Friday 30 May 2025
كتاب الرأي

العربي البقالي: الأساتذة العرضيون..  عقود من الخدمة وحقوق مؤجلة بلا أفق

العربي البقالي: الأساتذة العرضيون..  عقود من الخدمة وحقوق مؤجلة بلا أفق العربي البقالي
من الملفات الشائكة التي لا تزال عالقة في قطاع التعليم بالمغرب، ملف الأساتذة العرضيين، الذين اشتغلوا لسنوات طويلة، خصوصا في العالم القروي، وساهموا في تعميم التمدرس وضمان الاستمرارية التربوية رغم كل الإكراهات، لكن دون أن تنصفهم وزارة التربية الوطنية ، لا وهم في الخدمة، ولا بعد التقاعد، ولا حتى بعد الوفاة في حالات ذوي الحقوق.
 
الأساتذة العرضيون اشتغلوا في ظروف قاسية وبأجور زهيدة، دون تغطية صحية، ولا حماية اجتماعية، ولا ضمانات قانونية، لكنهم قبلوا تلك الأوضاع بدافع المسؤولية ونكران الذات، إيمانا منهم برسالة التعليم. مرت سنوات، وتعاقبت الحكومات، وتكررت الوعود بطي هذا الملف، خصوصا بعد الحراك التعليمي الذي دفع الوزارة إلى الالتزام بإدماج الملف ضمن الملفات ذات الأولوية.
 
وبالفعل، تم إدماج عدد منهم وتسوية ترقياتهم بشكل جزئي، لكن المعضلة الكبرى ظلت عالقة: سنوات الأقدمية لم تحتسب كاملة، بل في بعض الحالات جرى احتساب جزء منها فقط، دون أي تبرير قانوني واضح، ما أثر على وضعيةالكثير من الأساتذة المعنيين. 
 
الأدهى من ذلك، أن فئة المتقاعدين وذوي الحقوق يعيشون مرارة الإقصاء التام، حيث يؤكد بعضهم أنهم تواصلوا مع مديرية الموارد البشرية، التي أبلغتهم بعدم إمكانية استفادتهم من سنوات الاشتغال "المقرصنة"، بدعوى تقادم الملف أو عدم وجود الوثائق الكافية، رغم أن الوزارة هي المسؤولة عن التأخير في المعالجة، وليس الضحايا.
 
هذه الوضعية دفعت العديد من العرضيين إلى طرح تساؤلات مشروعة: هل كان ذنبهم أنهم قبلوا العمل في أصعب المناطق بشروط مجحفة؟ هل يعقل أن يتم حرمان متقاعد من حقه في الترقية فقط لأنه لم يكن في "الدفعة المحظوظة"؟ ما مصير أرامل وأبناء من توفوا وهم في انتظار تسوية ملفاتهم؟ 
ما تطالب به هذه الفئة ليس امتيازا، بل حق مكتسب، تأخر كثيرا، ويجب على وزارة التربية الوطنية عبر مديرية الموارد البشرية تحمل مسؤولياتها، والإسراع في:
تصحيح وضعية الأساتذة العرضيين الذين لم تحتسب أقدميتهم كاملة.
تسوية ملفات المتقاعدين وذوي الحقوق على أساس سنوات العمل الفعلية.

 
نشر لوائح المستفيدين بوضوح لإرساء الشفافية.
إن صبر هذه الفئة بدأ ينفد، ومزيد من التأخير يعني مزيدا من الظلم، وتضييعا لفرص رد الاعتبار لأولئك الذين ساهموا بصمت في بناء المدرسة العمومية. الحل ليس تقنيا فقط، بل أخلاقي بالدرجة الأولى، وهو اختبار حقيقي لمدى التزام الوزارة بعدالة الإنصاف وجبر الضرر التاريخي.