أكدت جميلة صدقي، رئيسة منتدى حوار القضاة الأفارقة، أن واقع الطفولة الإفريقية، ووفق العديد من التقارير القارية والدولية "يسائلنا جميعا، ويضعنا أمام تحد لا مثيل له، بفعل ما تعكسه من تدنٍ وهشاشة واستفحال للاستغلال والعنف والإهمال، ومن تحقير لمبادئنا التي تسمو بالطفل والأسرة في فكرنا ومنظورنا لهما كنواة اساسية في المجتمع، والتي لا يجب إنكاردورها في التنمية والازدهار". تصريح القاضية صدقي، جاء في افتتاح ندوة علمية بمراكش، تحت عنوان: "الهجرة وحماية الأطفال من الاستغلال والاتجار بالبشر".
حيث تحضرها العديد من الدول الإفريقية ممثلة بقضاتها وجمعياتها القضائية، وكذا ممثلو منظمات أممية وأوربية تنشط في مجال الطفولة ومناهضة الاتجار بالبشر.
وأضافت الأستاذة جميلة صدقي، أن معاناة الطفولة الإفريقية تزداد تعقيدا، كلما صادفت في بعض الدول معتقدات وقيم وممارسات متجذرة عبر التاريخ، تعيق إلى حد بعيد ما تتطلع اليه إفريقيا من نمو وازدهار ومواكبة للتطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، بل إن هاته المعاناة لا تُختزل أسبابُها في الهشاشة والفقر وقلة الإمكانيات، وإنما تجد مجالا أوسع في مظاهر العنف التي يتعرض لها الطفل الإفريقي، والذي يتخذ أشكالا متنوعة تزيد من مكافحته تعقيدا وصعوبة، وتجعله يتخذ منحى خطيرا في سياقه الإفريقي المهدد دوما بالنزاعات المسلحة والعمليات الإرهابية والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وقساوة المناخ والظروف البيئية.
وتتنوع مظاهر العنف ضد الطفل الإفريقي بين العنف الرقمي (ونقصد بها الجريمة السيبريانية) والعنف الجسدي والعنف العاطفي والإهمال والاستغلال الجنسي، وغيرها من مظاهر التعنيف التي تدمر الطفل وتمحو ملامح البراءة المتأصِلة فيه منذ ولادته.
وقالت المتحدثة أن تجارب بعض الدول، ومنها المملكة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية وشبكات تبييض الأموال، والتصدي للهجرة غير الشرعية وحماية الأطفال ومحاربة الانتهاكات التي تطال حقوقهم وسلامتهم الجسدية والنفسية، ستشكل أرضية مناسبة للنقاش وتبادل الأفكار، وقيمةً مضافةً ونوعية لما يتم بذله قارياً ودوليا في هذا المجال.
وبخصوص دور القضاء في صون حقوق الأطفال قالت جميلة صدقي، رئيسة منتدى حوار القضاة الأفارقة: "كقضاةٍ ممارسين، تبدو وكأنها الفيصل في جعل المبادئ الفضلى لحقوق الإنسان وحقوق الطفل على وجه الخصوص، مرتكزا أساسيا وجوهريا لحماية ورعاية طفولتنا الإفريقية، وجعلها في مأمنٍ من كل أوجه الاستغلال، وعلى وجه الخصوص، الهجرة التي ترجع مسبباتها إلى قساوة ظروف العيش، وتعد من أقسى مظاهر العنف الممارس في حق الطفل الإفريقي، خاصة عندما يكون هؤلاء الأطفال المهاجِرون غير مرافِقين لذويهم، وتجدهم عرضة للاتجار للاستقطاب والتجنيد في أعمال إرهابية أو في عمليات إجرامية مرتبطة بالمخدرات وجل الجرائم العابرة للحدود.
يذكر أن منتدى حوار القضاة الأفارقة، جمعية مهنية بتشكيلة قضائية، اتخذ كمقر لها المملكة المغربية وفروعها تمتد إلى ما يقارب 18 بلدا، وأدواره وبرامجه تجسد في أبعادها دبلوماسية قضائية تعزز الدور المحوري للمغرب، كشريك فعال ودائم لدول القارة الإفريقية، وكرائد في مجال التعاون البناء والمستدام جنوب جنوب.
كما يسعى المنتدى إلى توفير مجال أوسع لتبادل الخبرات والتجارب، والمساهمة في تطوير الإطار القانوني بمختلف دول إفريقيا، بالإضافة إلى خلق تواصل مستدام بين القضاة بما يكفل الارتقاء بالقضاء إلى ما يعزز دوره المحوري في مكافحة الجريمة بشتى صورها وإحقاق العدالة في إطار الالتزام بالقانون واحترام الحقوق، فضلا عن تبني كل ما يمكن أن ينمي التعاون والشراكات مع مختلف الهيئات المعنية محليا وإقليميا ودوليا.