1. تمهيد: القرار في سياقه الدولي الراهن
أتى قرار مجلس الأمن الصادر في 31 أكتوبر 2025 — والذي صوّتت له أغلبية الأعضاء — تتويجًا لمسار متدرج في مواقف المجتمع الدولي تجاه قضية الصحراء المغربية، وانتقالًا من منطق “تدبير نزاع” إلى منطق “إقرار حلّ سياسي واقعي ودائم”.
فبعد سنوات من الجمود، قدّمت الولايات المتحدة مسودة قرار تبنّت فيها لأول مرة صراحةً مقاربة تعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الإطار الأكثر جدية وواقعية للتسوية، وهو ما شكّل تحولًا نوعيًا في مقاربة مجلس الأمن، إذ لم يعد يضع الاستفتاء كخيار مطروح، بل جعل الحل السياسي الواقعي هو المرجعية الوحيدة للعملية الأممية.
أتى قرار مجلس الأمن الصادر في 31 أكتوبر 2025 — والذي صوّتت له أغلبية الأعضاء — تتويجًا لمسار متدرج في مواقف المجتمع الدولي تجاه قضية الصحراء المغربية، وانتقالًا من منطق “تدبير نزاع” إلى منطق “إقرار حلّ سياسي واقعي ودائم”.
فبعد سنوات من الجمود، قدّمت الولايات المتحدة مسودة قرار تبنّت فيها لأول مرة صراحةً مقاربة تعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الإطار الأكثر جدية وواقعية للتسوية، وهو ما شكّل تحولًا نوعيًا في مقاربة مجلس الأمن، إذ لم يعد يضع الاستفتاء كخيار مطروح، بل جعل الحل السياسي الواقعي هو المرجعية الوحيدة للعملية الأممية.
2. الطبيعة القانونية للقرار
القرار، وإن صدر في إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بتسوية المنازعات بالطرق السلمية، إلا أنه يكتسب قوة سياسية شبه ملزمة بالنظر إلى تبنّيه من طرف أغلبية دائمة في المجلس، وارتباطه بتجديد ولاية بعثة المينورسو.
من زاوية القانون الدولي، لا يترتب عن هذا القرار إنشاء التزامات قانونية جديدة على المغرب، بقدر ما يعيد تحديد المعايير المرجعية لعملية التفاوض: أي الواقعية، البراغماتية، واحترام السيادة والوحدة الترابية للدول.
وبذلك ينتقل المفهوم القانوني “لتقرير المصير” من معناه الكلاسيكي (الانفصال أو الاستقلال) إلى معناه الحديث كحقّ في تدبير الشؤون المحلية ضمن وحدة الدولة.
القرار، وإن صدر في إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بتسوية المنازعات بالطرق السلمية، إلا أنه يكتسب قوة سياسية شبه ملزمة بالنظر إلى تبنّيه من طرف أغلبية دائمة في المجلس، وارتباطه بتجديد ولاية بعثة المينورسو.
من زاوية القانون الدولي، لا يترتب عن هذا القرار إنشاء التزامات قانونية جديدة على المغرب، بقدر ما يعيد تحديد المعايير المرجعية لعملية التفاوض: أي الواقعية، البراغماتية، واحترام السيادة والوحدة الترابية للدول.
وبذلك ينتقل المفهوم القانوني “لتقرير المصير” من معناه الكلاسيكي (الانفصال أو الاستقلال) إلى معناه الحديث كحقّ في تدبير الشؤون المحلية ضمن وحدة الدولة.
3. التحول في الفلسفة التفاوضية الأممية
يمكن اعتبار هذا القرار حلقة مفصلية في تطور الفقه الأممي المتعلق بالنزاعات الإقليمية. فمجلس الأمن، في قراراته المتعاقبة منذ 2007، كان يتحدث عن “حل سياسي واقعي متوافق عليه”.
أما في قرار 2025، فقد أضاف بعدًا تفسيريًا واضحًا حين نصّ على أن “الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر قابلية للتطبيق”، ما يعني اعتماد النموذج المغربي كمرجعية تفسيرية ملزمة للمبعوث الشخصي للأمين العام، وللأطراف المعنية بالمفاوضات المستقبلية.
هذا التحول ينسجم مع تطورات القانون الدولي المعاصر التي تفضل مقاربة الحلول المبتكرة (بدل المقاربات الانفصالية التي أظهرت محدوديتها في استقرار المنظومة الإقليمية.
يمكن اعتبار هذا القرار حلقة مفصلية في تطور الفقه الأممي المتعلق بالنزاعات الإقليمية. فمجلس الأمن، في قراراته المتعاقبة منذ 2007، كان يتحدث عن “حل سياسي واقعي متوافق عليه”.
أما في قرار 2025، فقد أضاف بعدًا تفسيريًا واضحًا حين نصّ على أن “الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر قابلية للتطبيق”، ما يعني اعتماد النموذج المغربي كمرجعية تفسيرية ملزمة للمبعوث الشخصي للأمين العام، وللأطراف المعنية بالمفاوضات المستقبلية.
هذا التحول ينسجم مع تطورات القانون الدولي المعاصر التي تفضل مقاربة الحلول المبتكرة (بدل المقاربات الانفصالية التي أظهرت محدوديتها في استقرار المنظومة الإقليمية.
4. القراءة القانونية لمفهوم الحكم الذاتي في ضوء القرار
ينبغي فهم “الحكم الذاتي” كما يطرحه المغرب ضمن مبدأ اللامركزية الموسّعة ذات الطابع الدستوري، وليس كتنازل سيادي أو حل انتقالي.
فالقرار الأخير رسّخ هذا الفهم حين تحدّث عن أي حكم ذاتي حقيقي، بما يعني أنه يستند إلى صلاحيات تشريعية وتنفيذية وقضائية داخل إقليم متميّز الهوية، في إطار وحدة الدولة.
بالتالي، يمكن القول إن مجلس الأمن قدّم اعترافًا ضمنيًا بأن الصحراء ليست “إقليمًا محتلًا” كما تدّعي الأطراف المعادية، بل إقليم موضوع نزاع سياسي قيد التسوية ضمن سيادة دولة قائمة وفاعلة.
ينبغي فهم “الحكم الذاتي” كما يطرحه المغرب ضمن مبدأ اللامركزية الموسّعة ذات الطابع الدستوري، وليس كتنازل سيادي أو حل انتقالي.
فالقرار الأخير رسّخ هذا الفهم حين تحدّث عن أي حكم ذاتي حقيقي، بما يعني أنه يستند إلى صلاحيات تشريعية وتنفيذية وقضائية داخل إقليم متميّز الهوية، في إطار وحدة الدولة.
بالتالي، يمكن القول إن مجلس الأمن قدّم اعترافًا ضمنيًا بأن الصحراء ليست “إقليمًا محتلًا” كما تدّعي الأطراف المعادية، بل إقليم موضوع نزاع سياسي قيد التسوية ضمن سيادة دولة قائمة وفاعلة.
5. البُعد الحقوقي والإنساني في القرار
رغم أن القرار لم يتضمن فقرة صريحة حول آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان، إلا أنه أقرّ ضمنيًا باستقرار الأوضاع الحقوقية عبر إشادته بجهود المؤسسات الوطنية (المجلس الوطني لحقوق الإنسان) والتقارير الدورية للمفوضية السامية.
ومن زاوية القانون الدولي الإنساني، فإن تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة كاملة مع طلب مراجعة استراتيجية خلال ستة أشهر، يُظهر أن المجلس يسعى إلى تحويل طبيعة البعثة من مراقبة وقف إطلاق النار إلى دعم العملية السياسية، دون تحويلها إلى بعثة “حقوق إنسان” بالمعنى التقليدي، وهو توازن دقيق بين احترام سيادة الدولة ومقتضيات الحماية الدولية.
رغم أن القرار لم يتضمن فقرة صريحة حول آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان، إلا أنه أقرّ ضمنيًا باستقرار الأوضاع الحقوقية عبر إشادته بجهود المؤسسات الوطنية (المجلس الوطني لحقوق الإنسان) والتقارير الدورية للمفوضية السامية.
ومن زاوية القانون الدولي الإنساني، فإن تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة كاملة مع طلب مراجعة استراتيجية خلال ستة أشهر، يُظهر أن المجلس يسعى إلى تحويل طبيعة البعثة من مراقبة وقف إطلاق النار إلى دعم العملية السياسية، دون تحويلها إلى بعثة “حقوق إنسان” بالمعنى التقليدي، وهو توازن دقيق بين احترام سيادة الدولة ومقتضيات الحماية الدولية.
6. الأبعاد الدبلوماسية والسياسية للقرار
يمثل هذا القرار مكسبًا استراتيجيًا للدبلوماسية المغربية لعدة اعتبارات:
تثبيت القيادة الأمريكية كداعم رئيسي لمغربية الصحراء في إطار مؤسسي أممي.
يمثل هذا القرار مكسبًا استراتيجيًا للدبلوماسية المغربية لعدة اعتبارات:
تثبيت القيادة الأمريكية كداعم رئيسي لمغربية الصحراء في إطار مؤسسي أممي.
7 .عزلة الموقف الجزائري
تحييد المفهوم الاستفتائي بشكل شبه كامل من النص، ما يعني غلق الباب أمام العودة إلى حلول غير واقعية.
إعادة صياغة سردية الملف داخل الأمم المتحدة من نزاع “تصفية استعمار” إلى نزاع “حول نموذج الحكم الذاتي”.
تحييد المفهوم الاستفتائي بشكل شبه كامل من النص، ما يعني غلق الباب أمام العودة إلى حلول غير واقعية.
إعادة صياغة سردية الملف داخل الأمم المتحدة من نزاع “تصفية استعمار” إلى نزاع “حول نموذج الحكم الذاتي”.
8. الانعكاسات على القانون الدولي الإقليمي
يُعتبر القرار خطوة في اتجاه ترسيخ مبدأ وحدة الدول الإقليمية مقابل النزعات الانفصالية، انسجامًا مع الاتجاه السائد في الاتحاد الإفريقي نفسه الذي رفض الاعتراف بالكيانات الانفصالية خارج الحدود الاستعمارية.
كما أن القرار يُعيد تأكيد قاعدة (احترام الحدود الموروثة) كمبدأ حاكم للنظام الإقليمي الإفريقي، وهو ما ينسجم مع موقف المغرب الذي يرى أن الصحراء جزء من ترابه الوطني التاريخي.
يُعتبر القرار خطوة في اتجاه ترسيخ مبدأ وحدة الدول الإقليمية مقابل النزعات الانفصالية، انسجامًا مع الاتجاه السائد في الاتحاد الإفريقي نفسه الذي رفض الاعتراف بالكيانات الانفصالية خارج الحدود الاستعمارية.
كما أن القرار يُعيد تأكيد قاعدة (احترام الحدود الموروثة) كمبدأ حاكم للنظام الإقليمي الإفريقي، وهو ما ينسجم مع موقف المغرب الذي يرى أن الصحراء جزء من ترابه الوطني التاريخي.
9. تقييم ختامي واستشراف
يُمكن اعتبار قرار مجلس الأمن (أكتوبر 2025) نقطة تحول قانونية ودبلوماسية في مسار قضية الصحراء المغربية.
فمن الناحية القانونية، عزز القرار شرعية المقاربة المغربية المستندة إلى حل سياسي واقعي في إطار السيادة والوحدة الترابية، ومن الناحية السياسية، أعاد ترتيب موازين القوى داخل الأمم المتحدة لصالح الرؤية المغربية.
إن قرار مجلس الأمن الأخير لا يقتصر على كونه وثيقة أممية، بل هو منعطف تاريخي في تطور الفقه الدولي حول العلاقة بين السيادة الوطنية وحق الشعوب في تقرير المصير.
وبالنسبة للمغرب، يمثل هذا القرار اعترافًا صريحًا بجدوى مقاربته الواقعية، ودعوة لمواصلة الدبلوماسية الهادئة، وتعزيز النموذج المغربي في الحكم الذاتي باعتباره صيغة مبتكرة للحكم الرشيد الإقليمي.
يُمكن اعتبار قرار مجلس الأمن (أكتوبر 2025) نقطة تحول قانونية ودبلوماسية في مسار قضية الصحراء المغربية.
فمن الناحية القانونية، عزز القرار شرعية المقاربة المغربية المستندة إلى حل سياسي واقعي في إطار السيادة والوحدة الترابية، ومن الناحية السياسية، أعاد ترتيب موازين القوى داخل الأمم المتحدة لصالح الرؤية المغربية.
إن قرار مجلس الأمن الأخير لا يقتصر على كونه وثيقة أممية، بل هو منعطف تاريخي في تطور الفقه الدولي حول العلاقة بين السيادة الوطنية وحق الشعوب في تقرير المصير.
وبالنسبة للمغرب، يمثل هذا القرار اعترافًا صريحًا بجدوى مقاربته الواقعية، ودعوة لمواصلة الدبلوماسية الهادئة، وتعزيز النموذج المغربي في الحكم الذاتي باعتباره صيغة مبتكرة للحكم الرشيد الإقليمي.
محمد السباعي، خبير وباحث في مجال حقوق الإنسان
