Monday 30 June 2025
فن وثقافة

مسرحية "كونطراست".. الكوميديا في خدمة البيئة..

مسرحية "كونطراست".. الكوميديا في خدمة البيئة.. مؤلف المسرحية رشيد صفـَر والملصق والمخرج عبدو الشامي
في إطار توجه المسرح المغربي المعاصر نحو الانخراط في القضايا المجتمعية والبيئية، تستعد فرقة "مسرح موود" لتقديم عملها المسرحي الجديد "كونطراست"، وهي من تأليف الكاتب والسيناريست رشيد صفـَر، وإخراج الفنان عبدو الشامي، في عرض يحمل ملامح التجديد من حيث الشكل والمضمون، ويؤسس لتجربة مسرحية تراهن على المرأة كفاعل محوري، وعلى البيئة كأفق وجودي ودرامي.
 
وفي تصريح خاص للمؤلف "رشيد صفـَـر" أوضح أن "كونطراست: لا تكتفي بتقديم صور جمالية للطبيعة أو محاكاة بصرية للمجال البيئي، بل تتوغّل في بنية العلاقات الإنسانية المتشابكة داخل فضاء "طبيعي _ رمزي"، هو "مشتل نافع"، الذي يُشكل بؤرة الصراع بين "نرجس" التي تنفذ وصية أبيها الراحل "نافع"، للحفاظ على المشتل كإرث عائلي ومجال للعيش، وبين أخيها "ربيع" الذي يراه فرصة للربح والمضاربة العقارية، حيث يسعى إلى إفلاسه وبيعه للحصول على نصيبه من الإرث، بتواطؤ مع البستاني "الراضي"، الذي يبحث بدوره عن تعويض مادي عن سنوات العمل مع الأب "نافع".

وأفاد "رشيد صفـَـر " أن الصراع بين نرجس وربيع  يؤسس لمنطقين :
منطق المحافظة على المشتل، الذي تجسّده نرجس كرمز للوفاء لإرث الأجداد، والحكمة، والارتباط بالأرض.
ومنطق الأنانية، الذي يعكس رؤية نفعية مادية، لا تعبأ برمزية المكان أو استمراريته، ويتجسد هذا المعطى في الأبعاد الخاصة بشخصتي ربيع أخ نرجس والراضي أقدم بستاني بالمشتل.

كما يضيف - المتحدث نفسه - أن حضور شخصية نرجس في هذا العمل المسرحي يعتبر أكثر من مجرد تمثيل درامي، بل يتجاوز ذلك إلى تأطير نسقي للبطولة، حيث تُقدم المسرحية شخصية نرجس ليس فقط كمديرة للمشتل، بل كمدافعة عن القيم الإنسانية والبيئية، والروابط العائلية، والذاكرة المشتركة.

و من جهته، يرى المخرج "عبدو الشامي" أن مسرحية كونطراست، تتبنى أسلوب "كوميديا الموقف"، مع توظيف عناصر البارودي لنقل التوترات الاجتماعية في قالب ساخر وضاحك.

"اعتمدنا في هذا العرض على المزج بين خفة الكوميديا وعمق الفكرة، بين الجمالية البصرية والبُعد الرمزي، لأننا نعتبر أن المسرح القريب من الجمهور، يخاطب روح و وجدان المتلقي، ويحفّزه على العناية بالأرض والنباتات والقيم الإنسانية النبيلة".

يقول _ مخرج المسرحية عبدو الشامي _ مضيفا أن السينوغرافيا في العرض تعكس التوجه الإنتاجي للفرقة، الذي يعتمد على العناية بعناصر الفرجة المسرحية، مع توظيف عناصر طبيعية في فضاء المشهد، ما يمنح العرض بعدا بيئيا ملموسا ويُعزز حضور النبات والزهور كمكوّن درامي لا يقل أهمية عن الشخصيات التي تتحدد في نرجس وأخيها ربيع والأب نافع والراضي البستاني ومساعده الرداد وسعاد المكلفة بصيانة النباتات والزهور.
 
جدير بالذكر أن تجربة فرقة "مسرح موود" من خلال عملها "كونطراست"، ستنطلق في نهاية موسم 2025، و تهدف إلى فتح الباب أمام دينامية جديدة في المسرح المغربي، حيث تتلاقى القضايا البيئية والاجتماعية في فضاء درامي واحد، تقوده امرأة، وتنبثق الأحداث والمواقف من قلب الطبيعة، حيث يزاوج العرض بين الترفيه والتفكير، بين السخرية والنقد، ويقترح على عشاق المسرح أسلوبا فنيا راقيا، لإعادة التفكير في علاقتنا بالأرض و بأنفسنا.