الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

المتقاعدون يتساءلون.. من هو رئيس الحكومة الفعلي العثماني أم بنشعبون؟

المتقاعدون يتساءلون.. من هو رئيس الحكومة الفعلي العثماني أم بنشعبون؟ محمد بنشعبون (يمينا) وسعد الدين العثماني (يسارا)

كانت جريدة "أنفاس بريس" قد طرحت سؤال: هل سيؤيد مجلس النواب قرار إعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل بعد قبول مجلس المستشارين للتعديل ضمن مشروع قانون المالية 2021؟..

وأكدنا على أن هذا السؤال يشغل بال الرأي العام الوطني، خاصة فئة المتقاعدين...لماذا؟ لأن فئة المتقاعدين كانت قد عاشت سابقة مؤلمة في سنة 2019، إذ بعد الأمل الذي خلقه اقتراح إعفاء المتقاعدين في سيناريو إعداد القانون المالي لسنة 2020، وتبادل التهاني بينهم، فوجئوا وصدموا بوزير الاقتصاد والمالية، وهو يشهر حق الفيتو ـ الإعتراض ـ وإسقاط التعديل الذي يهم المتقاعدين، مستندا على الفصل 77 من الدستور.

إسقاط التعديل من طرف وزير الإقتصاد والمالية بنشعبون، طرح عدة أسئلة حارقة وكشف على أن حزب العدالة والتنمية لا يهمه مصير شعب الفئات المتوسطة التي تنعش اقتصاد الوطن والتي تنخرط في الدورة الاقتصادية بتضحياتها المختلفة. وكشف أيضا أن الخطاب السياسي لوزراء حزب البيجيدي في الصالونات وعبر التصريحات الصحافية والبلاغات الحكومية لا ينطبق على الممارسة السياسية داخل المؤسسات الوطنية.

في هذا السياق تساءل عدة مراقبين عن قدرة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني على ممارسة سلطاته الواسعة التي منحها له دستور 2011 للدفاع عن مفهوم التماسك الاجتماعي وردم الهوة بين الطبقات الضعيفة والهشة، وصناعة الأمل في صفوف فئة المتقاعدين، والتي تستحق فعلا التفاتة حكومية  لما قدمته من تضحيات في سبيل النهوض بالإقتصاد الوطني؟ على اعتبار أن الغلاف المالي برمته الذي كان موضوع نقاش من أجل تزكية التعديل المرتبط بإعفاء المتقاعدين من جميع الضرائب التي أنهكت أجورهم الهزيلة لا يتجاوز بالكاد مليار و 300 مليون درهم.

هنا ينتصب سؤالا آخر أكثر جرأة في اتخاذ القرار السياسي من داخل المؤسسة التنفيذية، لتتحمل الأغلبية الحكومية مسؤولياتها أمام فئة المتقاعدين: أليست لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب البيجيدي، الجرأة والقدرة على التفاوض مع ويزره الحامل لحقيبة الإقتصاد والمالية بنشعبون، من أجل انتزاع على الأقل نسبة 50 في المائة من الغلاف المالي (مليار و 300 مليون درهم) لتحقيق تطلعات المتقاعدين المنهوكة أجورهم برزمة من الإقتطاعات الضريبية في ظل تجميد الحوار الاجتماعي والإلتفاف على حقوق الشغيلة والمتقاعدين منذ عهد عبد الإله بنكيران غير المأسوف على رحيله؟

"إن صدمة إسقاط التعديل بمجلس النواب في السنة المنصرمة قد اكتوت به فعلا فئة المتقاعدين إلى درجة أنهم اعتبروا أن رئيس الحكومة الفعلي هو وزير الإقتصاد والمالية بنشعبون، وليس سعد الدين العثماني الذي بلع لسانه وانحاز كعادته إلى صف إغراق المتقاعدين بالضرائب التي تلتهم ثلث المستحقات التي ساهمت بها الشغيلة في صناديق التقاعد والإجهاز على القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة"، يؤكد أحد الفعاليات الحقوقية الذي تساءل قائلا: "من يسير الحكومة، سعد الدين العثماني أم بنشعبون؟ من هو رئيس الحكومة الفعلي العثماني أم بنشعبون؟ و من منحته نسبة التصويت الأغلبية ثم كرسي الرئاسة العثماني أم بنشعبون؟

واعتبرت عدة أصوات حقوقية بأن الفصل 77 من الدستور المغربي الذي لجأ إليه وزير الإقتصاد والمالية، "يجب إشهاره عند الضرورة، وفي الحالات القصوى، وليس لمحاربة فئة اجتماعية تؤدي ضرائب باهظة مقابل عدم تطبيق ضرائب على الثروة التي يكدسها البعض دون حساب "

في ظل تداعيات جائحة "كورونا" على فئات عريضة من الشعب المغربي وتمدد الإكراهات والإنتظارات المختلفة في الأوساط الإجتماعية، وانعكاسها كذلك على فئة المتقاعدين فالكل "ينتظر على الأقل من الرئيس الحكومة أن يستيقظ من بياته الطويل، ويعلن عن موقفه من إشهار الفصل 77 في وجه الفرق النيابية التي تقدمت بالتعديل لصالح فئة المتقاعدين، والترافع عن حقوقهم الإقتصادية والإجتماعية التي أسسوا لها بعرق جبينهم وساهموا في صناديق التقاعد بأجورهم في أفق أن يعيشوا ما تبقى لهم من حياة بموفور الصحة والعيش الكريم" يوضح مصدر الجريدة.

نعم، هناك أمل جديد ينتظر تحقيقه في إطار القراءة الثانية لمشروع قانون المالية 2021 ، بعدما صوت مجلس المستشارين على تعديل جديد انصب على المادة 56 من المدونة العامة للضرائب، وتحديدا ما يتعلق بالأجور والدخول المعتبرة في حكمها، واقتراح حذف معاشات المتقاعدين من كافة أنواع الضرائب في قانون مالية 2021 ، في انتظار الموافقة على التعديل بالجلسة العامة بمجلس النواب التي سيتم إحالة مشروع قانون المالية لسنة 2021 عليها من أجل استكمال مسطرة المصادقة عليه.

فهل ستتكرر نفس اللعبة بمجلس النواب ويتم إشهار الفصل 77 من الدستور من طرف وزير الإقتصاد والمالية وإسقاط التعديل/الأمل؟ أم أن العثماني قد استوعب الدرس السياسي وسيتفاوض مع بنشعبون لتحقيق تطلعات فئة المتقاعدين وممارسة سلطاته الدستورية؟