الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف برادة: حق المرأة القروية في التعليم العالي

عبد اللطيف برادة: حق المرأة القروية في التعليم العالي عبد اللطيف برادة

 مما لا شك فيه أنه للمرأة دوراً حيوياً وفعّالاً في بناء المجتمع، فهي اللّبنة الأساسيّة فيه، وهي كالبِذرة الّتي تُنتج ثماراً تصلُح بصلاحها وتفسد بفسادها؛ لِذا وجب علينا أنْ لا نغفل عن إعداد المرأة  من كل الجوانب لكي تتفوق في المجتمع، فنُعطيها كامل حقوقها، ونَضمن لها كرامتها، ولا ننسى أنها هي من تَبني الأجيال  كي يصنعوا مستقبلاً واعداً لبلادهم.

قد حُرمت النّساء من حقّ التّعليم في الماضي؛ وذلك لاعتقاد المجتمع بأنّها ليست بحاجةٍ إلى شهادةٍ تعليمية، ويكفيها أنْ تتعلَّم القراءة والكتابة، أو أنّها بتعلُّمها تأخذ دوراً لا يحقّ لها؛ فالرّجل كان في نظرهم أحقُّ بذلك ولكن أليس على من يقوم بتربية الأولاد أن يتعلم؟ ومن يسهر اللّيالي محاولاً تدريسهم؟ ومن يشقى ويتعب لِغرس القيم والمبادئ والأخلاق فيهم؟ ولهذا كله قد يجب أن يكون حق التعلم مكفولا للمرأة أينما كانت.

إننا لا نَغفل هنا دور المرأة غير المتعلّمة ولا نقلّل من شأنها،  سواءً أكانت المرأة متعلّمة أو غير متعلّمة، فهي أساسُ هذا المجتمع ومن واجبنا أنْ نعتني بها، ولا نقلّل من قيمتها، فمن دونها فسدت المجتمعات، ومن دونها لم تكن لِتظهر الفئة العُظمى من المفكّرين، والمبدعين، والقادة؛ فهي التي تحرص على النّهوض بهم وتوفير سبل الرّاحة والفرص لهم. لكن أليس تعليم المرأة وولوجها الجامعات امرأ يجب تعميمه على جميع الفئات وطبقات النساء سواء في المدن أو الأرياف حيث تحرم المرأة الآن حتى من التعليم الأولي.

نعم فللمرأة الغير المتعلمة كامل التقدير، لكن علينا كذلك أن نعي ونعترف بأن دور المرأة لن يكتمل إلا بولوجها أينما كانت في القرى أو الجبال الوعرة فقيرة أو معاقة إلى الجامعات.

لا ننسى أنه لولا التعليم لما برزت المرأة في عصرنا هذا ولعبت أدواراً عديدة بحاجةٍ إلى قوّةٍ وشجاعةٍ وبأس، فبفضل التعليم ظهرت المرأة القائدة لبلادها، والمرأة الطّبيبة، والمرأة المعلّمة، وأخذت دوراً حتى في مجالات الحِرف اليدوية الّتي عُرفتْ بأنّها من قوة الرّجال، ولكنّها برعت في كلِّ دورٍ لعبت فيه، وستُبدع أكثر وأكثر إذا آمن المجتمع بها، وأعطاها من الفرص ما أعطى للرّجل، فلها الحقّ في البحث عن ذاتها، وممارسة المهنة الّتي تُناسبها تماماً كحقّ الرّجل.

أو ليس من الواجب أن نعتني بتلك المرأة المهملة المهشمة في القرى والمدن الصغيرة ثم في الأرياف والفيافي، حيث لا تجد لا حقوق و لا رعاية لا من يصون أو يرحم ضعفها، فتعمل وتعيش في ظروف غير كريمة. فأين تعاليم الدين من هذا الواقع المرير؟

الإسلام على عكس اعتقاد البعض - أعطى للمرأة كافّة حقوقها، ومنحها مكانةً عظيمةً سواءً أكانت أمّاً، أو زوجةً، أو بنتاً، أو أختاً، فلها ما لها من الحقوق وعليها ما عليها من الواجبات، بل وأعطاها ميّزاتٍ إضافيّةٍ عن الرَّجل بأنْ جعلها الأمّ الّتي تكون الجنّة تحت أقدامها، وأعطاها من الحسنات ما استحقّت عندما تقوم برعاية بيتها وتهيئته على أحسن وجهٍ، وزوجها عندما تسانده وتقف معه في السّراء والضّراء، وتخفّف عنه عبء وظيفته وتعب يومه، وأولادها الّذين تسعى جاهدةً على تربيتهم تربيةً صالحة. فعلينا إذا أن نعتني بالمرأة أشد اعتناء إن رغبنا في صيانة المجتمع من الأوبئة الاجتماعية بما فيها الإجرام والتطرف وغير ذلك من المشاكل المستعصية المرأة الصالحة المتعلمة هي التي تؤمن للمجتمع رجال أوفياء لوطنهم مصلحين لمجتمعهم غيورين على دينهم.