في سنة 2005 فكرنا في وزارة الخارجية والتعاون -قطاع الجالية- في تنظيم لقاء أكاديمي، مع جامعة الأخوين وبنك المغرب حول تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج وكانت مسودة الورقة التأطيرية للقاء، تعكس العنوان الذي صُغته بخلفية استدراج الأبناك للنقاش. وما إن عممنا الخبر عبر الصحافة المكتوبة وقتها، حتى قامت القيامة حول العنوان المختار .. pour une meilleure utilisation des transferts des MRE من أجل استعمال أحسن لتحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج ."
فكم من مسؤول بنكي اتصل بالوزيرة وديوانها يستفسرون عن أسباب النزول، لِما لهذا العنوان من إيحاء على احتمال فهم العموم، أن هناك سوء استعمال لهذه التحويلات. بل إن الرقم 1 في مؤسسة نقدية مركزية التمس تعديل العنوان حتى لا يتحول الموضوع من مناقشة هادئة داخل أسوار جامعة الأخوين مكان انعقاد الندوة. إلى مزايدة سياسية بين الفرقاء داخل البرلمان وبعواصم إقامة مغاربة العالم .
فأعدت صياغة العنوان اللقاء بصيغة السؤال les transferts des MRE quelles utilisations "أي استعمال لتحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج ؟" وكان من بين المتدخلين في هذا اللقاء علي العزيز عبد الحميد الجمري رحمه الله قادما من باريس والصديق القادم من ستراسبورغ إدريس اجبالي .ولم يكن اختيارهما عبثا فالثاني سوسيولوجي والأول اقتصادي مخضرم إضافة طبعا إلى متدخلين مسؤولين مركزيين ببنك المغرب، هم الآن في الصف الأمامي بهذه المؤسسة الهامة.
ما ذكرني بهذه الواقعة، هو الأرقام الأخيرة التي أعلن عنها مكتب الصرف حول الارتفاع في تحويلات مغاربة العالم لهذه السنة بنسبة 4,4% لتصل 106 مليار درهم. حتى أصبح كلما أعلنت هذه المؤسسة على رقم جديد، كلما تناسلت الكثير من الارتسامات العاطفية. والنادر من التحليلات التي تستند على معطيات واقعية .
ومن أغرب ما قرأت في الموضوع هو أن ارتفاع التحويلات أيام أزمة كوفيد 2020 يعود إلى أن مغاربة المهجر حولوا مدخرات عمرهم إلى بلادهم. فإذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أنه في اللاحق من السنوات ستتراجع التحويلات وفي أحسن الأحوال ستستقر، مادام الرأسمال أي الادخار قد تم تحويله. لكن ما لوحظ في الواقع هو أن التحويلات استمرت في الارتفاع في 2021 و2022.
2023 فهل أعاد مغاربة العالم مدخراتهم من المغرب إلى الخارج في رحلة عكسية؟ أم أن حرب أوكرانيا هذه المرة أنتجت فائضا وكان لها وقعا سحريا؟. إن هذا الكلام هو أقرب إلى الإنشاء منه إلى التحليل.
التقرير الأخير للبنك الدولي أشار إلى أن تحويلات المهاجرين في العالم قد سجلت ارتفاعاً في سنة 2023 بنسبة 1,4% حيث بلغ 656 مليار دولار أما خلال فترة كوفيد فقد بلغت الزيادة 8٪ .هذا على المستوى الدولي .
أما ببلادنا فإن التحويلات لم تعرف أي تراجع منذ السبعينات بل في مراحل معينة كانت نسبة الزيادة السنوية لا تقل عن 23% كل سنة فلا ننسى أن تحويلات العمال المهاجرين لم تكن تتجاوز 540 مليون درهم سنة 1970 لتصل إلى أكثر من 5 مليار درهم سنة 1982 أي بزيادة 1000% وسيستمر الارتفاع ليصل سنة 1991 إلى 18 مليار درهم أي بزيادة 338% .
فهل لازال بيننا من يحتاج إلى دليل، في كون الزيادة هي معطى تابت وليس ظرفي في تحويلات مغاربة العالم ؟
آما خلال مرحلة كوفيد فهل يمكن آن يقول لنا أصحاب الارتسامات الجاهزة لماذا تقلصت التحويلات القادمة من كل دول الخليج وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة ؟ في الوقت الذي ارتفعت تلك المرسلة من أوروبا ؟
فبدون أي مجهود ذهني فان ما قدمته أوروبا من دعم اجتماعي للأفراد والمقاولات بدون تمييز جعل المهاجرين في وضعية تسمح لهم بالاستمرار في دعم أسرهم بسخاء في الوقت الذي أن إخواننا في العروبة والإسلام فضلوا مقولة " خيرنا ما نعطيوه لغيرنا " وإن كان هذا الغير مقيما معهم وفي خدمتهم .
كما لا يجب أن ننسى أن في مرحلة كوفيد كان البحر والجو والأرض مغلقا وبالتالي فكل الأموال التي كانت تنقل في الحافلات والسيارات و….. اضطر أصحابها ضخها في القنوات العادية والرسمية للتحويلات. وبالتالي أصبح الأمر لعبة وثائق محاسباتية لا غير. أما الواقع هو هو.
وفي نفس السياق لا يمكن أن نغض الطرف على المجهود الدولي في مكافحة تبيض الأموال بما فيه التحويلات المالية التي لا تمر في القنوات الرسمية لكونها مخالفة للقانون والمغرب منخرط بقوة في هذه المنظومة وبالتالي فكل أورو أو دولار يُحول رسميا تجد له أثرا في الإحصائيات الرسمية بالأساس. أما في اقتصاد السوق وعند الأسر فالأمر هو هو كذلك.
وتشجيعا لهذا المسار فأهداف التنمية المستدامة ODD كما أقرتها الأمم المتحدة في أفق 2030 قد حددت تخفيض تكاليف تحويلات المهاجرين في العالم إلى 3٪ لكن مع الأسف لازال هذا المبتغى بعيدا .
فتقرير البنك الدولي أشار إلى أن مصاريف التحويلات انتقلت إلى 6٪ سنة 2023 بعدما كانت في 6,4% بالنسبة لشركات تحويل الأموال و4% بالنسبة للتحويل الاليكتروني .
وفي الأخير سيكون مفيدا لو أننا أخدنا فرصة لتحليل ما نخسره كبلد في هجرة المغاربة المستمرة إلى الخارج . ولماذا لم نتوفق كدولة في خلق الظروف المادية واللا مادية التي من شأنها تشجيع السواعد والعقول المغربية الانخراط في بناء المغرب الصاعد والمتحول ؟
في انتظار ذلك فإن تحويلات مغاربة العالم ستستمر في الارتفاع. وسيبقى السؤال قائما :
من أجل استعمال أحسن لتحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج !!! وليعذرني المسؤول السامي في المؤسسة النقدية المركزية.
فكم من مسؤول بنكي اتصل بالوزيرة وديوانها يستفسرون عن أسباب النزول، لِما لهذا العنوان من إيحاء على احتمال فهم العموم، أن هناك سوء استعمال لهذه التحويلات. بل إن الرقم 1 في مؤسسة نقدية مركزية التمس تعديل العنوان حتى لا يتحول الموضوع من مناقشة هادئة داخل أسوار جامعة الأخوين مكان انعقاد الندوة. إلى مزايدة سياسية بين الفرقاء داخل البرلمان وبعواصم إقامة مغاربة العالم .
فأعدت صياغة العنوان اللقاء بصيغة السؤال les transferts des MRE quelles utilisations "أي استعمال لتحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج ؟" وكان من بين المتدخلين في هذا اللقاء علي العزيز عبد الحميد الجمري رحمه الله قادما من باريس والصديق القادم من ستراسبورغ إدريس اجبالي .ولم يكن اختيارهما عبثا فالثاني سوسيولوجي والأول اقتصادي مخضرم إضافة طبعا إلى متدخلين مسؤولين مركزيين ببنك المغرب، هم الآن في الصف الأمامي بهذه المؤسسة الهامة.
ما ذكرني بهذه الواقعة، هو الأرقام الأخيرة التي أعلن عنها مكتب الصرف حول الارتفاع في تحويلات مغاربة العالم لهذه السنة بنسبة 4,4% لتصل 106 مليار درهم. حتى أصبح كلما أعلنت هذه المؤسسة على رقم جديد، كلما تناسلت الكثير من الارتسامات العاطفية. والنادر من التحليلات التي تستند على معطيات واقعية .
ومن أغرب ما قرأت في الموضوع هو أن ارتفاع التحويلات أيام أزمة كوفيد 2020 يعود إلى أن مغاربة المهجر حولوا مدخرات عمرهم إلى بلادهم. فإذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أنه في اللاحق من السنوات ستتراجع التحويلات وفي أحسن الأحوال ستستقر، مادام الرأسمال أي الادخار قد تم تحويله. لكن ما لوحظ في الواقع هو أن التحويلات استمرت في الارتفاع في 2021 و2022.
2023 فهل أعاد مغاربة العالم مدخراتهم من المغرب إلى الخارج في رحلة عكسية؟ أم أن حرب أوكرانيا هذه المرة أنتجت فائضا وكان لها وقعا سحريا؟. إن هذا الكلام هو أقرب إلى الإنشاء منه إلى التحليل.
التقرير الأخير للبنك الدولي أشار إلى أن تحويلات المهاجرين في العالم قد سجلت ارتفاعاً في سنة 2023 بنسبة 1,4% حيث بلغ 656 مليار دولار أما خلال فترة كوفيد فقد بلغت الزيادة 8٪ .هذا على المستوى الدولي .
أما ببلادنا فإن التحويلات لم تعرف أي تراجع منذ السبعينات بل في مراحل معينة كانت نسبة الزيادة السنوية لا تقل عن 23% كل سنة فلا ننسى أن تحويلات العمال المهاجرين لم تكن تتجاوز 540 مليون درهم سنة 1970 لتصل إلى أكثر من 5 مليار درهم سنة 1982 أي بزيادة 1000% وسيستمر الارتفاع ليصل سنة 1991 إلى 18 مليار درهم أي بزيادة 338% .
فهل لازال بيننا من يحتاج إلى دليل، في كون الزيادة هي معطى تابت وليس ظرفي في تحويلات مغاربة العالم ؟
آما خلال مرحلة كوفيد فهل يمكن آن يقول لنا أصحاب الارتسامات الجاهزة لماذا تقلصت التحويلات القادمة من كل دول الخليج وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة ؟ في الوقت الذي ارتفعت تلك المرسلة من أوروبا ؟
فبدون أي مجهود ذهني فان ما قدمته أوروبا من دعم اجتماعي للأفراد والمقاولات بدون تمييز جعل المهاجرين في وضعية تسمح لهم بالاستمرار في دعم أسرهم بسخاء في الوقت الذي أن إخواننا في العروبة والإسلام فضلوا مقولة " خيرنا ما نعطيوه لغيرنا " وإن كان هذا الغير مقيما معهم وفي خدمتهم .
كما لا يجب أن ننسى أن في مرحلة كوفيد كان البحر والجو والأرض مغلقا وبالتالي فكل الأموال التي كانت تنقل في الحافلات والسيارات و….. اضطر أصحابها ضخها في القنوات العادية والرسمية للتحويلات. وبالتالي أصبح الأمر لعبة وثائق محاسباتية لا غير. أما الواقع هو هو.
وفي نفس السياق لا يمكن أن نغض الطرف على المجهود الدولي في مكافحة تبيض الأموال بما فيه التحويلات المالية التي لا تمر في القنوات الرسمية لكونها مخالفة للقانون والمغرب منخرط بقوة في هذه المنظومة وبالتالي فكل أورو أو دولار يُحول رسميا تجد له أثرا في الإحصائيات الرسمية بالأساس. أما في اقتصاد السوق وعند الأسر فالأمر هو هو كذلك.
وتشجيعا لهذا المسار فأهداف التنمية المستدامة ODD كما أقرتها الأمم المتحدة في أفق 2030 قد حددت تخفيض تكاليف تحويلات المهاجرين في العالم إلى 3٪ لكن مع الأسف لازال هذا المبتغى بعيدا .
فتقرير البنك الدولي أشار إلى أن مصاريف التحويلات انتقلت إلى 6٪ سنة 2023 بعدما كانت في 6,4% بالنسبة لشركات تحويل الأموال و4% بالنسبة للتحويل الاليكتروني .
وفي الأخير سيكون مفيدا لو أننا أخدنا فرصة لتحليل ما نخسره كبلد في هجرة المغاربة المستمرة إلى الخارج . ولماذا لم نتوفق كدولة في خلق الظروف المادية واللا مادية التي من شأنها تشجيع السواعد والعقول المغربية الانخراط في بناء المغرب الصاعد والمتحول ؟
في انتظار ذلك فإن تحويلات مغاربة العالم ستستمر في الارتفاع. وسيبقى السؤال قائما :
من أجل استعمال أحسن لتحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج !!! وليعذرني المسؤول السامي في المؤسسة النقدية المركزية.