
- من الأدب المغربي على عهد الجماية: محمد بوجندارالشاعر الكاتب، ط ، 1993.
- الكتابة الإصلاحية بالمغرب خلال القرن التاسع عشر : قضاياها وخصائصها الفنية،ط، 2002.
- من تاريخ الأندية الأدبية في المغرب: النادي الجراري بالرباط لمؤسسه العلامة عبد الله الجراري، ط، 2004.
- حركية النادي الجراري خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، ط، 2008.
- دراسات في الأدب العربي بالمغرب الحديث، الجزء الأول، ط، 2009.
- دراسات في الأدب العربي بالمغرب الحديث، الجزء الثاني،ط، 2011.
- محمد بن الحسين، الشاعر الذي أحب وطنه : ملامح من حياته ونطرات في شعره بالاشتراك مع الأستاذ محمد لومة (2013)
- شعراء النادي الجراري: الشاعر والنص(2015)
- في مدار الأدب المغربي2022)
- في صحبة عميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري (2025).
مختبر السرديات – الدار البيضاء المغرب