الأربعاء 5 فبراير 2025
في الصميم

أريري: الأندية المغربية..بين صناعة الفرح والفرجة وخيانة الجماهير !!

أريري: الأندية المغربية..بين صناعة الفرح والفرجة وخيانة الجماهير !! عبد الرحيم أريري
كل الأندية الرياضية العالمية لا تحيى فقط بالسبونسور وبالدعم العمومي وببيع اللاعبين وبحقوق البث، بل وتحيى بالأساس بانخراط محبي الفرق في شراء بطائق الاشتراك مسبقا، لتأمين سيولة سنوية قارة في حدود 40 أو 60 % من مجموع ميزانية النادي، حتى يتسنى له التحرر من إرهاق الالتزامات، ويتفرغ لتجويد مستوى أداء النادي ولاعبيه لتأمين نتائج مشرفة من جهة، وتأمين فرجة ممتعة للجمهور من جهة ثانية.

وتزداد الحيرة حين نستحضر معطى آخر صادما، ألا وهو أن فريقين مغربيين كبيرين من حجم الرجاء البيضاوي والوداد البيضاوي، لا تتجاوز بطائق الاشتراك فيهما على التوالي 11.000 بطاقة و9000 بطاقة. بمعنى لو جمعنا حصة الرجاء والوداد، نجد أن نسبة التبطيق الكروي بالدار البيضاء لا تتجاوز 0،6 % من مجموع سكان العاصمة الاقتصادية، وهي نسبة مخجلة جدا، وتعري عن "خيانة" الجماهير لأنديتها رغم ما تدعيه من حب وتعلق وتماه مع نجوم الأندية!!

قد ينهض أحد ما ويدفع بمبرر مالي، بالقول إن الجماهير المغربية فقيرة وليست لديها الإمكانات المادية لشراء البطائق السنوية.

هذا قول مردود، لأننا إذا استثنينا التلاميذ والطلبة وذوي الدخل المحدود وأصحاب المهن الهامشية والمياوين ومن في حكمهم، فسنجد أن هذا العذر تافه، لسبب بسيط وهو أن ثمن البطاقة سنويا لا يتجاوز 400 درهم أو 500 درهم. أي بمعدل 20 درهما كثمن للماتش (15 مباراة في السنة تضاف لها حظوة الدخول لمقابلات الدوريات العربية والقارية).

بالله عليكم، هل مبلغ 400 درهم أو 500 درهم في السنة، غال على إطار متوسط أو إطار عال يقطن بالدار البيضاء، ويدعي أنه يعشق الرجاء أو الوداد أو هلال الناظور أو أولمبيك أسفي أو المغرب الفاسي أو اتحاد طنجة أو النادي القنيطري أو مولودية وجدة أو شباب المحمدية أو سريع واد زم، وغيرها من الفرق؟

فالثروة الوطنية كلها ممركزة بالدارالبيضاء مع ما يستتبع ذلك من وجود حوالي 400 ألف شخص نشيط ميسور بها (مقاول، صيدلي، بنكي، أستاذ، موثق، محامي، قاضي، وكيل تأمين، طبيب، إطار إداري عال، تاجر، مهندس، أستاذ جامعي، مستشار مالي أو مستشار في المهن العالمية...إلخ.). فإذا كانت الدارالبيضاء تضم أزيد من 400 ألف إطار ميسور (لا نقول غنيا أو ثريا)، وضمنهم بالتأكيد عشاق للوداد والرجاء والقادرون على أداء مبلغ حقير بقيمة 400 درهم أو 500 درهم سنويا، فما الذي يفسر هزالة نسبة التبطيق الرياضي (22.000 بطاقة تضم الرجاء والوداد معا في أقصى الحالات)؟ ما الذي يجعل نسبة شراء بطائق الاشتراك لا تتجاوز 0،6 % من مجوع سكان كازا؟

فميزانية الرجاء والوداد تتراوح في الغالب الأعم بين 80 و100 مليون درهم لكل فريق حسب المواسم، وحسب "باب الله في السبونسور"، وبالتالي نجد أن نسبة تغطية مصاريف الفريقين من بيوعات بطائق الاشتراك لا تتعدى10 أو 12% من مجموع موارد هذا الفريق أو ذاك.

نعم الدار البيضاء تبقى "محظوظة بزاف"، مقارنة مع المدن المغربية. فأكادير مثلا لم يتجاوز عدد بطائق الاشتراك في أحد أشهر الأندية المغربية" حسنية أكادير" 40 بطاقة!! أي نسبة تبطيق لا تفوق 0،01 % من مجموع سكان بلدية أكادير (ياللإهانة لنا كمغاربة !).

لكن إذا صعدنا للشرفة لنلقي نظرة على مايجري بأندية الدول المتمدنة سنصاب بالدوار. وإليكم المعطيات الرقمية:

* فريق مارسيليا الفرنسي: باع في موسم سابق 45.000 بطاقة.أي ما يمثل نسبة تبطيق تصل الى 4،5 % من مجموع سكان مارسيليا.
* فريق باري سان جيرمان: باع 37.500 بطاقة، أي نسبة تبطيق تمثل 1،6% من سكان بلدية باريس ( intramuros).
* فريق ليون: باع 26 ألف بطاقة، أي نسبة تبطيق بلغت 3،8 % من مجموع سكان ليون.
*فريق برشلونة: باع 85.000 بطاقة أي نسبة تبطيق شكلت 5،2% من مجموع سكان المدينة
* فريق ريال مدريد: باع 61.000 بطاقة، أي نسبة تبطيق بلغت 2.3% من مجموع سكان العاصمة الإسبانية.
*أتليتيكو مدريد: باع 56.000 بطاقة، أي نسبة تبطيق بلغت 1،75% من المجموع العام للساكنة.

صحيح، ليست لنا في المغرب تقاليد كروية مثل الدول الأوربية.
نعم، لا نتمتع بديمقراطية داخل الأندية الرياضية، ومازال منطق "مول الشكارة " هو المهيمن.
أكيد أن الفرق المغربية مقصرة كثيرا في التواصل لتسويق منتوجها أو تقديم مغريات أخرى للجمهور لتفتح شهيته لشراء بطائق الاشتراك السنوية..

ولكن - ولا بد من لكن- هذه الأندية المغربية ليست ملكا محفظا باسم فلان أو فرتلان، بل هي إرث عام للمغاربة جميعا. ومن حقنا أن ننعم بأندية تصنع لنا الفرجة لنسرق سويعات من البهجة والفرح ولو مرة واحدة في الأسبوع.

إن صناعة الفرح والفرجة لهما كلفة مالية، فهل هذا مطلب مستحيل !!
 
ملحوظة:
مركب محمد الخامس بالبيضاء يعيش هذا الموسم وضعا استثنائيا، لكونه مغلق من اجل الإصلاح، وبالتالي فالأمر لايهم هذا العام بل هو رصد عام للظاهرة