ادريس المغلشي لاشك أن وزارة التربية الوطنية في الآونة الأخيرة تعيش لحظة حرجة بين ثلاث أطراف لمعادلة صعبة ضاغطة وعصية على التفكيك، النقابات الموقعة على محضر 10 دجنبر الأخير والتنسيقيات التي استقبلتها الوزارة الأيام القليلة الماضية بمعية نقابة رفضت التوقيع. ويبدو أننا سنعيش وضعية جديدة ستساهم بشكل كبير في حلحلة الملفات والتقدم نحو نتائج ملموسة. لكن ستمنح للنقابات الأربع نوعا من مركزية القرار. كما أن هناك التلاميذ الذين لازالوا في الشارع بدون تمدرس وهي وضعية لم تعشها حكومات سابقة ولا وزارة. ويبدو من خلال مسار التفاوض أنها استنفذت كل آلياته او بعبارة اصح كل الأوراق المطروحة في الساحة ولم يبق أمامها سوى أن تلعب بأدوات قديمة ترتكز أساسا على بعض ممن خبروا دواليب الحوار مع الفاعل النقابي، ويجيدون التواصل بشكل يفوق أسلوب الوزير الذي يطغى عليها الشك والانغلاق، لن يكون سوى قيدوم مديري الأكاديمية، المحاور الذي يتقن فن رد الاعتبار وسياسة الإعتراف وانتزاع الشرعية لباقي الرافضين، أكثر من أي شيء آخر. وهناك من يعتقد أن التواجد على طاولة الحوار يعني حياة جديدة في الساحة عوض البقاء في دواليب النسيان لاسيما حالة بعض النقابات التي كانت تحتل مراتب أولى واصبحت في الحضيض.
معضلتنا بالمغرب أننا لا نتدخل إلا بعد استفحال الأزمة وهي خاصية طبعت سلوك هذه الحكومة المنحوسة، وكأنها تنتظر دائما بلوغ الأزمة مداها لتقوم بردة فعل بطيئة، شيء غريب مانراه في تدبيرها للأزمة. نتحدث عن الكفاءة والنجاعة ويبقى السلوك السياسي كمعطى أساسي حاسم في الاشكالات التي تقع، كنموذج صريح الوزير بنموسى التيقنوقراط، خريج بوليتيكنيك، بمرجعيته الفرنسية وبخلفية تدبيره للنموذج التنموي الذي يطرح حول بداية مسار تفعيله العديد من الأسئلة، وكيف السبيل لتأمين تنزيله من طرف رجل ابان عن ضعف شديد في التواصل وغياب الحس الاستباقي للأزمة قبل وقوعها ومواجهتها ببدائل وقرارات تقلص من مسافة الهدر وكلفة الخسائر .لانشك لحظة أنه رغم كل المطبات والسقطات فهو مدعوم من جهة لها قوتها في الساحة وضعت على رأسه قبعة سياسية أكبر من حجمه. فلو كان فاعلا سياسيا من حزب آخر لأسقط منذ مدة واستبدل بآخر . لكن تشاء الأقدار أن تستنفر كل الجهات من أجل انقاذ مايمكن انقاذه " الكل يهون في سبيل زرق العيون " كما يقال . وهي نقطة مفصلية قرأتها النقابات جيدا من أجل عدم المغامرة برفع السقف عاليا للمطالب على عكس التنسيقيات التي تبنتها بطريقة غير مباشرة، كصورة حقيقية لنوايا الحكومة وكقراءة محكمة لسلوكها في تدبير الملف.
اظن أن الحصيلة التي قطفتها النقابات بشكل ذكي في محضر 10 دجنبر مع بعض الامتيازات التي جاء بها النظام الأساسي لاشك أنها حصيلة مهمة رغم أنها غير كافية بالنظر لسنوات عجاف في عهد حكومات لم تنصف قطاع التعليم لعقد من الزمن مما جعل الملفات تتراكم بقدر زمن التفاوض المهدور .
انتداب قيدوم مدراء الأكاديمية لتولي مديرية الموارد البشرية إشارة أن بناية حسان لم يعد بها من الكفاءات القادرة على خوض غمار هذا التقاطب الحاد في الساحة . محمد اضرضور مدير الاكاديمية أعرفه رجل الحوار بامتياز وقادر على استثمار مساحة المناورة بشكل جيد والبحث عن المشترك بين الأطراف.لكن حواره الأخير على القناة الثانية أبان عن سلوك من التعالي قد يعصف بنقطة ضوء مامولة في الطرح . مما أثارني في الحوار ماجاء على لسان الصحفي بعدما سأله ناقلا الفكرة عن أحد المتدخلين :"البعض ينعتكم من الحرس القديم باعتباركم من قيدومي مدراء الأكاديمية وقد تكرر اسمكم في كثير من الملفات التي تحوم حولها تساؤلات ومتابعات ماردكم على هذا القول ؟"... بدا على محياه بعض الارتباك وأخذ نفسا عميقا ينبئ بارتباك داخلي ثم استرسل في الكلام فقال: "تم النقاش حول الملف والنتيجة أن الأمور أصبحت واضحة ودليل براءتي أنني متواجد أمامك الآن "...
