نعم الفقر يقتل 15 امرأة على صدقة ﻻ تتجاوز 50 درهما، يقتل أغلى ما في الإنسان كرامته، ويقتل الجنين في بطن أمه بل يُقتل الجيل القادم بأكمله...
فالكثير منا سينظر للفاجعة بعين شفقة وإحسان وآهات.. والقول إن الموت قدر مقدر ﻻ مفر منه، لكن الواقع المرير يقول إن ما وقع بمنطقة سيدي بولعلام ضواحي الصويرة ماهو إﻻ وجه من الوجوه التي تعرت نتيجة التمايز اﻻجتماعي واللامساواة وانعدام العدالة، ﻷن العيب ليس في الفقر والموت لكن العيب الحقيقي هو ما خفي وراء تفاقم ظاهرة الفقر المدقع لدرجة الموت على "خنشة طحين"؟؟؟؟
إن ما حدث صباح اليوم بالصويرة يجعلنا نستحضر مصطلح نهب وتبذير المال العام في أحد صوره. أﻻ وهي إهدار المال العام في إطارات الأجور العليا التي تعطى لكبار المسؤولين والعلاوات والمكافآت، حيث يعد نهب وتبذير المال العام ليس عبارة عن ظاهرة عابرة فقط وإنما تتوفر على جذور تاريخية، ﻻتعترف بالتجديد، حيث ﻻزال بعض الأشباح يعتبرون الدولة بمثابة ضيعة مخصصة لهم يفعلون بها ما يشاؤون، وينتعشون في الوسط الذي تتفاقم فيه مظاهر الفقر والبطالة والتهميش واﻷمية، فيستغلون سداجة المواطنين لإغراقهم في بحور من الوهم والخرافات والحلول الترقيعية لمشاكلهم.
ولذلك قال عمر بن الخطاب "لو كان الفقر رجلا لقتلته". نعم حكم عمر عليه بالإعدام، جرمه جرماً وطبق عليه أشد أنواع الأحكام وهو القتل، لأنه يعرف ما يفعله بالإنسان، ولذلك فإن الشرع الإسلامي غلظ في سرقة المال العام وجعلها من صور الفساد في الأرض، ورخص للحاكم المسلم بالتعزير في الأحكام إلى حد البثر، ليكون السارق من المال العام عبرة لغيره.. لماذا؟ لأن المال المسروق يسرق معه أجيالاً وأجيالاً، بل ويقتل فرص تشكيل وتكوين وتطوير أدمغة أطفال اليوم.. جيل الغد.. إشراقة المستقبل..
فلكم الرحمة ياشهيدات "خبز"، وعليكم يا كبار المسؤولين محاربة هذا الفقر كما تحاربون نزلة برد تصيب جيوبهم.