يشهد قطاع التعليم في المغرب حالة من التوتر والاحتقان غير المسبوقين، بسبب تعثر الحوار الاجتماعي والتراجع عن الاتفاقات السابقة التي تمت بين الوزارة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية. ويأتي هذا التصعيد وسط تصاعد الاحتجاجات والمطالب العادلة لعدد من الفئات المتضررة، وعلى رأسها المتصرفون التربويون ضحايا الترقيات، وأساتذة الزنزانة 10 الذين وجدوا أنفسهم أمام وعود غير محققة، وحلول مؤجلة، وتعامل بيروقراطي يعرقل تنزيل المكتسبات المتفق عليها.
الوزارة تماطل.. والاحتقان يتفاقم
رغم توقيع اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023، والتوافقات التي تمت في اجتماع 9 يناير 2025، فإن الوزارة اختارت المماطلة والتسويف، بل والتراجع عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، خاصة في ما يتعلق بجبر ضرر المتصرفين التربويين ضحايا الترقيات، وتأويل المادة 81 بشكل إيجابي، وتنفيذ المادة 89 من النظام الأساسي. هذا التراجع أثار موجة غضب عارمة وسط الشغيلة التعليمية، خاصة أن ملفات هذه الفئات لم تحل منذ سنوات رغم وضوح مظلوميتها وإجماع النقابات على أحقيتها بالإنصاف.
التراجع عن اتفاقات الحوار الاجتماعي
كانت جولات الحوار الاجتماعي مع الوزارة تسير نحو حلول عملية، لكن تعيين ثلاثي من ممثلي الوزارة بدلا من الكاتب العام، الذي كان المشرف المباشر على الحوارات السابقة، أعاد الأمور إلى نقطة الصفر. حيث تحول مسار المفاوضات من محاولة إيجاد الحلول إلى تكتيك المراوغة والتمطيط وربح الوقت، ما جعل العديد من النقابات تصف الحوار الحالي بـ "غير الجدي والعقيم".
المتصرفون التربويون وأساتذة الزنزانة 10 يواجهون التهميش
يخوض المتصرفون التربويون ضحايا الترقيات احتجاجات متواصلة ضد عدم تنفيذ التزامات الوزارة بترقية المتضررين برسم سنوات 2021، 2022 و2023 بأثرها المالي والإداري على أساس تعميم أدنى عتبة اعتمدتها الوزارة في الترقي، واسترجاع المبالغ المقتطعة، ومنح سنوات اعتبارية تعويضا عن قرصنة سنوات من أقدمية قدماء الإدارة التربوية باعتبارها حقوقها مشروعة. كما يطالبون بتحسين الإطار الإداري، وتقنين المهام، وضمان حقوقهم المادية والمعنوية.
.jpeg)
في المقابل، يستمر أساتذة الزنزانة 10، المرتبون في السلم 10 بعد التوظيف بالسلم 9، في نضالهم من أجل إقرار خمس سنوات اعتبارية لكل الأساتذة المرتبين بالسلم 10، وترقية من استوفى 14 سنة في السلم 10 إلى السلم 11، وهي مطالب سبق أن تم التوافق حولها في اللجنة التقنية، لكن الوزارة تراجعت عن الالتزام بتنفيذها.
برنامج نضالي تصعيدي أمام مقر الوزارة
أمام هذا الوضع، قررت الفئات المتضررة التصعيد والاحتجاج بشكل أقوى، حيث تمت الدعوة إلى:
اعتصام أساتذة الزنزانة 10 يوم الخميس 20 مارس 2025 أمام مقر وزارة التربية الوطنية بالرباط، ابتداء من الساعة 10:30 صباحا.
ووقفة احتجاجية للمتصرفين التربويين ضحايا الترقيات اليوم نفسه، بنفس المكان والتوقيت.
غضب الشارع التعليمي يهدد بتفجير القطاع
تصاعد هذه الاحتجاجات يعكس حالة الغليان التي يشهدها قطاع التعليم، حيث بدأت العديد من النقابات تتوحد في موقفها الرافض لما وصفته بـ "التلاعب بالمطالب العادلة لنساء ورجال التعليم"، محملة الوزارة مسؤولية إعادة التوتر إلى القطاع في توقيت حساس قبيل الامتحانات الإشهادية.
إن عدم جدية الوزارة في حل الملفات العالقة، وتراجعها عن التوافقات السابقة، يدفع في اتجاه تصعيد غير مسبوق قد يؤثر على استقرار المنظومة التعليمية، ما يجعل الأيام المقبلة مفتوحة على جميع الاحتمالات، بما في ذلك احتجاجات أوسع وإضرابات قد تشل القطاع بالكامل.
فهل ستتحرك الوزارة لإنقاذ ما تبقى من الثقة بين الفاعلين الاجتماعيين والحكومة؟ أم أن مسلسل التراجعات سيستمر ليزيد من تعقيد الأزمة؟