"كلهم شفارة" عبارة نسمعها كثيرا، خاصة كلما إقتربت الإنتخابات، وهي عبارة تحتمل قراءتين:
القراءة الأولى هي أن الأشخاص الذين يرددونها باستمرار في المقاهي وفي الأماكن العامة والخاصة، هم أشخاص صدمهم الواقع بتعقيداته وعنفه، وفقدوا الثقة في أي تغيير محتمل من شأنه تحسين أوضاعهم، وبالتالي إختاروا عن قناعة، ولكن عن غير وعي، الهروب إلى الأمام ودفن رؤوسهم في التراب في انتظار مرور العاصفة، عاصفة الإنتخابات، بصخبها ووعودها وجدلها، وبعد ذلك يعودوا إلى ترديد عبارتهم الجاهرة "كلهم شفارة" وكفى الله المؤمنين شر الإنتخابات.
أما القراءة الثانية فهي أن هذه العبارة وغيرها كثير، تدخل ضمن سياسة ممنهجة يوظف فيها الإعلام والنكت والإشاعة وغيرها، بهدف دفع أكبر عدد ممكن من المواطنات والمواطنين إلى العزوف و دعدم المشاركة في الحياة السياسة، وبخاصة في العمليات الإنتخابية، حتى تبقى الساحة فارغة ويتحكموا بسهولة في الخريطة الإنتخابية التي تناسبهم في كل مرحلة من المراحل.
في كلتا الحالتين هي دعوة صريحة للعزوف، أي لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، دون بصيص أمل في تغيير محتمل يعيد لشعبنا الثقة المفقودة في السياسة والسياسيين.
إذن لا بد من الحذر ومن مواجهة مثل هذه الخطابات الهدامة التي تقتل الثقة في النفس، وتقضي على الأمل في المستقبل، خاصة وأنها تجعل الجميع، شرفاء وفاسدين، مناضلين وانتهازيين، في سلة واحدة، وهنا الخطر الكبير. فعلى الرغم من كل شيء، هناك دائما أمل يتراءى لنا من خلال تضحيات ونضالات اللآلاف من شرفاء وطننا، نساء ورجالا، قاوموا ويقاومون الظلم والاستبداد، ومنهم من ضحى حد الاستشهاد أحيانا، من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية.
يقولون " كلهم شفارة " وأقول أنا لا ليس كلهم، هناك اللآلاف من الشرفاء، في الماضي والحاضر، وفي المستقبل أيضا، وسيقولون كلمتهم يوما ما، و لم لا قريبا بمناسبة الانتخابات القادمة، بانتفاضهم على الفساد والمفسدين، وعلى الجهل والجهلة والجاهلين، وعلى كل المتربصين بالوطن وبحقوق المواطنين.
نصيحة أخيرة من يستطع أن يساهم في هذا المشروع الوطني الهام، مشروع التغيير من أجل مجتمع مغربي جدبد، مغرب الحرية والكرامة والديمقراطية، فمرحبا به في الساحة النضالية الواسعة والمستوعبة لكل الشرفاء و الغيورين على مصلحة وطننا ومصلحة مواطنينا، ومن لم يستطع، وهذا حقه، فعليه على الأقل أن يصمت، وهذا أضعف الإيمان، وألا يجعل من نفسه عالما في السياسة وفي علم الاجتماع وفي الفلسفة وفي علم الجريمة وفي الرياضة وفي كل شيء ...