الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: محتجزو تندوف وجائحة كوفيد 19 أزمة في خضم أزمة

الحسين بكار السباعي: محتجزو تندوف وجائحة كوفيد 19 أزمة في خضم أزمة الحسين بكار السباعي
حينما يؤتمن السارق ، ويجوع المحتجز ، وتنتهك الحرمات لتشكل عنوان حقوق الإنسان، فتش عن المساعدات.
وحينما يتحول الباطل إلى شك، ويتحول الشك إلى زور، فتش عن القيادات .
من حقائق التاريخ ،أن كل ألم لمحتجزي تيندوف يسبقه ويسير بحدائه وتعقبه قيادات فاسدة من داخل تيندوف ،صنوان لا يفترقان ،لكننا اليوم أمام وضع خطير يمثله تفشي فيروس كوفيد19 وإغلاق الجزائر وصنيعتها البوليساريو لمداخل المخيمات ،فلا معدات طبية ولا طعام وكل مايصل من مساعدات تستولي عليها القيادة الوهمية والمخابرات العسكرية الجزائرية وتغير وجهتها، من هنا تبدأ الأزمة في ضل أزمة فيروس كورونا .
ضع ما يسمى بالمساعدات الدولية تحت المجهر وأنت ترى حجم المأساة ،إن ما وقع من منع السلطات الجزائرية لسفينة محملة بمساعدات إنسانية موجهة لمخيمات تندوف من الرسو بموانئها دليل على الخرق السافر للقانون الدولي ،فالجزائر هي المسؤولة الوحيدة عن حياة محتجزي المخيمات ولا يمكنها بأي حال من الأحوال تفويض هذا الأمر لجبهة البوليساريو .
ولوضع الأصبع على موطن الداء فيما تعيشه مخيمات تندوف من أوضاع مأساوية في ضل تفشي فيروس كورونا والتي ندعو من خلال مقالنا هذا إلى تدخل دولي عاجل ،لابد من الإشارة إلى نقطة أساس ،بل نقطة تفصيلية وفيصلية ،تحتاج لجواب شاف لسؤال محوري هو ما شرعية المساعدات الدولية ؟
وماهي شروط الاستفادة منها ؟
يمكن أن نعرف المساعدات الدولية بشكل مختصر، كونها عملية دعم تقوم بها الدول المانحة وعن طواعية بتقديم موارد إلى الدول المحتاجة. وإذا ما أسقطنا هذا التعريف على مخيمات تندوف ،وعلى قيادة جبهة البوليساريو ،وقفنا على خلل مبدأ الدولة ،فالمساعدات تقدم من دولة إلى دولة ، في حين، قضية الصحراء المغربية تقوم على وجود صراع مع جبهة البوليساريو ترعاه الجزائر ،وهنا فالجبهة الوهمية لا تمتلك صفة الدولة المعترف بها من طرف الأمم المتحدة وإنما بعض الاعترافات المترامية وحتى هي تتأرجح بين الاعتراف حينا وسحب الاعتراف أحيانا .
أضف في هذا الباب كون المساعدات التي تقدم لمحتجزي تيندوف هي على شاكلة مساعدات للاجئين، وهو ما نجده أيضا يتعارض مع الواقع المعاش ،فمخيمات تندوف هي المخيمات الوحيدة في العالم التي لا تخضع لإدارة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ،والجزائر ترفض إلى اليوم التعاون مع المفوضية لمنح صفة لاجئ لساكنة تيندوف ومنذ سنوات ومجلس الأمن الدولي يطالب حكومة الجزائر بالسماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإحصاء سكان مخيمات تندوف ، لكن دون جدوى .
فضلا عن أن البوليساريو وبأيعاز من عسكر الجزائر تضخم أعداد الاجئين (المحتجزين ) للحصول على المزيد من المساعدات من الدول المانحة والتي يتم اختلاسها وتغيير مسارها والاتجار فيها.
وأمام هذه الثغرة القانونية نقف على واقع الاتجار بأفواه محتجزي تيندوف ،ونجد أنفسنا بين مطلبين جوهريين بين اللقمة والاحتجاز ،هنا أحيلكم إلى مبلغ 8,7 مليون دولار سنويا توفره المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لتوفير الغداء ناهيك عن أزيد من عشرة آلاف طن كمساعدات من الجمعيات والمنظمات الدولية، وهذا طبعا قبل أزمة الفيروس التي إجتاحت العالم بأكمله ،هذه المساعدات التي يرجى منها الوصول لأصحابها بتندوف ،نظرا للوضع الغير مقبول واللاإنساني الذي يعجز كل وصف ، تنتهي في جيوب قيادات فاسدة للأسف، استغلت ملفا وتاجرت باسم قضية زائفة .
أما والحال وفي ضل أزمة كوفيد 19 وما آلت إليه أوضاع المخيمات وتشديد الحصار عليها ومنع دخول أية مساعدات طبية أوغيرها بل وقمع لكل الاحتجاجات وقتل لأبرياء حاولوا الهروب إلى التراب الوطني من جحيم لا يطاق، الأمر الذي أدانه المغرب بشدة والاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي ومنظمات المساعدات الدولية، لوضع يندر بكارثة إنسانية تقتضي التدخل الدولي العاجل خاصة بعد الضجة التي أثارتها منظمة ميديكوس ديلموندو الإسبانية والتي أصدرت تقريرا صحفيا يجسد الوضع الخطير الذي تعيشه مخيمات تندوف بعد تأكيد السلطات الجزائرية وجود حالات إصابة بفيروس كورونا .
بل ويدعوا مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان برئاسة ميشيل باشليت إلى التحرك للتحقيق في الوضع اللاإنساني والانعكاسات الخطيرة لتفشي فيروس كورونا على مخيمات تندوف والأعداد الحقيقية للمصابين بالفيروس وتعداد الأموات منهم ومصير المساعدات الإنسانية الموجهة لهم والانتهاكات التي وصلت إلى حد قتل الفارين من جحيم المخيمات وكل ما تتكتم عنه الحكومة الجزائرية بهذا الخصوص .
في أي ملة وفي أي دين يحق للسجان تجويح السجين وتركه حتى الموت ؟
حوالي 56 مليار دينار جزائري تبخرت سنة 2019 في تندوف بسبب قيادة البوليساريو في أكبر نهب للمساعدات ، الفضيحة فجرها مسؤول فيما يسمى بالبرلمان الصحراوي بعد اعتصامه ومطالبته بكشف الحقيقة عن التجاوزات والإنتهاكات التي تعرفها المخيمات .
تخصص المديرية العامة للحماية الاجتماعية التابعة للاتحاد الأوروبي سنويا 9ملايين دولار ،وأمام نهب المساعدات الإنسانية على حساب معانات محتجزي مخيمات تندوف يجعل التساؤل مشروعا ،أين تذهب الملايين التي تقدم كمساعدات إنسانية والتي تتجاوز 60 مليون أورو سنويا ؟
على المستوى الدبلوماسي فقد أكد عمر القادري ،الدبلوماسي في البعثة الدائمة للمغرب لدى الأمم المتحدة في تدخله أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك سنة 2017 ،أن الجزائر و البوليساريو اللتان تتبجحان بدفاعهما المزعوم عن سكان المخيمات ،ثبتت مسؤوليتهما في اختلاس المساعدات الإنسانية المخصصة لهؤلاء السكان ،وفي هذا النطاق فقد اعتمد البرلمان الأوروبي في29ابريل 2015 قرارا ،حث مفوضية الاتحاد الأوروبي على ضمان حصول مخيمات تندوف على جميع المساعدات الممنوحة لها بشكل مباشر .
مع العلم أن المدير العام للمساعدات الإنسانية في المفوضية الأوروبية يشير كون الجزائر تفرض ضريبة تقدر بنسبة 5%على المساعدات التي يتم صرفها سنويا لمخيمات تندوف .
حتى الآن ، ما تزال التطورات السلبية والخطيرة لواقع المخيمات بتندوف تضع المساعدات وأمام ضعفها نظرا لتفشي الخطير لفيروس كورونا وما قامت به الجزائر وملشيات البوليساريوا من تطويق غير مسبوق للمخيمات في سؤال عن المجهول نظرا لما تعرفه الجزائر نفسها من أزمة سياسية بعد حكومة بنصالح الانتقالية وضعف المشاركة في الانتخابات الرئاسية وفوز تبون وتعيينه اللواء سعيد شنقريحة والذي سبق له المشاركة في حرب الرمال، التي لم تنسى الجزائر عقدتها الى اليوم ،فضلا عن أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة بسبب قلة المواد الغدائية مع مواجهة تداعيات انتشار فيروس كوفيد19 والتدني الخطير لأسعار البترول.
أمور لامحالة ستكون لها تداعيات خطيرة على الوضع بمخيمات تندوف مع عجز الجزائر عن تحمل مسؤوليتها بتوفير المواد الطبية والأغذية بل واستيلائها المباشر على جميع المساعدات الدولية المقدمة لمحتجزي تندوف وتوجيهها لقاعدتها العسكرية المتواجدة بها ولا غرابة أن يتوجه أحد قادة البوليساريو المسمى الشيخ لولاد إلى رئيس الجبهة الوهمية إبراهيم غالي عن مصير المخيمات بعد تفشي الفيروس القاتل، وعن مصير ما خصص لساكنتها من مساعدات دولية من أدوية ومواد طبية ومواد غذائية وغيرها أمام اتساع دائرة المعاناة والحرمان بشكل خطير جاوز كل التوقعات.
ليضل السؤال المطروح دوما أية مساعدات في ضل التلاعبات بمصير محتجزين عزل يواجهون الموت بسبب الجوع والمرض.
وإلى متى يضل هذا الحصار ؟ وماهي الأوضاع الجديدة التي ترسم معالم نزاع الصحراء المغربية بعد كورونا ؟
ذ/ الحسين بكار السباعي، محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان .