السبت 22 مارس 2025
كتاب الرأي

محمد بنصديق: مقامات موظفي الجماعات الترابية.. صدى المعاناة وتطلعات المستقبل

محمد بنصديق: مقامات موظفي الجماعات الترابية.. صدى المعاناة وتطلعات المستقبل محمد بنصديق
في عالم يتسارع فيه الزمن وتتراكم فيه التحديات، يجد العديد من موظفي الجماعات الترابية أنفسهم في مواجهة معاناة صامتة. فبينما يعكف هؤلاء على أداء واجباتهم الوظيفية بكل إخلاص، يواجهون ظروفا قاسية تثقل كاهلهم وتحد من قدرتهم على الإبداع والعطاء. ورغم كل هذه التحديات، يبقى المناضل الغيور، وهو صوت هؤلاء الموظفين، يرفع راية المطالبة بالحقوق والمساواة في ظل ظروف غير عادلة.

هذه المقامات واقع معايش، ينبض بالكفاح والأمل في تحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف. في هذه المقامات، نجد المناضل الغيور يتنقل بين محطات متعددة من الحوار والنضال، من لقاءات مع المسؤولين إلى مظاهرات شعبية ورسائل مفتوحة تبعث إلى من بيدهم القرار، دون أن يغيب عن ذهنه حلم التغيير الذي لا يتوقف.
هكذا يظل المناضل الغيور، رفقة زملائه، يتنقل في طريق طويل، مليء بالآمال والطموحات التي تلوح في الأفق، بحثا عن يوم تتحقق فيه مطالبهم المشروعة وتزدهر فيه ظروف عملهم، ويستعيدون فيه كرامتهم التي لطالما دافعوا عنها.

المقام الأول: لقاء في مكتب الوزير.
في صباح يوم عاصف، دخل المناضل الغيور إلى مكتب الوزير بملامح الجدية والحذر. كانت السحب الثقيلة على وجهه تكشف عن عمق معاناته ومعاناة زملائه في الجماعات الترابية. ألقى التحية باحترام وقال: "يا صاحب المعالي، لقد جئتكم اليوم ممثلا لموظفي الجماعات الترابية. ونحن نخدم وطننا بكل تفان، ولكن ما نحن فيه من ضيق وظروف عمل قاسية جعلنا نصل إلى حالة من التذمر. نعمل في أماكن تفتقر إلى الحد الأدنى من تجهيزات العمل، ونكافح للحصول على حقوقنا الأساسية. نواجه مشكلة حقيقية في تدني الأجور التي لا تعكس مؤهلاتنا العلمية وخبراتنا العملية. لكننا هنا اليوم لنتحدث عن قضية هامة تتعلق بزملائنا حاملي الشهادات الذين لم يتم دمجهم في السلالم المناسبة."

الوزير نظر إليه مليًا قبل أن يرد قائلا: "إنني على علم بمشاكلكم، ولكن من المعروف أن الميزانية لا تسمح لنا بتلبية جميع المطالب. إلا أنني سأتواصل مع الجهات المختصة للنظر في هذا الموضوع."

رد المناضل الغيور بحزم: "لكن يا معالي الوزير، هذه الوعود تكرر كل عام، ونحن نقف في نفس المكان. نحتاج إلى خطوات ملموسة، لا مجرد كلمات تذهب أدراج الرياح. بالنسبة لحاملي الشهادات، نحن نطالب أن تتم تسوية وضعيتهم وأن يدمجوا في السلالم المناسبة، كما تم الاتفاق في اتفاق 25 دجنبر 2019 مع زملائهم. هؤلاء الموظفون يجمعهم نفس النصوص القانونية ونفس الوضعية الإدارية والاعتبارية، وعلى رأسها الظهير الشريف الصادر في 1963 الخاص بمتصرفي وزارة الداخلية، فلم هذا التمييز وهذا الظلم".

قال الوزير: "سنفتح حوارا جادا مع النقابات في القريب العاجل، وأعدكم بأن تكون مطالبكم على رأس أولوياتنا."
لكن المناضل الغيور، الذي كان يعرف أن الوعود كثيرة، أضاف: "أملنا كبير في أن يترجم هذا الحوار إلى نتائج ملموسة، أما إذا استمر الوضع كما هو، فستتسع الفجوة بين المسؤولين وبين المواطنين."

المقام الثاني: في ساحة الاحتجاجات.
كان المناضل الغيور واقفا في مقدمة الحشود، يرتدي زي العمل البسيط، وقلبه مليء بالأمل في التغيير. كان الجميع في الساحة يرفعون لافتات تحمل مطالبهم. نادى على زملائه قائلا: "يا إخوتي في العمل، لقد تعبت أيدينا من الكتابة على مجموعات الواتساب و على الفيسبووك، وتعبت ألسنتنا من قول نفس الكلمات في كل مرة. ولكن هذه المرة يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا: هل سنظل ننتظر عاما بعد عام؟ أم سنناضل بكل قوتنا؟".

ثم نظر نحو جمع المحتجين وقال: "لقد تعبنا من أن نكون آخر من يتم الحديث عنهم في كل اجتماع حكومي. نحن من نساعد في بناء الوطن على الأرض، نعمل في صمت، وأحيانا في الظلام. نطالبكم اليوم أن تتحركوا، وأن لا تظلوا مكتوفي الأيدي في انتظار الفرج. حان الوقت لكي نسمع صوتنا بشكل جدي."

وأضاف: "أين العدالة؟ أين حقوقنا في تحسين الأجور وظروف العمل؟ أين نظام أساسي ينصف كل واحد منا؟ أين إنصاف العمال العرضيين؟ أين انصاف الكتاب الإداريين؟ أين تسوية وضعية حاملي الشهادات؟ هؤلاء الذين تجمعهم نفس النصوص القانونية مع زملائهم المستفيدين من اتفاق 25 دجنبر 2019، لماذا يتم تجاهلهم؟"
ثم رفع يده، والوجوه المحيطة به تعكس مشاعر الأمل والحماسة. "إذا لم نجد من يسمعنا هنا، سنذهب إلى أماكن أخرى. صوتنا يجب أن يصل إلى أبعد من هذه الساحة."

المقام الثالث: الرسالة إلى الملك.
في زاوية مكتبه المتواضع، جلس المناضل الغيور مع مجموعة من زملائه في العمل. وبدأ يخطون رسالة مفتوحة إلى جلالة الملك، عبروا فيها عن معاناتهم وأحلامهم:
"مولاي صاحب الجلالة، نحن موظفو الجماعات الترابية، خدمنا هذا الوطن بكل أمانة وتفان. لكننا نواجه أوضاعا صعبة؛ أجورنا لا تكفي لتغطية احتياجاتنا الأساسية، وظروف العمل في بعض الجماعات المحلية تشبه السجون الصغيرة. نعيش في غربة عن حقوقنا في وطننا، ونشعر بالتجاهل الدائم من قبل المسؤولين."

واختتموا الرسالة قائلين: "نلتمس من جلالتكم السامية التدخل شخصيا لتحسين وضعية الموظفين في الجماعات الترابية، وإعطاء أوامركم السامية من أجل توفير ظروف عمل أفضل وحوافز مالية عادلة. كما نناشد جلالتكم العمل على تسوية وضعية حاملي الشهادات غير المدمجين في السلالم المناسبة، إسوة بزملائهم الذين استفادوا من اتفاق 25 دجنبر 2019."

المقام الرابع: جلسة مع الصحافة.
في أحد المقاهي، اجتمع المناضل الغيور مع مراسل صحفي لتسليط الضوء على معاناتهم. فقال بحنق: "لقد تعبت من وعودهم التي لا تتحقق. نعيش في حالة من الإحباط، وكلما ظننا أن الحل قريب، نتفاجأ بأن الوضع يزداد سوءا. نطالب ليس فقط بزيادة في الأجور، بل أيضا بحوافز تشجعنا على التفاني في عملنا. لم نعد نريد كلاما عن تحسين الوضع؛ نريد عملا حقيقيا. كما يجب أن يتم النظر بعين الاعتبار إلى ملف حاملي الشهادات غير المدمجين في السلالم المناسبة الذين يعانون من التهميش المستمر."
أجاب الصحفي: "هل تشعر أن الحكومة تستمع لكم بالفعل؟"
قال المناضل الغيور: "نسمع كلمات، ولكن لا نرى أفعالا. نحن نحتاج إلى تحول حقيقي في معالجة هذا الموضوع، لأن صبرنا بدأ ينفد. لا يمكن أن نكون في مؤخرة الاهتمامات، ونحن من نعمل على تقديم الخدمات اليومية للمواطنين."

الخاتمة.
بعد عدة أشهر من الاحتجاجات والرسائل، جاء اليوم الذي اجتمع فيه ممثلو النقابات مع وزارة الداخلية في قاعة كبيرة. كانت الوجوه مليئة بالأمل والقلق في آن واحد. وقال أحد المسؤولين: "نحن نقدر معاناتكم، ونؤكد أننا سنضع مطالبكم على طاولة الحوار. سيكون لدينا خطة عمل واضحة لمعالجة قضاياكم."
فقال المناضل الغيور: "نحن مستعدون للتعاون، لكن يجب أن نرى نتائج ملموسة هذه المرة. فالصبر قد نفد، والوقت ليس في صالحنا."
وهكذا، انتهى هذا المقام، ليبقى الحلم قائما في انتظار التغيير الحقيقي.