قال وصفي بوعزاتي، الطبيب البيطري بجهة الشمال، إن معالجة ظاهرة الكلاب والقطط الضالة في طنجة بحاجة إلى أكثر من مجرد تمويل مادي؛ إنها بحاجة إلى خطة عمل مدروسة، إلى تنسيق مع الهيئات المعنية، وإلى إشراك الأطباء البيطريين أصحاب الكفاءة.
جاء ذلك ضمن مقالة للدكتور بوعزاتي، وذلك على خلفية توقيع جماعة طنجة على اتفاقية شراكة مع جمعية "أصدقاء الحيوانات بطنجة" من أجل معالجة ظاهرة الكلاب والقطط الضالة في المدينة. الاتفاقية، التي تنص على تخصيص 500 ألف درهم سنويًا للجمعية، تهدف إلى تقليل تكاثر هذه الحيوانات من خلال طرق التعقيم والوقاية من الأمراض الحيوانية المنشأ.
واسترسل الدكتور بوعزاتي قائلا: "من خلال التحليل الدقيق للاتفاقية وما يرافقها من إجراءات، نجد أن العديد من الجوانب تثير القلق حول الكفاءة والشفافية في تنفيذ هذا المشروع.
أبرز ما يثير التساؤلات هو غياب إشراك الأطباء البيطريين المحليين في تنفيذ هذه الاتفاقية، إذ أن الجمعية تتعاون مع طبيب بيطري واحد فقط لتنفيذ المهام المرتبطة بهذه القضية. وهذا يعد خرقًا صريحًا لمبادئ الحكامة الجيدة، حيث من المفترض أن تكون العمليات المتعلقة بصحة الحيوانات وأعمال التعقيم تحت إشراف ومشاركة جميع الأطباء البيطريين المتخصصين في المدينة.
لا يمكن في هذا السياق إغفال أن الجمعية، رغم تلقيها في السابق دعمًا ماديًا قدره 100 ألف درهم من جماعة طنجة، لم تُظهر أي أثر فعلي لهذا المبلغ في الواقع. الأمر الذي يطرح علامة استفهام كبيرة حول كيفية إدارة هذه الأموال والتأكد من تحقيق الأهداف المرجوة منها. هل تم استخدام المبلغ على الوجه الصحيح؟ وما الذي تحقق فعليًا من هذا الدعم؟
كما أن الاتفاقية الحالية، رغم ضخامة المبلغ المخصص لها، لا يمكن أن تغير واقع المدينة إذا لم يتم تنفيذها بالشكل السليم. فمبلغ 500 ألف درهم سنويًا هو مبلغ غير كافٍ لتحقيق تغيير حقيقي إذا لم يتم تقسيمه بشكل حكيم وضمن آليات عمل منظمة تضم جميع الأطراف المعنية، بدءًا من الأطباء البيطريين إلى الهيئات المختصة في التدخل في هذه القضية.
من الأهمية بمكان أن نُشير أيضًا إلى أن الجمعية ترتكب يوميا ممارسات غير قانونية من خلال محاولة تقديم خدمات الطب البيطري بواسطة أشخاص لا يحملون صفة "طبيب بيطري"، وهو أمر يتناقض مع القوانين التي تحكم مهنة الطب البيطري في المغرب.
إن هذه الخطوة التي أقدمت عليها جماعة طنجة دون إشراك مباشر للهيئة الوطنية للأطباء البيطريين، تتناقض مع ما نصت عليه الاتفاقية الأصلية التي تتطلب إشراك كافة الأطباء البيطريين المتخصصين، وتضع في دائرة الشك مصداقية العمل المشترك بين الأطراف المعنية.
في النهاية، إذا كانت نية جماعة طنجة صادقة، وهو أمر لا شك فيه، فإنها مدعوة إلى العمل على تنزيل هذه الاتفاقية بشكل صحيح. يجب أن يتم تعزيز آليات الشفافية والتنسيق بين جميع المعنيين، ويجب أن يشمل التعاون كافة الأطباء البيطريين في المدينة لضمان تقديم الخدمات الحيوية بشكل مهني وفعّال. كما ينبغي أن يترافق دعم المال العام مع تقييم حقيقي لأثر هذه الأموال، كي لا تذهب سُدى في محاولات غير منظمة أو غير قانونية. و كما نقول بالدارجة العامية: المال السايب كيعلم السرقة.
إن معالجة ظاهرة الكلاب والقطط الضالة في طنجة بحاجة إلى أكثر من مجرد تمويل مادي؛ إنها بحاجة إلى خطة عمل مدروسة، إلى تنسيق مع الهيئات المعنية، وإلى إشراك الأطباء البيطريين أصحاب الكفاءة. فقط بذلك يمكننا أن نأمل في إحداث تغيير حقيقي في واقع المدينة.