الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: قراءة في بيان القمة العربية

ادريس المغلشي: قراءة  في بيان القمة العربية ادريس المغلشي
لست متخصصا سياسيا، لأجيد قراءة بيان القمة العربية الأخيرة. لكن من موقع المتابع أستطيع بسط أفكار على هامش الانعقاد. 
انتهت القمة العربية الأخيرة كما بدأت على مايبدو،  مفرغة من مشاعر الحماسة والخوف كما بدأت. بعدما تذكروا أن هناك هيئة لم نعد نسمع بها سوى في الأزمات التي تزيدها تعقيدا. بعدما تخلت عن المبادرات وحسم كثير من قضايا العربية الداخلية. لم يسجل في تاريخها سوى تعزيز قرارات خارجية لتعميق جراح الداخل. أتساءل مع نفسي كلما اثير النقاش حول هذا الجهاز المعطوب لماذا بقي  منصب الرئاسة حكرا على دولة بعينها، بعدما تم تأبيده بمصر وكأنه ملحقة تابعة لدولة تاريخها في الصراع والعلاقات الدولية لم يسجل فيه انجاز ؟. أين مبدأ التناوب بين الدول حول التسيير، حتى لاتبقى أجهزة الجامعة في يد ركبها الجهل والتخلف والركود ؟وبعدما فقدت كثير من الأدوار التي كانت تلعب في السابق.
 أغلب المحللين يعتبرون غياب رؤساء الدول عن هذه القمة أفقدها الكثير من مقومات النجاح على الأقل المستوى التمثيلي، وهي ضربة موجعة للنظام الجزائري الذي سعى بكل إمكاناته جاهدا ليحقق هذا الهدف، فظهر عجزه وتبين عدم قدرته على حل إشكال عميق عمر لسنين عديدة، ويؤشر على أن الاختيار في كل أبعاده لم يكن موفقا. مادامت خريطة الدول العربية يطبعها التشرذم والخلافات. فاليمن ضحية تنسيق متخلف بين السعودية والإمارات؛ أما مصر فهروبها من مشاكلها الداخلية، لم يسعفها في بناء علاقات خارجية مع دول الجوار، تونس وليبيا نموذجا، والدولة المضيفة ترفع للقمة العربية شعار: "لم الشمل " وهي تبحث ليل نهار في محاولات بئيسة وفاشلة اغذقت عليها من أموال الشعب الجزائري الشيء الكثير دون نتيجة، وهي تحتضن مرتزقة، كورقة تطعن في وحدة دولة جار المغرب .
الكثير يعلم أن الجزائر لاتمتلك مقومات دولة مادمت عصابة العسكر جاثمة على الحكم فيها بعقلية مرتهنة لإملاءات خارجية ومحاولة التنافس مع دولة جار في كل مرة تسجل فيها  فوزا ديبلوماسيا ساحقا، وبامكاناتها الذاتية دون موارد طاقية، كما تفعل الجزائر التي اختارت الطريق الصعب المسدود عوض مد اليد للأخوة قبل كل شيء، والاستفادة من التفوق المغريي الذي حقق ريادة في سياسته الخارجية  لاينكرها إلا جاحد. 
تضييع فرص الإستفادة من هذا المعطى انتحار سياسي جزائري بامتياز وهنا نتساءل ومتى كانت عصابة العسكر بالجزائر تجيد السياسة في شقها الايجابي؟.
بيان القمة مفرداته أكبر من مضامينه بل تفوق مستوى واقعه كل المتدخلين الذين تناولوا الكلمة حاولوا جاهدين أن يسدوا ثغرات وفجوات العلاقات وتأكد بالملموس أننا لازلنا كعرب غير قادرين على البحث عن بدائل لعلاقاتنا المتوثرة. كل الكلام الذي تم تصريفه في القمة يحمل عكس دلالاته بل ويكرس الوضع القائم. لم تحقق القمة جزءا يسيرا من شعارها وفقدت كثير من فرص النجاح لغياب استراتيجية قبلية تهيء ظروف الإنعقاد لتحقيق نتائج ملموسة. توقيت القمة المتزامن مع فاتح نونبر ذكرى الثورةالشعبية الجزائرية لن يزيد في رصيدها  ولن يخفف عن الشعب الجزائري من الضغط الداخلي، فكثير من المحطات المشابهة لاتعني الداخل مادام يطبعها التسويق الخارجي والتلويح بأوراق في إطار مواجهة يطبعها الندية السلبية التي لم تحقق شيئا يذكر .
الفائز في القمة الوفد المغربي بقيادة وزير الخارجية الذي فرض ببروتوكول مغربي صرف إحترام الجميع،  ليبصم في قعر دار الخصم اللذوذ على انجاز آخر يكشف سر تفوق الديبلوماسية المغربية وبتوقيع المملكة المغربية،  وليقدم درسا يجيب على سؤال: كيف تكون ناجحا في مجالك حين تحترم الكفاءات؟ ولعل أبرز انتصار تحقق في هذه القمة أيضا أن تقوم بتصويب بعض المغالطات من خلال اللقاء الأول الذي تمت فيه عملية تصحيح الخريطة المغربية. قبل انطلاق الأشغال اعترافا بوحدة أراضيه وهي لوحدها كافية مادام النظام الجزائري لم يذخر جهدا في طمس معالمها بكل ما أوتي من قوة. وهذه الضربة لوحدها في اعتقادي كافية.
بيان القمة مفرغ من اجراءات عملية محددة. جاء مثقلا بمفردات وتعابير  لا أثر لها في الواقع. مجرد امنيات وطموحات مغلفة بمشاعر يكذبها الواقع  النفاق السياسي نال حصة الأسد. البعض اعتبره مسكنا وآخرون اعتبروه محطة تهدئة اتمنى ألا تعود بعدها الصراعات أقوى من السابق كالهدوء الذي يسبق العاصفة. 
فزمن الوحدة والقوة مسؤولية الجميع المشتركة وزمن ضياعها سيسجله التاريخ الذي لاينسى، ونحن نعاين ازدواجية الخطاب بين القول والفعل وتلك طامة كبرى. أما قضية فلسطين فتلك مشكلة أخرى تبين بوضوح أننا كلما تقدمنا في السنين إلا ونثبت للآخر مدى تخلفنا عن قضايانا المصيرية. وكيف أننا عاجزين عن إيقاف مهزلة متاجرة الكل بها.