Wednesday 5 November 2025
Advertisement
كتاب الرأي

سعيد ودغيري حسني: عيد الوحدة والمسيرة الخضراء... حين نادت الصحراء فلبّينا النداء

سعيد ودغيري حسني: عيد الوحدة والمسيرة الخضراء... حين نادت الصحراء فلبّينا النداء سعيد ودغيري حسني
قبل خمسين سنة
كنت في العشرين من عمري
أحمل في قلبي وطنًا وفي عيوني حلماً من ضوء
كنت أستيقظ على نغمة الأمل
وأغفو على أصوات الإذاعات التي تبث أغاني الوطن كل صباح
في ذلك الزمن الجميل
كانت الشوارع تموج بالأناشيد
والأعلام ترفرف كقلوبنا التي لا تعرف السكون
عشت فرحة المسيرة الخضراء
فرحة من نوعٍ لا يتكرر إلا مرة في التاريخ
فرحة وطنٍ قرر أن يستعيد ذاته بالسلام لا بالسلاح
 
كنا نردد بأصواتٍ مبحوحة من الحماس
“صوت الحسن ينادي بلسانك يا صحراء”
وتهتز القلوب قبل الشفاه
كنا نغني:
“فرحي يا أرض بلادي... أرضك صبحت حرة”
ونبكي من الفخر ونحن نردد
“مرادنا لازم يكمل بالمسيرة الخضراء”
تلك الأغاني لم تكن مجرد لحنٍ عابر
كانت روح أمة تمشي نحو قدرها المشرق
كانت الصحراء تنادينا بصوت الحسن الثاني
وكان الوطن كله يجيبه بصوتٍ واحد: “لبيك”
 
كانت النساء يجهزن أبناءهن كما لو كانوا ذاهبين إلى عرسٍ كبير
وكانت المساجد تدعو بالنصر والسلام
وكانت السماء تضيء بنجومٍ من الإيمان والعزم
في تلك الأيام، لم نكن نمشي فقط نحو الجنوب
كنا نمشي نحو معنى جديد للوطن
نحو وحدةٍ تكتب بالخط الأخضر في كتاب التاريخ
 
واليوم... بعد خمسين عاماً
تعود الذكرى الخضراء، مكلّلة بالنور والفخر
لكنها هذه المرة تحمل بشرى جديدة
فها هو الملك محمد السادس يعلن أن الحادي والثلاثين من أكتوبر
سيصبح عيداً للوحدة الوطنية
تتويجاً لمسارٍ طويل من النضال الهادئ
وسيراً مستقيماً نحو الاعتراف الأممي بمغربية الصحراء
 
إن قرار مجلس الأمن الأخير
الذي دعم مبادرة المغرب للحكم الذاتي
لم يكن مجرد وثيقة سياسية
بل شهادة تاريخية بأن الحقيقة لا تموت
وبأن النزاع الذي دام خمسين عاماً
قد وصل إلى نهايته بسلامٍ وعدلٍ ووضوح
لقد انطفأت نار الشك، وأشرقت شمس اليقين
فالصحراء لم تكن يوماً سوى مغربية القلب والانتماء
 
نحتفل اليوم بعيد الوحدة
لأننا نحتفل بانتصار الوطن على الجفاء
نحتفل بثمرة صبرٍ دام نصف قرن
وبحكمة ملكٍ آمن بالحوار حين اختار العالم السلاح
نحتفل لأننا لم ننسَ تلك الأغاني
ولا تلك المسيرة التي علمتنا كيف يكون الحلم طريقاً للانتصار
 
خمسون سنة من البناء
من صحراءٍ قاحلة إلى مدنٍ تضج بالحياة
من رمالٍ صامتة إلى مشاريعٍ تنبض بالإنجاز
العيون أصبحت بوابة إفريقيا
والداخلة لؤلؤة الأطلسي
والسمارة وبوجدور شواهد على أن التنمية حين ترتبط بالوحدة
تصبح معجزة مغربية
 
اليوم ونحن نحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء في السادس من نوفمبر
يتعانق الماضي بالحاضر
ويجتمع صوت الحسن الثاني بصوت محمد السادس
ليقول للمغاربة أجمعين
إن الوحدة ليست شعاراً بل قدرٌ جميل
وأن المسيرة لم تنتهِ بعد
فكل مشروعٍ جديد
وكل مدرسةٍ تُفتح
وكل شجرةٍ تُغرس
هي خطوة جديدة في المسيرة الخضراء الثانية
مسيرة البناء والكرامة والازدهار
 
وعندما تشرق شمس الغد
تمد الصحراء ذراعيها للملك محمد السادس
شاكرةً حامدةً باسمةً كالأم التي عانقت أبناءها بعد طول فراق
تفتح رمالها لخطاه وتهمس له بصوتٍ يملأ الأفق:
“ها أنا كما تركتني يا مولاي... مغربيةُ القلب والهوى
وفيةٌ لك... وللوطن الذي علم الدنيا معنى المسيرة والنور.”
واختم بزجلية معبرة جدا
علي رايتك يا مغربي
بقلم: سعيد ودغيري حسني
 
علي رايتك يا مغربي
دقات القلب علات
بضياك يا صحرا هلّات
يا فخر الولاد والبنات
 
مجلس الأمن قال الكلمة
والمغرب ف العالي علاها
حكم ذاتي نطق بالحكمة
والدنيا كلها مصافة معاها
 
علي رايتك يا مغربي
من طنجة حتى الكويرة
الملك راعيك يا الحبيب
والمسيرة شعلة منوّرة
 
يا رمل الصحرا غني غني
يا نسمة الليل حني حني
الحق بان ف كل معنى
والمغاربة فرحانين وتهني
 
يا صحرا يا عز البلاد
ف قرار النصر ارتاحي
دقات القلب عاد تقادات
الله الوطن الملك سلاحي.