ونحن نعيش اليوم العالمي للفلسفة، هناك ملاحظة عميقة في النسيج المجتمعي المغربي، أنه رغم تاريخ الحصار الذي تعرضت له منظومة التفكير الفلسفي والعقلاني، إلا أن الفكر العقلاني لصيقا بالإبداع والحرية بدأ يكتسح أماكن غير معهودة في قلب المجتمع المغربي، على سبيل الذكر لا الحصر ملاعب كرة القدم، بتلك اللمسة الإبداعية والثقافية والعقلانية التي أدخلها جمهور الرجاء للملاعب، بنهله من أُمهات كتب الأدب العالمي والمسرح والفكر والشعر والرواية،.. كمخيال خصب، وذلك لرسم تيفويات مبدعة تحمل دلالة الرمز ومغزى الرسالة الحاملة لأحلام الناس وآمالهم وشغفهم وتعطشهم للحرية، وكم كان رائعا استنادهم لمسرحيات فلسفية رائدة، مثل مسرحية أوجين "المغنية الصلعاء"، واستعمال الأسطورة الإغريقية ل "طونطال" وغضب زيوس، كإيحاء للتمرد الفلسفي على سطوة آلهة الإغريق في الأسطورة، نفس الشيء في لجوء جمهور الرجاء لاقتباس من الرواية الفلسفية "الغرفة 101" لجورج أويل..
شهد اليومان الأخيران نزول مجموعة قطع مذهلة من الراب تحت عنون "EP 112"، للمبدع Pause Flow، كسر بها النمطية الاعتيادية لأغاني الراب، بغوصه في عوالم الفلسفة أيضا، بإبداع في الكتابة أعطى لقطعه الموسيقية مغزى عميقا، وروحا تسمو بها الأفكار التي تجاذبتها القطع من ناحية الكتابة، كأنها ملحمة فلسفية تسدد سهام رسائلها في كل الاتجاهات، حول المنظور للحياة والموروث والسلطة والذات والحلم والواقع والخيال، والاستلاب..، في قالب فني موسيقي مبدع غير معهود، رغم أن النصوص السابقة أيضا ل "بوز فلو" لا تخلو من هاته اللمسات الفلسفية، لكن ليست بهاته الكثافة الجديدة والتداخل ذي اللمسة الإبداعية.
إن نص IN.TROU، فيلم قصير مصغر يروي حكاية مكثفة لطبيعة الحياة في هذا العصر الموحش بقالب فني، يشد أنفاسك منذ اللحظة الأولى، حتى يطلق سراحك مشدوها لهذا المرور الغرائبي عبر عوالمه المتخيلة. ينطلق المشهد بموسيقى من صدى زمن الكهوف، وبتتبع خطى صرصور في مستشفى مهجور، يمر ابتداءاً عبر كتاب ملقى على أرضية المستشفى لميشيل فوكو مفتوح على عبارة: " من الإنسان إلى الإنسان الحقيقي.. المرور عبر الجنون"، يستمر الصرصور في تخطي ممرات المستشفى لتظهر على جدران لوحة "Métamorphose"، كإحالة على رواية فرانز كافكا "المسخ"، كإعداد نفسي للمشاهد المقبلة.. حيث يخترق الصرصور الغرفة 112 (العنوان الأصلي)، ليجد الصرصور "بوز فلو" مكبل اليدين وفمه مخيط بشكل مرعب، بمُسحة سينمائية رائعة يضغط الصرور على زر مسجلة قديمة ذات الشرائط المغناطيسية المستطيلة من عبق التاريخ، لينطلق غناء وموسيقى الراب بشكل ملائكي، فرغم أن "بوز فلو" مقيد اليدين وفمه مغلق (غرز الخيط) إلا أنه يحمل قلم مداد في يده، كدلالة على القدرة على الكتابة رغم الحضر والمنع. وردت في النص أيضا إحالة إلى مطرقة فريدريك، كنوع من التكثيق لفلسفة فريديريك نيتشه المؤمنة بهدم الأفكار المسبقة الخاطئة، وقوالب الأوهام والخرافة والتضليل، نفس الجنون الواعي المشترك بين فوكو ونيتشه رغم أن أبواب دخولهما لعوالم المستشفى مختلفة في مسار هذا النص المبدع.. وهو نفس التذكير لدى "بوز فلو" بنصوص سابقة استندت على إيراد كلمة "زراديشت" إشارة إلى حكمة نيتشه في مؤلفه "هكذا تكلم زراديشت"، فعلا مقطع سينمائي وموسيقى مبهرة مزجت بشكل مبدع كل هاته العوالم الفلسفية في تحفة حملت اسم "IN.TROU".
في نهاية المقطع ختم "بوز فلو" لوحته المزركشة بعناية، بثلاث رسائل مكتوبة بكل أناقة وروية واتزان ووضوح:
- الأولى أن الوطن يزخر بالنعمة "الخيرات" لكنها مفخخة بفعل فاعل، حين قال: ( في الوطن النعمة فيها طُعم).
- الرسالة الثانية، أن الله خير يتواجد في كل مكان، ولا يحتاج لا لخرافة الدجالين ولا المشعودين ولا تجار الدين، (فلتنزع الدول اسم الله الموضوع على أعلامها افتراء).
شهد اليومان الأخيران نزول مجموعة قطع مذهلة من الراب تحت عنون "EP 112"، للمبدع Pause Flow، كسر بها النمطية الاعتيادية لأغاني الراب، بغوصه في عوالم الفلسفة أيضا، بإبداع في الكتابة أعطى لقطعه الموسيقية مغزى عميقا، وروحا تسمو بها الأفكار التي تجاذبتها القطع من ناحية الكتابة، كأنها ملحمة فلسفية تسدد سهام رسائلها في كل الاتجاهات، حول المنظور للحياة والموروث والسلطة والذات والحلم والواقع والخيال، والاستلاب..، في قالب فني موسيقي مبدع غير معهود، رغم أن النصوص السابقة أيضا ل "بوز فلو" لا تخلو من هاته اللمسات الفلسفية، لكن ليست بهاته الكثافة الجديدة والتداخل ذي اللمسة الإبداعية.
إن نص IN.TROU، فيلم قصير مصغر يروي حكاية مكثفة لطبيعة الحياة في هذا العصر الموحش بقالب فني، يشد أنفاسك منذ اللحظة الأولى، حتى يطلق سراحك مشدوها لهذا المرور الغرائبي عبر عوالمه المتخيلة. ينطلق المشهد بموسيقى من صدى زمن الكهوف، وبتتبع خطى صرصور في مستشفى مهجور، يمر ابتداءاً عبر كتاب ملقى على أرضية المستشفى لميشيل فوكو مفتوح على عبارة: " من الإنسان إلى الإنسان الحقيقي.. المرور عبر الجنون"، يستمر الصرصور في تخطي ممرات المستشفى لتظهر على جدران لوحة "Métamorphose"، كإحالة على رواية فرانز كافكا "المسخ"، كإعداد نفسي للمشاهد المقبلة.. حيث يخترق الصرصور الغرفة 112 (العنوان الأصلي)، ليجد الصرصور "بوز فلو" مكبل اليدين وفمه مخيط بشكل مرعب، بمُسحة سينمائية رائعة يضغط الصرور على زر مسجلة قديمة ذات الشرائط المغناطيسية المستطيلة من عبق التاريخ، لينطلق غناء وموسيقى الراب بشكل ملائكي، فرغم أن "بوز فلو" مقيد اليدين وفمه مغلق (غرز الخيط) إلا أنه يحمل قلم مداد في يده، كدلالة على القدرة على الكتابة رغم الحضر والمنع. وردت في النص أيضا إحالة إلى مطرقة فريدريك، كنوع من التكثيق لفلسفة فريديريك نيتشه المؤمنة بهدم الأفكار المسبقة الخاطئة، وقوالب الأوهام والخرافة والتضليل، نفس الجنون الواعي المشترك بين فوكو ونيتشه رغم أن أبواب دخولهما لعوالم المستشفى مختلفة في مسار هذا النص المبدع.. وهو نفس التذكير لدى "بوز فلو" بنصوص سابقة استندت على إيراد كلمة "زراديشت" إشارة إلى حكمة نيتشه في مؤلفه "هكذا تكلم زراديشت"، فعلا مقطع سينمائي وموسيقى مبهرة مزجت بشكل مبدع كل هاته العوالم الفلسفية في تحفة حملت اسم "IN.TROU".
في نهاية المقطع ختم "بوز فلو" لوحته المزركشة بعناية، بثلاث رسائل مكتوبة بكل أناقة وروية واتزان ووضوح:
- الأولى أن الوطن يزخر بالنعمة "الخيرات" لكنها مفخخة بفعل فاعل، حين قال: ( في الوطن النعمة فيها طُعم).
- الرسالة الثانية، أن الله خير يتواجد في كل مكان، ولا يحتاج لا لخرافة الدجالين ولا المشعودين ولا تجار الدين، (فلتنزع الدول اسم الله الموضوع على أعلامها افتراء).
- الرسالة الأخير تعرية لكولونيالية فرنسا القديمة والحديثة بضرورة أن ترفع يدها عن الشعوب دون استعمال قوة التكنولوجيا والاختراعات، حيث قال: (أديسون اخترع المصباح لكن العالم كله استفاد من ابتكاره دون احتكار).
اللقطة الرائعة في سلاسة تسلسل المشاهد حين خرج جناحين من ظهر "بوز فلو" كتكثيف ليس فقط للقدرة على الكتابة، بل لإمكانية الطيران أيضا، فالأفكار لها القدرة على التحليق رغم القيود والتكبيل.. هي إحالة أيضا على شخصية غريغور سامسا في رواية Métamorphose لفرانز كافكا.
تحفة غنائية موسيقية شعرية فلسفية رمزية بكل المقاييس.