الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

لحسن العسبي: أسئلة وملاحظات حول فلسطين

لحسن العسبي: أسئلة وملاحظات حول فلسطين لحسن العسبي
تفرز مرة أخرى أحداث غزة وجنين (بعنفها غير المسبوق الذي يصل إلى مستوى من الهمجية الإسرائيلية المصنفة جرائم حرب) كثيرا من الدروس تفرض على كل مناصر للقضية الفلسطينية أن يتأملها من موقع السؤال والقراءة الهادئة، الصادقة، غير العاطفية والعقلانية:
 
- أول الدروس وأكبرها مجددا، هو أن القضية لن تموت أبدا ما دام هناك شعب مثل الشعب الفلسطيني مؤمن بعدالة قضيته ومتشبث بأرضه مهما كلفه ذلك من ثمن.
- أبانت تطورات الأحداث مجددا أن لا طريق أمام كل أبناء فلسطين بمختلف فصائلهم سوى وحدة الصف وإعادة قراءة واقع الخلاف الفلسطيني الفلسطيني كما تراكم منذ نهاية زمن الإنتفاضات من موقع النقد الذاتي. لأن من أكبر الدروس التي عادت للبروز اليوم هو تذكير الجميع أن قوة الورقة الفلسطينية ظلت دوما كامنة في وحدة الصف الفلسطيني واستقلالية القرار الداخلي الفلسطيني وعدم التغافل من قبل كل النخب الفاعلة هناك على أنهم لا يزالون حركة تحرير وطنية وأن الهدف واحد هو تحقيق استقلال وقيام الدولة الفلسطينية على أراضي 1967. لأن من يحب الفلسطينيين عليه أن يقول لهم الحقيقة كما هي لا المزايدة عليهم ولا تخوينهم ولا الوصاية عليهم.
- حتى في خضم المعركة لا يجب أن تتوقف ملكة التفكير لإيجاد الحلول الواقعية لتجاوز مخطط سجن شعب بكامله في زاوية ضيقة من قبل إسرائيل ومن يدعهما من القوى الغربية الوازنة. خاصة وأن اختلال ميزان القوى راجع إلى ضعف الدعم العربي لهم وتشتت مبادرات الحل بين هذا المحور العربي أو الشرق أوسطي أو ذاك. ومن بوابات الحل فلسطينيا تعزيز عملي لوحدة الصف الفلسطيني من قبل كل الفصائل عبر بلورة آلية تنظيمية يتوازى فيها السياسي مع المقاومة.
- أصبح واضحا مع توالي الجريمة التي تمارسها تل أبيب بقيادة تيار تلمودي متطرف مثل تيار رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو بدعم كامل غير مشروط لواشنطن وللقوى الغربية، أن القضية الفلسطينية في حاجة إلى قيادة جامعة تتحقق فيها الشرعية الوطنية داخليا و الإجماع على التفاوض لتجاوز المنغلق الأمني الذي بلغته القضية خارجيا. لأنه من منطق الأمور أنه دوما مع أزيز الرصاص هناك دوما قنوات للتواصل للوصول إلى حل. وهناك فرصة تاريخية لعدالة القضية الفلسطينية يتحقق فيها الشرطان معا (الداخلي والخارجي) تتمثل في شخص قائد فلسطيني كبير يوجد في السجون الفلسطينية هو المناضل مروان البرغوثي (مانديلا فلسطين اليوم)، الذي مأمول أن يكون سقفا توحيديا للصف الفلسطيني لما يمتلكه الرجل من مصداقية وثقة عند كل أنباء فلسطين وفصائلهم وأيضا لأنه قائد له القدرة الفعلية على التأثير ميدانيا بالنسبة للخارج (كل الخارج الدولي)، تماما مثلما كان للزعيم ياسر عرفات ذلك الدور. وهنا مهم جدا مطالبة حماس بإطلاق سراحه إلى جانب باقي أحرار فلسطين في الداخل والخارج.
- إن معركة المستقبل فلسطينيا إذن هي: وحدة الصف/ استقلالية القرار الوطني التحرري/ بلورة قيادة إجماعية يمنح فرصتها قائد مثل مروان البرغوثي/ تحديد دفتر تحملات مطلبي وطني بسقف تفاوضي يعزز مكتسبات تفعيل الحق الفلسطيني في الحرية والإستقلال والبناء على ما تحقق منذ جيل ياسر عرفات وأبو جهاد.
- عربيا عكس ما يعتقد هناك عواصم لها أدوار فاعلة يهمنا فيها من موقعنا الدور المغربي الذي تمتلك فيه الدولة المغربية أوراقا مؤثرة فاعلة (نكاد نكون البلد الوحيد الذي له امتداد شعبي ومجتمعي بالتوازي داخل المجتمع الفلسطيني وداخل المجتمع الإسرائيلي، حيث هناك عائلات فلسطينية ذات أصول مغربية في غزة والقدس والضفة لها مواقع فاعلة ضمن النخب الفلسطينية. مثلما لنا امتداد فعلي ضمن بنية إنتاج القرار الإسرائيلي مجتمعيا من خلال حجم اليهود من أصول مغربية). مثلما أن للمغرب تراكما فعليا مجربا في الميدان التضامني الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة والقدس ليس فقط من خلال العمل المتراكم الصبور لبيت مال القدس، بل أيضا من خلال مؤسسات تنموية وجمعوية عدة ساهم في وجودها تراكم بناء لدعم قطاعات التعليم والصحة والطرق مغربي. 
- إن المرحلة التي بلغتها المقاومة الوطنية الفلسطينية والمأساة الإنسانية غير المسبوقة المسجلة ضد المدنيين العزل من أبناء فلسطين (التي نقف عاجزين متفرجين أمامها) تتطلب مبادرات لبلورة حل سريع لا يمكن أن يكون فعالا بدون وحدة الصف الفلسطيني وبرنامج وطني تحرري له سقف سياسي ضامن ومعزز لاستقلالية القرار الفلسطيني.