يبدو أن مشروع الحكم الذاتي لم يعد يثير اعتراضا كبيرا لدى فئة واسعة من الصحراويين الذين ترعرعوا على هذه القضية، غير أن بعضهم في المخيمات ما زال يجهل حقيقة موقف قيادة جبهة البوليساريو التي تصر على التمسك بكبريائها الزائف لإخفاء عجزها ووهمها المتلألئ ذي الظل الهش.
فالحل الواقعي الوحيد، كما أقرّه مجلس الأمن الدولي بموجب القرار رقم 2797، هو مشروع الحكم الذاتي الموجَّه إلى الصحراويين، والذي فصّله الملك محمد السادس في خطابه حين قال:
"إنه في سياق هذا القرار الأممي، سيقوم المغرب بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي، وسيقدّمها إلى الأمم المتحدة لتشكّل الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق."
محاولات التشويش على القرار الأممي
ورغم وضوح هذا التوجه الدولي، لا تزال قيادة البوليساريو، وكعادتها، تحاول جاهدة شيطنة وتمييع بنود القرار الأممي الذي صوّتت عليه دول كبرى تدرك جيدا أبعاده السياسية.
وفي المقابل، بات معظم الصحراويين على وعي بأن قضية الصحراء دخلت مرحلة انتقالية جديدة تستوجب التفكير الجاد في مآلات الحاضر والمستقبل.
غير أن قيادة الجبهة أعادت استخدام ورقة "غسل الأدمغة" لتشويه القرار الأممي، في محاولة منها لإعادة بناء قاعدة شعبية تعرف جيدا أنها فقدتها منذ سنوات.
ترتيبات الحكم الذاتي والرهان على اللحظة الدولية
يتوقع أن يشهد ملف الصحراء في إطار الحكم الذاتي فترة زمنية إضافية، تفرضها الترتيبات الإدارية والقانونية اللازمة لوضع أسسه الأولى.
وتبرز هنا أهمية المرحلة التي تزامنت مع فترة حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي كان من الضروري استثمارها بما يخدم مصالح الصحراويين والمغرب على حد سواء.
غير أن قيادة الجبهة ما زالت تنتظر إشارات من الجزائر لتحديد المسار الذي ستسلكه في المرحلة المقبلة، رغم أن مجلس الأمن قد حسم الموقف بشكل واضح، مؤكدا أن الحكم الذاتي هو الإطار الواقعي الوحيد للتسوية.
غير أن قيادة الجبهة ما زالت تنتظر إشارات من الجزائر لتحديد المسار الذي ستسلكه في المرحلة المقبلة، رغم أن مجلس الأمن قد حسم الموقف بشكل واضح، مؤكدا أن الحكم الذاتي هو الإطار الواقعي الوحيد للتسوية.
نقاش جاد ومسؤول بدل التوجيه الأُحادي
اليوم، لم يعد أمام الصحراويين سوى الانخراط في نقاش وطني مسؤول حول مقترح الحكم الذاتي، بدل ترك الساحة لقيادة الجبهة التي عمدت إلى تفسير القرار الأممي لصالحها لغويا لا سياسيا، بغرض استمالة من تبقى من سكان المخيمات الخاضعين لقبضتها.
اليوم، لم يعد أمام الصحراويين سوى الانخراط في نقاش وطني مسؤول حول مقترح الحكم الذاتي، بدل ترك الساحة لقيادة الجبهة التي عمدت إلى تفسير القرار الأممي لصالحها لغويا لا سياسيا، بغرض استمالة من تبقى من سكان المخيمات الخاضعين لقبضتها.
كما أن المرحلة الراهنة تتطلب تفعيل المقترح المغربي الذي صادق عليه مجلس الأمن، والاشتغال على تشريحه وتفصيله، خاصة بعد أن تخلّص المغرب من وصف “الدولة المحتلة” الذي كانت تروّجه بعض الأطراف المعادية.
وفي السياق ذاته، ينبغي العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات المستهدفة من الصحراويين الذين لم يتمتعوا بعد بحقوقهم، تمهيدا للانتقال الفعلي إلى مراحل تنفيذ الحكم الذاتي وفق الرؤية الملكية الواضحة.
ملاحظة رمزية حول القرار الأممي 2797
يثير القرار الأممي رقم 2797 فضولا رمزيا لافتا ، فجمع أرقامه (7 + 9 + 7 + 2) يعطينا العدد (25)، وإذا ضُرب في (2) – وهو عدد العقود التي استغرقتها قضية الصحراء في عهد الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس – نحصل على رقم يحمل دلالة زمنية ومعنوية تعكس عمق هذا المسار التاريخي.
ففي هذه المرحلة، استطاع المغرب أن يفك شيفرة هذا الملف المعقد، ويفتح باب الأمل أمام أبناء الصحراء الذين أنهكتهم صروف الدهر، وعانوا ويلات قيادة جبهة البوليساريو التي ارتكبت في حقهم أبشع انتهاكات الإنسانية.
