الأحد 23 فبراير 2025
كتاب الرأي

الصديق معنينو: الحبل السري

الصديق معنينو: الحبل السري الصديق معنينو
فرضت علينا الحماية الارتباط عضويا بفرنسا الدولة الحامية.. دام ذلك خمسا وأربعين سنة... كنا كالجنين يتغذى عبر «جبل» «سري» تتحكم فيه المصالح الأجنبية الجائعة دوما.... عند الاستقلال وولادتنا من جديد ظل المغرب ملتصقا بالحبل السري وما يمثله من الرواسب الاستعمارية والمصالح الأجنبية واللوبيات الطفيلية العاملة عن امتصاص ما هو جيد في دمائنا.
 
شعار التعريب
في بداية الاستقلال رفعنا شعار التعريب كخطوة أولى نحو التحرر من الارتباط بالحبل السري كان في هذا القرار الكثير من التحدي والتسرع... طالبنا، ونحن نعيش نشوة استعادة الاستقلال، بتعريب الإدارة والتعليم والقضاء... ورغم نبل هذه المطالب انقسمت صفوفنا... والخلاصة أننا نجحنا في تعريب القضاء وما رافقه من رحيل مئات القضاة والمحامين الأجانب... لكننا فشلنا في تعريب الإدارة... ذلك أنه لحد اليوم لازالت الكثير من المصالح الإدارية تشتغل باللغة الفرنسية... بل هناك وزارات بكاملها تفكر وتكتب بلغة موليير.. على أن القطاع الخاص لا يتقن لغة بن خلدون.....
 
أما تعريب التعليم فتلك حكاية طويلة جمعت بين الأحلام والتناقضات والتخبط والإحباط... فلا نحن عربنا ولا نحن فرنسنا بل أضفنا الأمازيغية والأنجليزية...
 
القناع
عبر محطات الفشل هاته أكدنا ما كان يردده بعضنا بأننا «حديقة خاصة» خاضعة لشهوات غيرنا.... وأن الحماية غطت وجهها العسكري والقمعي بقناع مارست عبره التأثير والاستغلال... والغريب أنها وجدت في صفوفنا من ارتاح واستفاد من هذه الوضعية... ورغم كبر جسمنا فإنه ظل مرتبطا بالحبل السري»، بينما كانت الطبيعة تقضي
قطعه مباشرة بعد الولادة... في الواقع لم تعد هناك دولة حامية ولكن جاذبيتها ظلت حاضرة في مخيالنا الجماعي....
 
كون هذا الارتباط مؤشرا على وجود أفضليات في علاقتنا الدولية وتصرفاتنا الداخلية... لذلك وقع تصنيفنا على أساس هذا الحبل السري» وشاءت الأقدار أن يصل إلى الإليزي رئيس، من جيل جديد، دون خبرة أو تجربة فتصرف بنوع من الغطرسة واللامبالاة.
 
الاستقلال التام
سارع المغرب إلى التنبيه ثم إلى الإشارة الواضحة ولم يخف استغرابه ثم انزعاجه... فقرر محمد السادس قطع الحبل السري مدشنا الإعلان عن الاستقلال التام للقرار المغربي... إنها مرحلة جديدة في استعادة الرشد السياسي والقدرة على التحليق بكل حرية...
 
كل هذا لا يعني انغلاقنا أو رفضنا لكل تعاون مثمر مع الآخرين... فاللغات أدوات للتواصل والتقارب والتقدم، والمغرب، لا يشعر بأي نقص، حين يُمارس اختياره لما يناسب مساره السياسي والتنموي والثقافي.... وعلاقتنا مع الآخرين يجب أن تستمر وتتعزز في كل المجالات.