ما زلت غير قادر على الكتابة في الرياضة منذ أسابيع رغم دعوات الكثير من القراء للعودة إلى الحديث عن شؤون الكرة الجزائرية، بعيدا عن الخبث والنفاق السياسي والتحايل الممارس على الشعب، ولكنني في كل مرة أجد نفسي مضطرا إلى الكتابة في شؤون الوطن البائسة والتعيسة في مجالات عديدة بسبب تراكم المتاعب والانشغالات السياسية والاجتماعية والأخلاقية في ظل استمرار التراجع والتخوف واستمرار غياب الرئيس الذي لم يعد يظهر إلا من أجل تكذيب الإشاعات، وليس من أجل القيام بمهامه الدستورية..
الأمر لا يتعلق بمسلسل تركي من حلقات لا تنتهي، ولا يتعلق بعجز مستمر عن الكتابة في شؤون الرياضة التي تبقى عشقي الأول وهوايتي المفضلة، ولكن عندما يصبح ظهور الرئيس لبضع ثوان على شاشة التلفزيون بمثابة حدث سياسي كبير تعلن عنه بعض القنوات والمواقع في شريط الأخبار العاجلة والهامة، فإن الأمر يستوقفني مثل الكثيرين لأعبر عن أسفي وحزني على وطن من حجم الجزائر يتوقف عن الحياة بسبب اختفاء أو ظهور الرئيس على شاشات التلفزيون!!
لا أقدر على الكتابة في الرياضة وأسكت عن المنتفعين من المحيطين بالرئيس الذين لا هم لهم سوى تكذيب الإشاعات حتى ولو اقتضى الأمر تعذيب الرجل وتأليف سيناريو رديء وفبركة الصور أو استعمال صور قديمة لأجل التسويق للأمر الواقع الذي يجب على الشعب تقبله والسكوت عنه إلى غاية تحطيم ما بقي من حطام وإحكام القبضة على مؤسسات الدولة من طرف أشخاص لم ينتخبهم الشعب، ومع ذلك يواصلون مغامرتهم من خلال ممارسة الحكم بالوكالة، نيابة عن رئيس لا يقدر على أداء صلاة العيد ولو على كرسي متحرك، فما بالكم بالقدرة على حكم الجزائر وما أدراك ما الجزائر!!
لا أقدر على الكتابة في الرياضة أيضا عندما يهان الجزائريون من طرف وزير النقل الذي يستهزئ بهم ويقول عنهم بأنهم يريدون "السفر دون مقابل والحصول على أفضل الخدمات"!! ولا أقدر على الكتابة في الرياضة عندما أقرأ تصريح وزير التجارة وهو ينصح الجزائريين بحسن اختيار المحلات عند اقتناء حاجياتهم من المواد الغذائية، وهو ما يعني الإقرار ضمنيا بوجود محلات غير لائقة لا تحترم القواعد والقوانين ولا يتعامل معها ويعاقبها بل يكتفي بإسداء النصيحة للمستهلكين!!
لا أقدر على الكتابة في الرياضة بعدما صرنا نتخوف حتى من استعادة ذكرى أحداث أكتوبر 1988 وكأنها ليست صفحة من صفحات تاريخنا، ومرت علينا دون أن نتوقف عندها ونستخلص منها الدروس. ولا أقدر على الكتابة في الرياضة لأن الاحتفالات بالذكرى الستين لاندلاع ثورة التحرير سنخلدها من خلال معرض صور خاص بالرئيس بوتفليقة فقط لنختزل كل النضالات في شخصه دون غيره من الشهداء والمجاهدين الأبطال!!
لا أقدر على الكتابة في الرياضة ما دام التحايل على الشعب متواصلا من دون أدنى اعتبار للعواقب، وما دمنا نصر على استغفال الشعب واعتباره قاصرا، ونصر على تخوين المعارضة ومحاصرتها، وما دمنا نتراجع في عديد المجالات أمام إصرار غريب على إبقاء الأمور على ما هي عليه من دون رئيس ومن دون مؤسسات قوية ومن دون مشروع مجتمع لائق..