الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

فضيحة سفارة فرنسا بالرباط: ماعلاقة المغاربة ببيان منع رئيس حكومة القبايل من التعبير بفرنسا؟

فضيحة سفارة فرنسا بالرباط: ماعلاقة المغاربة ببيان منع رئيس حكومة القبايل من التعبير بفرنسا؟ فرحات مهني رئيس حكومة القبايل( يمينا) والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
في خطوة مثيرة للكثير من الاستغراب، أقدمت السفارة الفرنسية بالرباط على إصدار بيان "تكذيبي" حول ما انتهى إلى علمها من تصريحات نشرتها الصحافة "تزعم بأن السلطات الفرنسية تدخلت لدى قناة تلفزية لمنع أحد المدعوين من حريته التعبير في برنامج إخباري". وأكدت أن ذلك "مجرد ادعاءات كاذبة".
غير أن المثير للاستغراب بالفعل هو الحول الذي أصاب السفارة الفرنسية بالرباط، ما دام "البيان التكذيبي" يهم أساسا رئيس الحكومة المؤقتة للقبايل الجزائرية فرحات مهني الذي  أكد،  في شريط فيديو بثه على صفحته بموقع "تويتر"، على أنه، فور الإعلان عن منعه من المرور بقناة "CNEWS"، تواصلت معه مصادر عليمة، فضل الكشف عن هويتها، أبلغته بأن النظام الجزائري هدد باريس بإلغاء زيارة الوزيرة الأولى الفرنسية إليزابيث بورن إلى الجزائر، إذا تم بثت قناة المقابلة التلفزية، مع رئيس الحكومة المؤقتة لمنطقة القبايل.
واستطرد، قائلا: "تم منعي من دخول الأستوديو دقيقتين قبل موعد بث اللقاء، ولأسباب غير معلنة"، حيث "أبلغني الصحافي أن القرار جاء من إدرة القناة". وأضاف أنه يعيش تحت مراقبة مشددة من قبل النظام العسكري الجزائري وأزلامه، لما يمثله، "فأنا صوت القبايل التي تريد أن تكون حرة ومستقلة". كما أبرز أنه يعيش تحت المحاصرة، التي يفرضها عليه النظام الجزائري، حتى وهو داخل التراب الفرنسي، حيث "يتم منعي من تنظيم تظاهرات أو المشاركة فيها".
لقد كان على السفارة الفرنسية بالرباط أن تدعو نفسها قبل إصدار هذا "التكذيب" إلى الذهاب إلى طبيب مختص في تصحيح النظر ما دامت تخلط، على هذا النحو الفج، بين الجزائر والمغرب. ذلك أن منطقة القبايل توجد في الجزائر، وليس في المغرب. كما أن رئيس الحكومة المؤقتة لمنطقة القبايل جزائريٌّ يتهم النظام الجزائري بالتضييق عليه وملاحقته ومحاولة اغتياله، كما يتهم السلطات الفرنسية بالرضوخ لابتزاز  القادة الجزائريين، فما علاقة المغاربة بهذا "البيان التكذيبي"، وما علاقة الرأي العام بالمغربي بهذا الاتهام الصادر عن معارض جزائري يتهم سلطات بلاده بالتسلط والاستبداد وانتهاك حقه في التعبير؟ هل اختلط الأمر على السفارة الفرنسية بالرباط، فظنت (وبعض الظن إثم) أنها تعمل في قلب الجزائر؟ ما دخل المغرب بصراع جزائري جزائري دار في أرض فرنسية؟ ولماذا اختارت "الخارجية الفرنسية" تكذيب تصريحات معارض جزائري فضح ما تعرض له من انتهاك لحقه في التعبير على موقع "تويتر"، من الرباط وليس من الجزائر؟ 
لقد جاء في البيان التكذيبي أن "فرنسا تبقى منخرطة في الدفاع عن حرية الصحافة وحرية التعبير في كل مناطق العالم. كما اعتبرت أن مبادئ التعددية الإعلامية، والحق في الإخبار والحق في  المعلومة،  والاختلاف،  أساسية في النقاش الديمقراطي، وأن الدفاع عنها يعتبر أولوية في السياسة الخارجية لفرنسا". وكان حريا بالسفارة الفرنسية في الرباط، على الأقل، أن تحسن الرماية إذا رمت، وأن تسدد "تكذيبها" جيدا إلى الجهة المعنية بالتكذيب، وأن تكف على الأقل عن الخلط بين المغرب والجزائر، فضلا عن ضرورة الامتناع عن العمل بأسلوب المناولة، ذلك أن فرنسا لها سفارة بالجزائر، وهي الأولى يإصدار هذا التكذيب الذي يعني الجزائر والجزائريين فقط !