mercredi 23 avril 2025
ONCF Voyages
كتاب الرأي

بوناصر المصطفى: هذه حقوقنا ليست للتفاوض؟!

بوناصر المصطفى: هذه حقوقنا ليست للتفاوض؟! بوناصر المصطفى
متفق عليه وطبقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فإن حقوقا جوهرية أساسية منبعها كون الكائن البشري يتمتع بكرامة وحرية وقيم هي في الأساس فطرية، تلك بالمختصر حقوق كونية لا تقبل لا التفاوض ولا المساومة، إذ لا يسمح بتاتا لأحد اعتمادها أو استغلالها في أي مزايدة سياسية؟
إذ حددت المواثيق الدولية هده الحقوق الأساسية في حق الإنسان في حياة سليمة يسودها الأمن والأمان الشخصي وحرية لا مشروطة، تضمن الحقوق الاجتماعية، كالحق في الصحة والتعليم، والحق في ممارسة أنشطة اقتصادية تتكافأ فيها الفرص أفرادا وجماعات، وكذا الحق في حياة سياسية يكرس الإشراك في صنع القرار، ومشاركة فعلية تعنى بتدبير الشأن العام في جو يسود فيه الحق في التعبير عن الرأي.
إن الاعتراف الضمني بهذه الحقوق في كليتها تقر بأن حماية الحقوق الإنسانية واحترامها هي فرض عين في جميع الأمكنة والأزمنة، كونها واجب بقوة القانون بغض النظر عن الخصوصية الثقافية أو الدين أو الجنسية أو العرق أو اللون أو أي تمييز آخر.
ومن هدا المنطلق فإن أي تجاهل لهده الحقوق أو تجاوز يعد انتهاكًا للقانون الدولي ويستلزم بالقوة مساءلة المسؤولين عن ذلك. 
مهما يكن من اختلاف في الرؤى فان حماية حقوق الإنسان والتصدي لأي محاولة تفاوض أو مساومة عليها تصنف خرقا سافرا للقوانين والأعراف الدولية لا خيار لأي مسؤول في صياغة القرار السياسي إلا بإعطاء الأولية لهذا الموقف في جميع رؤاه الاستراتيجية، بقصد توفير الحماية والعدالة لجميع الأفراد بغض النظر عن الهوية أو الفئوية لكونه حق مكفول سواء بالدساتير المحلية أو القانون الدولي. 
إلا أن الملاحظ في هدذا العصر المتجمد إنسانيا، إن الحديث عن المسالة الحقوقية بقيت سجينة دائرة المجرد، بحيث تنشر الحقوق الأساسية على ألواح افتراضية، لتفتح المساومة بشكل علني وبجرأة لا طبيعية قراراتها تنتج بطريقة ميكانيكية.
بالرغم من تسويق للحريات الشخصية من ضمنها الحرية الدينية تطلق سلسلة شروط تحرم الأشخاص من حمل الرموز الدينية، وتخضع التجمعات للمراقبة تضييق على الأشخاص تحرمهم من حرية التنقل، إلا بإجراءات وتراخيص مسبقة، اتخذت أحيانا اخزي أساليب سوريالية، تبدع أشكالا تقايض اختياراتك بمتع توهمك بالعيش الحالم في مواسم الديمقراطية، فتنتهك كرامتك الإنسانية بأساليب التعذيب النفسي والمعاملة اللا إنسانية. 
ما الذي حول حقوق البشر لتصبح سجينة عناوين مجردة وبعيدة عن أي موقف ملتزم بقضايا الإنسان؟
هل لا زال بالإمكان المراهنة عن الحقوق في زمن أزمة ضمير؟
زمن ضياع الرشد بين ألوان المتع والنزوات؟ ولحظات احتضار الإنسان في مشاهد إبادة جماعية وعرض أشلاء تتكرر في الدهن! فرضت علينا القبول بهذا التطبيع من زمان!؟ 
هكذا تنتهك الحقوق المدنية بافتعال نزاعات مسلحة تختبر أساليب الفتك في الأجساد البشرية بأنواع من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، تجتهد في الوحشية وألوان القتل، أو أساليب التهجير القسري، باغتصاب الحق في ملاذ آمن، وتمييز عنصري أو قومي ضد لاجئين تحولت إلى أفليات عرقية أو دينية أو جنسية اغتربت سواء بقرار طائش غير مسؤول أو تهضم الحقوق بأساليب أخرى بتسخير العمالة بالإكراه كعبودية معاصرة، أو يكثف انتهاك حقوقك إن اخترت الهجرة!
وفي صيغ أخرى تنتهك الحقوق بالعنف الجنسي والأسري وفي قضايا تشيئ فيها النساء، بتمييز مجحف في مجالات قانونية واقتصادية وسياسية. 
وقد يصعد الذهول مداه حين يسمح بانتهاك حقوق أطفال في سن الزهور تشمل العمالة في نزاعات مسلحة واستغلالهم جنسيا ونفسيا، فماذا ننتظر من عالم انتهك كرامة طفولته  بشكل صارخ؟ هي مجرد بعض أمثلة قائمة وغير شاملة انسحبت فيها الكرامة من ذاكرتنا، ولم تعد تشرف أي إنسان. فمن يعيد للعالم رشده؟ 
ما أخوخنا إلى بعث الروح لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم!
أي بطل ثائر يتحرك يتطوع ليدق على الأقل ناقوس الخطر؟
لأن الحقيقة المرة أننا في ظلام دامس فضاعت ملامحنا بين قطرات الصواب وبحر الجفاء؟
هل تآكلت الثقة في منظمات دولية التزمت بحماية حقوق الإنسان؟
كيف يمكن للمجتمع الدولي تكثيف الجهود لإعادة الاعتبار لثقافة الإنسان؟.