الخميس 19 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

عادل السعداني:في ذكرى أربعينية محسن فكري...نسيان أم تناسي؟

عادل السعداني:في ذكرى أربعينية محسن فكري...نسيان أم تناسي؟

حلت بيننا هاته الأيام الذكرى الأربعينية لوفاة الشاب المغربي محسن فكري ...ذكرى جريمة "أطحن امو "البشعةوما ترتب عنها من استنكار شعبي وطني شمل حتى اعلى سلطة في البلاد والتي عبرت في بلاغ للديوان الملكي عن تضامن ملك البلاد مع الضحية الشاب،وتقاسمه لمشاعر الحزن والأسف لوقوع الجريمة ،ودعوته لوزير الداخليه بفتح تحقيق نزيه وشامل وشفاف حول كافة عناصر وأطراف الجريمة.تحقيق لازالت نتائجه معلقة ومبهمة لحد الساعه وبعد مرور أكثر من أربعين يوما على وقوعها مع عدم وجود أدنى مؤشرات تؤكد أنه يأخد مساره السليم والصحيح،وهو ما يؤكد استمرار الدولة على نفس المسار القديم :تشكيل لجان تحقيق وهمية لوقف الغضب الشعبي اتجاه أية جريمة يكون "اصحاب الحال" أو المخزن أو أي طرف من المرضي عليهم مقترفها.
فحتى يأخد التحقيق في جريمة أطحن امو مساره القانوني الصحيح على لجن تقصي الحقائق السابقة والتي طالما سمعنا عن تشكيلها منذ عقود دون ابلاغنا بنتائجها إن هي كانت او إجابتنا عن المسؤول /ين عن الجريمة موضوع التحقيق.
اين وصل التحقيق في جريمة بائعة بغرير؟ وأين وصل في حوادث انهيار العمارات على ساكنتها في البيضاء وغيرها في القنيطرة على عمالها وهي طور الإنجاز ؟ أين وصل التحقيق في قضايا الفساد ونهب المال والملك العام ؟ أين وصل التحقيق في قضية وفاة وزير الدولةاحمد باها و الإتحادي أحمد الزايدي؟أين وصل التحقيق في قضايا الإختطاف والإعتقال والإغتيال والتي ظلت أجهزة الدولة تخرج به عقب أي جريمة ترتكبها أجهزتها لوقف غضب شعبي بدأ يتشكل عقب الجريمة.
لقد كشفت لنا الأحداث والوقائع أن تشكيل لجان تقصي الحقائق هي مجرد سياسة لدر الرماد في عيون الشعب مادام هذا الأخير يتمتع بذاكرة جماعية شبيهة بذاكرة السمك أو مرضى الزهايمر بذاكرة سهلة النسيان،هي خطة تستعملها كافة الأنظمة الشمولية المتزينة بمساحيق تجميلية للديمقراطية للعالم الخارجي من أجل التباهي والداخلي من أجل لعبة وقف الغضب الشعبي الآنية مادامت الذاكرة سريعا ما ستنسى.
لقد نسينا جميعا ما وقع قبل أربعين يوما .....نسينا كيف كانت مشاعرنا تغلي جميعا منددين مستنكرين بالجريمة المقززة التي ذهب ضحيتها الشاب محسن بعد طحنه رفقة سمكه بشاحنة النفايات.....نسينا كيف خرج اغلبنا وفي كافة المدن المغربية للتنديد بالجريمة ومطالبين بمحاسبه مقترفيها.....نسينا كل الفتن التي هزمناهم بها أنذاك وكل الأوباش الذين تمنينا لو كنا منهم فقط أنذاك .....نسينا كيف الشموع ذابت لتنير لنا المسار وكيف أمهات الوطن زغردن في مسيرات رفض العار وكيف لسواعد الشباب أن تحمي سلامة ونظافة وأمن الدار.....نسينا كيف اصبحنا كلنا محسن وكلنا نعيش في وطن الكل مهدد فيه بالطحين تحت طواحين القمامة...نسينا كل اللوحات التي رسمناها والقصائد التي كتبناها والأزهار التي وضعناها على شاهد قبر الشهيد ....نسينا ونحن نودعه ونودع قبره وعودنا له بأن لا يهدأ لنا بال أو يغمض لنا جفن إلا بعد أن نكشف قاتليه .....
هل نسينا أم تناسينا ؟ أم هي حالة ميأوسة لا تملك حيالها إلا أن تقول : اللهم ارحمنا من ذاكرة السمك.