القرار واضح ، جلي، يعد جوابا عن طلب تم إدراجه في الحكم القضائي وشكل موضوعه . لقد قالت محكمة العدل الأوربية أنها ترفض الطعن الذي تقدمت به البوليساريو في الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوربي واعتبرته طعنا غير مقبول، وفوق هذا،حكمت على هذه الحركة الانفصالية بأداء المصاريف التي تطلبتها الدعوى القضائية . وعليه، فإن هذا الاتفاق الذي هو نسخة جديدة من اتفاقات سابقة، يبقى ساري المفعول على غرار البروتوكولات الملحقة به .
القرار الذي أصدرته المحكمة أول أمس واضح لا غبار عليه، يقضي بإلغاء قرار محكمة الدرجة الأولى الصادر بتاريخ 10 دجنبر من السنة الماضية الذي قضى بالإلغاء الجزئي للاتفاق. وحتى لا يكون ثمة لبس وإبهام، أصدر الطرفان المعنيان بهذا الاتفاق ( المغرب والاتحاد الأوربي) بيانا مشتركا، عقب قرار أول أمس، أكدا فيه معاً أن "قرار مجلس الاتحاد الأوروبى المتعلق بتنفيذ الاتفاق الفلاحي يظل سارى المفعول.. ويدرس الطرفان كلاهما كافة التبعات المحتملة لحكم المحكمة، وسيعملان بتشاور بخصوص كل مسألة تتصل بتنفيذه، وفق روح الشراكة المتميزة القائمة بين الاتحاد الأوروبى والمغرب والآليات المنصوص عليها فى هذا الشأن."، و كذا على تطبيق جميع بنود هذا الاتفاق الموقع في 2012 .
لم تدّخر الجزائر وصنيعتها البوليساريو وسيلة لتغليط الرأي العام أو لنقل لإيجاد مبررات لهذه الصفعة القوية والصادمة التي تلقوها من طرف المحكمة، وأطلقوا العنان لتصريحات لا تتضمن البتّةَ مضمون القرار، ولاتشير إلى عباراته الواضحة . بل حولوا إحدى حيثيات الحكم إلى "انتصار" وحشدوا آلتهم الدعائية وجمعياتٍ وجرائدَ تحت الطلب تدور في فلكهم، وَقودُها مال الشعب الجزائري كي تزمِّر لانتصار وهمي .
وفي سياق التغليط نفسه، صرحت البوليساريو بأن قرار المحكمة "انتصار قوي للشعب الصحراوي...". فيما قال سفير الجزائر ببروكسيل إنه "تقدم ملحوظ للقضية الصحراوية...".
إن قرار المحكمة الأوربية يعد دعما وتكريسا لاتفاقيات الشراكة بين بلادنا والاتحاد الأوربي ومن بينها الاتفاق الفلاحي ..وهو قرار أجهض مخطط الجزائر في ابتزاز القضاء الأوربي ودفعه إلى مساندة أطروحتها . وهذا الإجهاض ينضاف إلى الفشل الذريع الذي حصدته أسبوعين بعد أن رفض البرلمان الأوروبي، وبشكل قاطع، تعديلا على التقرير السنوي 2015 للاتحاد الأوروبي حول حقوق الإنسان، مناوئا لمصالح المغرب ووحدته الترابية .
إن دبلوماسية الجزائر التي اعتمدت على تحريف الحقائق وابتزاز المنظمات الدولية والإقليمية، تحصد –اليوم- فشلا تلو الآخر . يحدث ذلك في وقت يتكسر فيه الاستقطاب المبني على مزاعم واهية ويتراجع التعاطف -بشكل لافت- مع أطروحة الانفصاليين بمناطق عديدة في العالم وبدول أوربية، نذكر من بينها اسبانيا التي يطالب قضاؤها بمثول زعيم البوليساريو بين يديه نظرا لاقترافه جرائم ضد الإنسانية.
قرار محكمة العدل الأوربية إذن واضح، وهو-بحق- ضربة موجعة للجزائر وللانفصاليين، وأي تأويل له، ليس إلا تغليطا وتحريفا وتزويرا للحقائق.
كتاب الرأي