سألني أحدهم لماذا أنا مضرب فأجبته بكل عفوية وبدون تفكير ، ولماذا لا أضرب ،غير أنني بعدها تمعنت في جوابي البسيط ، فأدركت أنني كنت على صواب ، وأن واقعي الحالي يجعلني أكتر من أي وقت مضى أفكر في الاضراب وفي الاستنكار والتنديد لا لشيء إلا لكوني لا أريد ان أستبد من البعض وأن يسجل علي التاريخ خنوعي وخضوعي المهين لإملاءات مخزنية، أرادت دوما أن ترسم لنا خريطة طريقنا وأن تحدد مع من وكيف وكم سنعيش، وهي أمور ترسم للقطيع وليس لناس ولدوا أحرارا ليعيشوا ويموتوا أحرارا، وهي الفكرة التي على المواطن أن يفهمها ويستوعبها ويناضل من أجلها ضد كل المحاولات التي تصر على خندقته في خانة القطيع، وهنا تحضرني قولة للمفكر الفرنسي لابويسيه في حديثه عن الاستبداد وعن العبودية المختارة حين أكد على أن الاستبداد أساسه ليس بالضرورة قوة وعظمة المستبد، بقدر ما ربط تلك القوة باستعداد الشعب للخضوع، حين اختار التنازل عن حريته لفائدة الطرف الأول وقبل بواقع الخضوع والخنوع على الحرية ورفض الهيمنة، محاولا الاجابة عن اشكالية ظلت تؤرق الانسانية لحد الساعة حول السبب الذي يدفع الشعوب الى القبول بواقع أن تكون منهوبة ومظلومة، نافيا أن يكون السبب وراء ذلك هو الخوف، بقدر ما هو في نظري فشل المواطن في ايجاد ذاته لحد الان داخل وسط تم تأتيت ديكوره من قبل نخبة أعطت لنفسها حق التحليل والتقدير والتقرير لمن تعتبره ببساطة من القطيع، بدعوى أن هذا الاخير لا يميلك خيارات اخرى، لافتقاده لحس الإختيار، وهو الأمر الذي تحاول هذه الحكومة بشكل مبالغ فيه تسويقه للعموم، وما تصورها لإشكالية التقاعد إلا صورة مصغرة عن الأخطاء المتوالية التي تقترفها في حق مواطني هذا البلد وقصورها بالتالي عن ايجاد الوصفة السحرية التي سبق أن وعدت بها لمواجهة مخلفات حكومات سابقة، رغم حصول مكوناتها على دعم داخلي وخارجي واسع أملته بالضرورة تحولات الربيع العربي، والعجز عن إبراز إرادة سياسية حقيقية قادرة على انتاج تصور سياسي يحمل مشروعا مجتمعيا متكاملا يخدم بالأساس الواقع المجتمعي الحالي الذي استمدوا منه قوتهم السياسية، وليس العمل على الاجهاز على مكتسبات سابقة سالت دماء وسلبت حريات من أجل انتزاعها، و..... المهم لا أريد للساني أن يسترسل كثيرا على اعتبار أن واقعنا المعاش مليء بصور عديدة لأشكال لا تليق بمجتمع حضاري متمدن ، لكنني حاولت إجابة سائلي عن سبب إضرابي لا غير والسلام.
كتاب الرأي