Saturday 26 July 2025
كتاب الرأي

مبارك أوتشرافت: ينبغي تبني مقاربة شمولية ترتكز على برامج الدعم والتنقل والتكيف المناخي

مبارك أوتشرافت: ينبغي تبني مقاربة شمولية ترتكز على برامج الدعم والتنقل والتكيف المناخي مبارك أوتشرافت
إن‭ ‬مقاربة‭ ‬موضوع‭ ‬الحرارة‭ ‬ومدى‭ ‬تدبير‭ ‬موجة‭ ‬الحرارة،‭ ‬من‭ ‬حقول‭ ‬معرفية‭ ‬وزوايا‭ ‬متعددة‭ ‬يستلزم‭ ‬البحث‭ ‬المعمق،‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬التجارب‭ ‬الناجحة،‭ ‬كما‭ ‬يستدعي‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وخطط‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بمقاربة‭ ‬تشاركية‭ ‬لتأقلم‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عالم‭ ‬متفق‭ ‬حول‭ ‬الأضرار‭ ‬ومختلف‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬المعالجة‭ ‬والمسؤوليات،‭ ‬مما‭ ‬يسائل‭ ‬نجاعة‭ ‬تدخلات‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‭ ‬للتصدي‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تفوق‭ ‬إمكانيات‭ ‬الدول‭ ‬والأفراد‭.‬

‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للمغرب‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬موجة‭ ‬الحرارة‭ ‬وارتفاعها‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬يقطنها‭ ‬نحو‭ ‬12‭ ‬مليون‭ ‬مغربي،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬نوع‭ ‬البناء‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬والشقق‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والإدارات‭ ‬وفاتورة‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬والتشجير‭ ‬وغيره؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬الجاري‭ ‬به‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى؟

علاقة‭ ‬بالسؤال‭ ‬فالمغرب‭ ‬منخرط‭ ‬دوليا‭ ‬في‭ ‬قمم‭ ‬المناخ‭ ‬والمنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬بمأسسة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأليات‭ ‬الوطنية‭ ‬للرصد‭ ‬والتتبع‭ ‬الوضعية‭ ‬البيئية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بالمغرب‭ ‬(المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي)‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬وجهوية‭ ‬لتـأقلم‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التفكير‭ ‬والتخطيط،‭ ‬فكل‭ ‬هذا‭ ‬يجعلنا‭ ‬نطرح‭ ‬سؤال‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى:‭ ‬هل‭ ‬استطاع‭ ‬المغرب‭ ‬التقدم‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬المناخية؟

أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التنزيل‭ ‬ومواجهة‭ ‬الظواهر‭ ‬الطبيعية‭ ‬والمناخية‭ ‬فهناك‭ ‬مجهود‭ ‬يبذل،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬كافي‭ ‬ويناسب‭ ‬حجم‭ ‬التحديات‭ ‬المطروحة‭ ‬بيئيا‭ ‬وايكولوجيا‭ ‬على‭ ‬الدولة؟‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬إجابات‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تقييم‭ ‬مدى‭ ‬فعالية‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬والاختيارات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والبيئية‭ ‬،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الى‭ ‬بحث‭ ‬معمق‭ ‬ونقاش‭ ‬عمومي‭ ‬شفاف‭ ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬الإشكالات‭ ‬المطروحة‭ ‬ويفتح‭ ‬أفاق‭ ‬لرسم‭ ‬سياسات‭ ‬عمومية‭ ‬مندمجة‭ ‬ومستدامة‭ ‬مستقبلا‭ ‬بمقاربات‭ ‬متعددة‭.‬

من‭ ‬بين‭ ‬مظاهر‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬قلة‭ ‬التساقطات‭ ‬المطرية‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة،‭ ‬وتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الانسان‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬للتنمية،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬تزايد‭ ‬ضربات‭ ‬الشمس‭ ‬بالنسبة‭ ‬27%‭ ‬بسبب‭ ‬الحرارة‭ ‬المرتفعة‭ ‬الغير‭ ‬العادية‭ ‬مقارنة‭ ‬بالسنوات‭ ‬الماضية‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭ ‬حسب‭ ‬تقارير‭ ‬واحصائيات‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬حيث‭ ‬باشرت‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬حملة‭ ‬تحسيسية‭ ‬للتوعية‭ ‬بمخاطر‭ ‬تأثير‭ ‬الحرارة‭ ‬على‭ ‬الإنسان،‭ ‬خاصة‭ ‬الرضاع‭ ‬والأطفال‭ ‬والشيوخ‭ ‬والنساء‭ ‬الحوامل‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬شروط‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭.‬

أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬الحرارة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقتل‭ ‬النبات‭ ‬والشجر‭ ‬والانسان‭ ‬وحدها‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬استمرار‭ ‬الحرارة‭ ‬مع‭ ‬الإهمال‭ ‬وعدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬الاحتياطات‭ ‬اللازمة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقتل‭ ‬النفوس‭ ‬والعزائم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تلكؤ‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬التخفيف‭ ‬والتأقلم‭ ‬كدعم‭ ‬فاتورة‭ ‬الكهرباء‭ ‬ودعم‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬وتوفير‭ ‬شروط‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬الشغل‭ ‬والعمل‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تهجيرها‭ ‬بفعل‭ ‬سياسات‭ ‬اللاعدالة‭ ‬المنتهجة‭ ‬لعقود،‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬احتقان‭ ‬اجتماعي‭ ‬قد‭ ‬ينذر‭ ‬بالخطر‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استمرار‭ ‬تجاهل‭ ‬الحكومة‭ ‬وعدم‭ ‬استغاثة‭ ‬المتضررين‭ ‬،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬الانصاف‭ ‬والعدالة‭ ‬المجالية‭ ‬و‭ ‬جبر‭ ‬الضرر‭ ‬،‭ ‬قبل‭ ‬طرح‭ ‬موضوع‭  ‬العدالة‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬بعيدة‭ ‬المنال‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التدبير‭ ‬الحكومي‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬يفتقر‭ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ‬لبوصلة‭ ‬الإستثمار‭ ‬المستدام‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

فالتدبير‭ ‬العمومي‭ ‬لقضايا‭ ‬المناخ‭ ‬بالمغرب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬العقلنة‭ ‬والعلم‭ ‬وإرادة‭ ‬سياسية‭ ‬وكفاءات‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬خاص،‭ ‬لأن‭ ‬تدبير‭ ‬الوضعيات‭ ‬المناخية‭ ‬ليس‭ ‬شيئا‭ ‬ثابتا‭ ‬سهل‭ ‬التعامل‭ ‬معه،‭ ‬فمثلا‭ ‬بناء‭ ‬السدود‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الحرارة‭ ‬سيؤذي‭ ‬حتما‭ ‬إلى‭ ‬هدر‭ ‬ميزانية‭ ‬ضخمة‭ ‬دون‭ ‬نتيجة،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬حل‭ ‬لعامل‭ ‬التبخر‭ ‬المرتفع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ينبغي‭ ‬دراسة‭ ‬بيئية‭ ‬وايكولوجية‭ ‬لأي‭ ‬مشروع‭ ‬استثماري‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭.‬

كما‭ ‬نسجل‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬انتشار‭ ‬الزراعات‭ ‬المستنزفة‭ ‬للماء‭ ‬ضدا‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والاحصائيات‭ ‬المقلقة‭ ‬للوضعية‭ ‬المائية‭ ‬"البصمة‭ ‬المائية"‭ ‬المهدورة‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬مراقبة‭ ‬صارمة،‭ ‬ونهج‭ ‬سياسة‭ ‬اللامبالاة،‭ ‬وعدم‭ ‬تقدير‭ ‬خطورة‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬الزراعات‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الفرشة‭ ‬المائية‭ ‬الجوفية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سنوات‭ ‬الجفاف‭ ‬والحرارة‭ ‬المفرطة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭...‬

إذا‭ ‬كانت‭ ‬العوامل‭ ‬الطبيعية‭ ‬غير‭ ‬متحكم‭ ‬فيها‭ ‬وعبارة‭ ‬عن‭ ‬تحديات‭ ‬خارجية،‭ ‬فما‭ ‬المقدور‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية،‭ ‬فالأمر‭ ‬في‭ ‬إعتقادي‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬وعي‭ ‬فردي‭ ‬وجماعي‭ ‬لمواجهة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬وهذا‭ ‬دور‭ ‬المدرسة‭ ‬والأسر‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وتنزيل‭ ‬البرامج‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الترابي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬ضعيفا‭ ‬(ضعف‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬قلة‭ ‬التشجير،‭ ‬عدم‭ ‬مراعاة‭ ‬الخصوصية‭ ‬كالطين‭ ‬في‭ ‬الناء‭ ‬أمام‭ ‬زحف‭ ‬الاسمنت‭...‬)،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الى‭ ‬رؤية‭ ‬متكاملة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬تشخيص‭ ‬تشاركي‭ ‬وحوار‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬بغية‭ ‬تعبئة‭ ‬كل‭ ‬المتدخلين‭ ‬والفاعلين‭ ‬والشركاء‭ ‬المحليين‭ ‬والدوليين‭ ‬لإنجاح‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬والمتوسط‭ ‬والبعيد‭.  ‬

تحتاج‭ ‬ساكنة‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬الى‭ ‬برامج‭ ‬الدعم‭ ‬لتأقلم‭ ‬والتكيف،‭ ‬واستثمار‭ ‬هذه‭ ‬الحرارة‭ ‬لإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية،‭ ‬وتقليص‭ ‬نسبة‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬وترشيد‭ ‬استعمال‭ ‬الماء،‭ ‬ودعم‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬وتشغيل‭ ‬الشباب‭ ...‬

لأن‭ ‬بدون‭ ‬التفاتة‭ ‬عاجلة‭ ‬للدولة‭ ‬لهذه‭ ‬المناطق‭ ‬الطاردة‭ ‬للبشر‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬استفحلت‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬بسبب‭ ‬الهجرة‭ ‬المناخية‭ ‬نحو‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬مما‭ ‬يهدد‭ ‬استقرار‭ ‬المدن‭ ‬والسلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إن‭ ‬قدر‭ ‬لله‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬المناخية،‭ ‬إذا‭ ‬اتخذ‭ ‬إجراءات‭ ‬استباقية‭ ‬وجعل‭ ‬قضية‭ ‬المناخ‭ ‬أولوية‭ ‬ومدخلا‭ ‬أساسيا‭ ‬وبارومتر‭ ‬لقياس‭ ‬مدى‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬التنمية‭.‬

إن‭ ‬ارجاع‭ ‬الحياة‭ ‬لهذه‭ ‬المناطق‭ ‬والحركة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬رهين‭ ‬باختيارات‭ ‬الدولة‭ ‬ونظرتها‭ ‬للتنمية‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬مؤهلات‭ ‬كبيرة‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬استثمارها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الترابي‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬لإنتاج‭ ‬الثروة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يستلزم‭ ‬التباحث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬نموذج‭ ‬تنموي‭ ‬نريد‭ ‬لهذه‭ ‬المناطق‭ ‬من‭ ‬المغرب‭.‬؟‭ ‬ويبقى‭ ‬الرهان‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬الى‭ ‬فرص‭ ‬حقيقية‭ ‬لربح‭ ‬رهانات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭. ‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬بمنطق‭ ‬المغرب‭ ‬"غير‭ ‬النافع"‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصير‭ ‬نافعا‭ ‬إذا‭ ‬تغيرت‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬الأسفل‭ ‬الى‭ ‬الأعلى،‭ ‬وأن‭ ‬تجعل‭ ‬الانسان‭ ‬والمجال‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬اهتماماتها‭ ‬التنموية،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬المقاربة‭ ‬الأمنية‭ ‬والاطفاء‭ ‬للبؤر‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬توترات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وبشكل‭ ‬لحظي‭ ‬وموسمي،‭ ‬بل‭ ‬البناء‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للتنمية‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬اعتماد‭ ‬التوازن،‭ ‬ونهج‭ ‬سياسات‭ ‬عمومية‭ ‬أكثر‭ ‬انصافا‭ ‬ونجاعة‭ ‬لتدارك‭ ‬الخصاص‭ ‬الذي‭ ‬تراك‭ ‬لعقود‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬مطالب‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬سياسته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والبيئية‭ ‬باستمرار‭ ‬وتكييفها‭ ‬مع‭ ‬الأولويات،‭ ‬لأن‭ ‬محدودية‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬قد‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬نجاعتها‭ ‬وفعاليتها،‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬استلهام‭ ‬التجارب‭ ‬الدولية‭ ‬الناجحة،‭ ‬والانكباب‭ ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬قدرات‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفساد،‭ ‬وربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭ ‬لتحسين‭ ‬وضعية‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭.‬