محسن الندوي شهدت العلاقات بين الرباط ولندن تحسنًا ملحوظًا، خاصة بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي ، حيث وقع البلدان اتفاقية شراكة شاملة عام 2019 تضمنت الصحراء المغربية ، وهي الخطوة التي صادقت عليها المحاكم البريطانية.
وبعد اعتراف كل الولايات المتحدة وفرنسا بمغربية الصحراء كان من المرتقب أن تسير المملكة المتحدة في نفس هذا المسار على المستوى السياسي: قدم أكثر من 30 نائبًا وعضوًا في مجلس اللوردات العام الماضي على التوقيع على رسالة موجهة إلى وزير الخارجية في السنة الماضية، الى وزير الخارجية السابق اللورد كاميرون، تدعو بريطانيا إلى دعم الحكم الذاتي المغربي كحل عملي للنزاع.
وفي ابريل من عام 2025، طرح النائب المحافظ أندرو ميتشل، وزير الدولة السابق في الخارجية، تساؤلًا حول إمكانية دعم لندن لمخطط الحكم الذاتي المغربي، على غرار الولايات المتحدة وفرنسا.
كل هذه المعطيات السياسية أثرت على مراجعة الموقف البريطاني في ظل التغيرات الإقليمية والدولية.
هذا بالإضافة إلى أن المملكة المتحدة تفكر من منظور برغماتي استراتيجي خاصة النشاط الاقتصادي للشركات البريطانية في الأقاليم الجنوبية للمغرب، كما ان المغرب يقدم نفسه شريك تجاري إفريقي مثالي للمملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وان مشروع تصنيع أطول كابل بحري في العالم يربط المملكة المتحدة بالمغرب بهدف تزويدها بحاجياتها من الطاقة.
كما أن التعاون المغربي البريطاني في المجال الأمني و الاقتصادي والطاقي وغيرها مؤشرات إيجابية للسير قدما في اتجاه الاعتراف الصريح للمملكة المتحدة بمغربية الصحراء واعتبارها مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لحل القضية.
لذلك فإن الموقف الجديد البريطاني في نظري لن يحل القضية بشكل نهائي على اعتبار أن الفيتو مازال مع كل من روسيا و الصين وانما قد يساهم في اعادة صياغة قرار مجلس الامن في اتجاه التنصيص بالقرار على تسمية مبادرة الحكم الذاتي واعتمادها كأحد أهم الخيارات الواقعية لحل القضية بشكل نهائي كالاتي: "حل سياسي عادل، ودائم، ومقبول من الطرفين يتضمن مبادرة الحكم الذاتي كخيار واقعي يمكن الاستئناس بها في إطار الجلوس على طاولة المفاوضات بين الأطراف المعنية" وهذا ان تم، فمعناه إنجاز وتقدم كبير نحو الحسم في اعتماد المبادرة كحل وحيد للقضية في أحد قرارات مجلس الأمن اللاحقة.
د.محسن الندوي/ رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية
