نعم.. ذهبت إلى موازين واستنشقت غُبار منصة حي النهضة كما افترشت عُشب منصة السويسي وهنا وهناك جيش مدجج من رجال الأمن و طوابير من سيارات الأمن الوطني بألوانها الزاهية وأنوارها الخضراء والحمراء...
نعم ذهبت!.. فليس من رأى كمن سمِع وبين بَحّة شيرين وعَرعرة طوطو.. كانت هناك فجوة عميقة بين الأجيال وانفصام رهيب للأذواق!...
كلما أطلتُ النظر إلى صور هذا المهرجان العجيب، كلما عجزت عن فهم بالوعة هذه الملايير التي تُمنح بسخاء لمخلوقات فضائية غريبة وجدوا طريقهم إلى كنوز بلادنا.. وإلى نجاح مالي لا نستطيع شرحه لأبنائنا ولا حتى تفسيره لطلابنا المساكين في الجامعة ...
نعم... ذهبت إلى موازين!... و كلما شاهدتُ كيف يُستقبلون كما يُستقبل الأبطال العائدون من ميادين الحروب، وكيف يُحتفى بهم كما يُحتفى برُسل السلام أو روّاد الفضاء… تأتيني رغبة جادة، لا شعورية (لكنها جارفة)، في الصعود إلى المنصة، لا للغناء، بل لحرق كل شهاداتي الجامعية، وكل أعمالي، وربما حتى صوري، ثم أرفع الميكروفون وأغني بصوتي "الكريم" أي شيء، بكلمات من اختراعي، فـطُز في بليغ حمدي ونزار قباني... وطُز حتى في أحمد شوقي... لم تعد تهُم... الكلمات...
ثم، وفي لحظة تمرد خالص، أخرج من جيبي بطاقتي البنكية المديونة، شهادات تأجيري، سجلات حسابي البنكية التي لا تعرف إلا اللون الأحمر الجميل، وأحرقها جميعاً أمام الجمهور، أمام الكاميرات، أمام العالم. إعلاناً صارخاً بأن الغناء المقرف والرقص أوصلوا أصحابهم إلى النجومية والثراء، بينما يوصلنا العلم والاجتهاد إلى نهايات شهر بأعجوبة و في كل مرة... ب"سلفات استهلاكية"...
نعم، طُز في الجميع. أي صوت، وأي نبرة – حتى وإن كانت كأنها تخرج من فانوس متآكل – يمكنها أن تُصفّق لها الجماهير بالآلاف، وتُلهب القلوب، وتُسقِط المراهقات على الأرض من فرط الانبهار. لا حاجة للعلم، ولا للبحث، ولا للمختبرات، لا حاجة للعقل أصلاً. ما نحتاجه هو ضجيج، ميكروفون، و"ستايل" يجذب العيون...
في مدينة تُصرف فيها الملايين على منصات الرقص والغناء، وتترك معاهد العلوم والمراكز الثقافية في عزلة موحشة وبدون صباغة ولا "ويفي"… في مدينة تُكافأ فيه بسرعة فائقة صناعة "النجومية الفارغة" وتُهمّش بتعمد مفضوح صناعة المعرفة…
لا تلوموني إن قررتُ أن أغير مهنتي يوما لأغني بصوتي العادي جدًا كي أسدد بعض ديوني، وربما ديون أجدادي أيضاً... فالأمر سهل جدا.. على ما يبدو.
عاشت منصة السويسي رمز الترف … وعاش الكوكب الفني...
و بلا عِتاب، فغُبار المهرجان سيلتصق بعد حين بكُتب..لن يشتريها أحد ...في معرض الكتاب.
نعم ذهبت!.. فليس من رأى كمن سمِع وبين بَحّة شيرين وعَرعرة طوطو.. كانت هناك فجوة عميقة بين الأجيال وانفصام رهيب للأذواق!...
كلما أطلتُ النظر إلى صور هذا المهرجان العجيب، كلما عجزت عن فهم بالوعة هذه الملايير التي تُمنح بسخاء لمخلوقات فضائية غريبة وجدوا طريقهم إلى كنوز بلادنا.. وإلى نجاح مالي لا نستطيع شرحه لأبنائنا ولا حتى تفسيره لطلابنا المساكين في الجامعة ...
نعم... ذهبت إلى موازين!... و كلما شاهدتُ كيف يُستقبلون كما يُستقبل الأبطال العائدون من ميادين الحروب، وكيف يُحتفى بهم كما يُحتفى برُسل السلام أو روّاد الفضاء… تأتيني رغبة جادة، لا شعورية (لكنها جارفة)، في الصعود إلى المنصة، لا للغناء، بل لحرق كل شهاداتي الجامعية، وكل أعمالي، وربما حتى صوري، ثم أرفع الميكروفون وأغني بصوتي "الكريم" أي شيء، بكلمات من اختراعي، فـطُز في بليغ حمدي ونزار قباني... وطُز حتى في أحمد شوقي... لم تعد تهُم... الكلمات...
ثم، وفي لحظة تمرد خالص، أخرج من جيبي بطاقتي البنكية المديونة، شهادات تأجيري، سجلات حسابي البنكية التي لا تعرف إلا اللون الأحمر الجميل، وأحرقها جميعاً أمام الجمهور، أمام الكاميرات، أمام العالم. إعلاناً صارخاً بأن الغناء المقرف والرقص أوصلوا أصحابهم إلى النجومية والثراء، بينما يوصلنا العلم والاجتهاد إلى نهايات شهر بأعجوبة و في كل مرة... ب"سلفات استهلاكية"...
نعم، طُز في الجميع. أي صوت، وأي نبرة – حتى وإن كانت كأنها تخرج من فانوس متآكل – يمكنها أن تُصفّق لها الجماهير بالآلاف، وتُلهب القلوب، وتُسقِط المراهقات على الأرض من فرط الانبهار. لا حاجة للعلم، ولا للبحث، ولا للمختبرات، لا حاجة للعقل أصلاً. ما نحتاجه هو ضجيج، ميكروفون، و"ستايل" يجذب العيون...
في مدينة تُصرف فيها الملايين على منصات الرقص والغناء، وتترك معاهد العلوم والمراكز الثقافية في عزلة موحشة وبدون صباغة ولا "ويفي"… في مدينة تُكافأ فيه بسرعة فائقة صناعة "النجومية الفارغة" وتُهمّش بتعمد مفضوح صناعة المعرفة…
لا تلوموني إن قررتُ أن أغير مهنتي يوما لأغني بصوتي العادي جدًا كي أسدد بعض ديوني، وربما ديون أجدادي أيضاً... فالأمر سهل جدا.. على ما يبدو.
عاشت منصة السويسي رمز الترف … وعاش الكوكب الفني...
و بلا عِتاب، فغُبار المهرجان سيلتصق بعد حين بكُتب..لن يشتريها أحد ...في معرض الكتاب.
ملحوظة : هذا المقال كُتب من فوق أرضية منصة النهضة في ليلة شعثاء و نفسية غُبارية.. سلبية حتى النخاع!..