Saturday 26 July 2025
كتاب الرأي

الصديق معنينو: في متحف الإبداع

الصديق معنينو: في متحف الإبداع الصديق معنينو
في الطابق السابع عشر في أقدم عمارة في الدار البيضاء انتظم حفل فني في متحف الفنان عبد الوهاب الدكالي. اجتمع عدد من أعضاء جمعية فاس نوستالجيا»، لترديد جماعي لقصائد الطرب الأصيل. كان الجمع في غاية الأناقة والروح الفنية، كما عودتنا لقاءات مماثلة لجمعيات من فاس الشغوفة بالحفاظ على الإرث الحضاري وفي مقدمته الطرب المغربي الأندلسي.
 
العرين
كانت أول زيارة أقوم بها لمتحف جمع الكثير من ذكريات الفنان الدكالي، اختارها بدقة وأريحية لتحتفظ للتاريخ بحياة مليئة بالعطاء الإبداعي... في هذا المتحف ليس هناك فقط أصداء من الغناء، بل هناك على جدران المتحف العديد من اللوحات الزيتية بعضها لكبار العظماء... الحسن الثاني داروين فانغوغ وغيرهم.... هذه اللوحات بريشة الدكالي... في زاوية خاصة مجموعة من الأوسمة وهدايا رؤساء الدول وشهادات من فنانين ومبدعين.... أثار انتباهي تنويه من ثلاثة من باباوات الفاتيكان لمن وصفوه بالبروفيسور الداعي للسلام عبد الوهاب الدكالي... هناك عدة غرف مليئة بالذكريات تكون نماذج للإبداع والفن والثقافة.
 
الأندلس المغربية
استمتعت ورددت في بعض الأوقات نفحات من الطرب المغربي الأندلسي... فوجئت بالحضور وهو في نشوة يتذكر ما احتفظ به في ذاكرته من أيام زمان جلست إلى جانب الفنان وحدثني باعتزاز عن البعض من ظروف إنتاجه في الغناء والرسم والشعر والتأليف... حدثني كذلك عن مناسبة تلقيه لآلة عود الفنان المصري الكبير محمد عبد الوهاب وعود الفنان محمد القصبجي رئيس الفرقة الماسية» للفنانة أم كلثوم وآلات موسيقية أخرى وضعها فوق ما يعتبره عرشا» لدولة غابرة اقتناه وقام بترميمه.
 
بصمات
قدمت لعبد الوهاب كتابي بعنوان «بصمات ونوهت بالعلاقة التي جمعتنا منذ زمان وقلت في حقه بأنه فنان أنيق في أحاديثه وأنيق في غنائه وأنيق في معاشرته». صفق الحاضرون وقام الدكالي معلناً أنه سيحتفظ إلى الأبد بهذه البصمات وبأن محتويات هذا المتحف قد استمعت إلى كلماتي وسعدت بهذا اللقاء....
أخذني لأزور المتحف معلقاً على كل ما يضمه من نادر الوثائق وعجيب الذكريات... قدم لي الكتاب الذهبي حيث سجلت انطباعاتي حول ما عشته بعد ظهر ذلك اليوم، كما قدم لي مجسما، عليه صورته وشهادة تؤرخ زيارتي لهذا المعرض الفريد.
 
فرصة ضائعة
وأنا في طريق العودة إلى منزلي شعرت بأنه كان علي بدوري أن أجمع ما أتوفر عليه من وثائق وأوسمة وشارات صحافية وصور ومجسمات وهدايا وما إلى ذلك وأقوم بإعداد متحف يحتفظ للقادم من الأعوام بصدى أربعين سنة من العمل الصحافي... في نفس الوقت شعرت بارتياح لأنني سجلت ذكرياتي من الأجزاء الستة من أيام زمان وكذا من كتاب بصمات»، وهو ألبوم يضم ما يزيد عن ثلاثمائة صورة ... حرت في الأمر ولكني شعرت بأن الوقت قد فات والفرصة ضاعت وتساءلت كيف سيكون مصير هذه الكمية الهائلة من الوثائق... واقتنعت بأن المشروع مستحيل.... وفي الأخير تيقنت أن الشيخوخة تمنع الأحلام... وما شاء الله....