لا أحد كان يتوقع هذه الانتكاسة للحكومة الفرنسية بعد رفض الجمعية الوطنية، البرلمان الفرنسي، لمشروع قانون حول الهجرة، لكن المثير في هذه الانتكاسة السياسية التي تعرضت لها الحكومة هو التحالف الغير الطبيعي سياسيا والذي تم بين اليسار بمختلف اطيافه وبين اليمين واليمين المتطرف من اجل اسقاط هذا المشروع وذلك لأسباب مختلفة حسب الانتماء السياسي. اليسار المكون من الخضر، وفرنسا الابية والاشتراكيين والشيوعيين أسقط هذا القانون بعد ان اعتبره غير عادل تجاه المهاجرين ويزيد من التضييق على الأجانب المقيمين بفرنسا، في حين ان اليمين واليمين المتطرف أسقط هذا القانون واعتبره ليس صارما بما يكفي ويمكن بعض العمال بدون إقامة من تسوية وضعيتهم. وهنا تكمن الطامة الكبرى وهذه التحالفات الغير الطبيعية التي أصبحت تمس المشهد السياسي الفرنسي، وكيف يصبح هذا المشهد غير عقلاني عندما يتعلق الامر بالهجرة يقول بونوا حامو أحد الوزراء السابقين في الحكومة الاشتراكية. "فكل ما يتعلق بالهجرة يثير العاطفة والردود العاطفية بالمجتمع الفرنسي وهي ظاهرة لم تعد تقتصر على فرنسا بل تشمل كل البلدان الاوربية". وهو ما يعكسه تصاعد اليمين المتطرف ووصوله الى الحكم بالعديد من البلدان الاوربية.
لهذا فالتحالف الذي جمع من اقصى اليمين الى اقصى اليسار هو سابقة في تاريخ الحياة البرلمانية الفرنسية مند تأسيس الجمهورية الخامسة. حيث تم التحالف ضد الحكومة بين أطراف لا تجمعها اية علاقة سياسية او تنسيق وتختلف أهدافها خاصة تجاه التعامل مع الهجرة، بين من يعتبر ان قوانين فرنسا قاسية تجاه الهجرة وهي أحزاب اليسار وبين من يعتبر ان فرنسا وقوانينها هي جد متساهلة مع الهجرة وهو ما الموقف الذي يدافع عنه اليمين واليمين المتطرف.
طبعا الحكومة الفرنسية تعرضت لنكسة كبيرة بسبب هذا الرفض الذي طال هذا القانون ورفض مناقشته وهي نكسة مست بالأساس وزير الداخلية الذي راهن على هذا القانون من اجل تحسين شعبيته ومن اجل ضمان مكانه بين من يطمحون لخلافة الرئيس الحالي للجمهورية ايمانويل ماكرون في الانتخابات المقبلة، ومند حوالي 18 شهرا وهو يحمل هذا القانون الذي تأجل عرضه على المؤسسة التشريعية اكثر من مرة من اجل إيجاد الأجواء الملائمة من اجل الحصول على الأغلبية نظرا للانقسام التي أصبحت تشكله الهجرة داخل المجتمع الفرنسي ونظرا لتلاعب السياسي بهذا الموضوع من اجل الحصول على أصوات الناخبين.
وراهن وزير الداخلية جيرار درمنان على اليمين الجمهوري من اجل دعم قانونه وهي العلمية التي نجحت بالغرفة الثانية في مجلس الشيوخ بعد ان قدم تنازلات وقام تعديلات على مشروعه، وهو السناريو الذي فشل في الغرفة الأولى، وهو ما دفع وزير الداخلية الى تقديم استقالاته بعد هذا الفشل أي يوم عرض المشروع (11 ديسمبر) وهي الاستقالة التي رفضها قصر الاليزيه.
وتمت الموافقة على مذكرة رفض مشروع القانون التي قدمتها كتلة الخضر، بأغلبية 270 صوتا مقابل 265 صوتا، شملت اليسار واليمين واليمين المتطرف. وأدى تبنيها الى وقف دراسة النص حتى قبل مناقشة المواد في الجوهر.
ورحب اليسار واليمين المتطرف بتبني مذكرة الرفض ودعا نواب يساريون إلى استقالة وزير الداخلية جيرالد دارمانين.
وتشكل هذه الخطوة صفعة لدارمانين الذي راهن على إيجاد طريقة خاصة مع اليمين، لتمرير نصه في الجمعية الوطنية، بعد تبنيه في مجلس الشيوخ بنسخة مشددة للغاية.
وقال الوزير لدى بدء النقاش الاثنين "من يخشى النقاش؟ أولئك الذين سيتفقون ضمن تحالف غير طبيعي، كي لا يرى الفرنسيون أن الأمور تتقدم" آملا الضغط على المعارضة لمنع التصويت على مذكرة الرفض.
ورحب اليسار واليمين المتطرف بتبني مذكرة الرفض ودعا نواب يساريون إلى استقالة وزير الداخلية جيرالد دارمانين.
وتشكل هذه الخطوة صفعة لدارمانين الذي راهن على إيجاد طريقة خاصة مع اليمين، لتمرير نصه في الجمعية الوطنية، بعد تبنيه في مجلس الشيوخ بنسخة مشددة للغاية.
وقال الوزير لدى بدء النقاش الاثنين "من يخشى النقاش؟ أولئك الذين سيتفقون ضمن تحالف غير طبيعي، كي لا يرى الفرنسيون أن الأمور تتقدم" آملا الضغط على المعارضة لمنع التصويت على مذكرة الرفض.
وحال رفضه تم العمل داخل الحكومة برئاسة اليزابيت بورن من اجل عرض المشروع على لجنة مشتركة بين الغرفتين من اجل انقاذ مشروع القانون وذلك بأسرع وقت وهي لجنة تضم سبعة نواب وسبعة أعضاء من مجلس الشيوخ. وهو الحل الذي تراه الحكومة حنى الان لكي لا تلجا الى بند 49.3 كما فعلت مع قانون التقاعد وهو ما قيد يكون له انعكاسات سياسية.
وبذات تسريبات من المقربين من الدوائر الحاكمة تتحدث عن إمكانية حل الجمعية الوطنية وإقامة انتخابات سابقة لأوانها وذلك من اجل الضغط على النواب وأحزاب المعارضة لتجد توافقا جديدا حول هذا القانون المثير للجدل والذي تسبب في انتكاسة للحكومة وفي ازمه سياسية سيكون لها تأثير على الأغلبية النسبية الحاكمة بفرنسا وعلى قدرتها في المستقبل على عرض مشاريع قوانين جديدة.
القانون الذي تأجل سنتين تقريبا يحرم بعض المقاولات الفرنسية التي تطالب بتسوية وضعية العمال الذين ليست لهم إقامة من اجل الحد من الخصاص في عدد كبير من القطاعات سواء البناء والاشغال العمومية، قطاع السياحة والفندقة والمقاهي والمطاعم. وهو خصاص يصل الى عدة مئات من الالاف، في الوقت التي يوجد بفرنسا حوالي 700 ألف مهاجر بدون إقامة قانونية حسب الدوائر الرسمية. لكن الجدل السياسي واستعمال الهجرة في هذا الجدل لن يسهل عكل المقاولات وهو ما تترتب عنه مضاعفات على المستوى الاقتصادي وكذا على المستوى الاجتماعي حيث ان عددا كبيرا من المهاجرون يقطنون فرنسا لسنوات طويلة دون الحصول على الإقامة وعلى حقوقهم الاجتماعية.او ان فرنسا سوف تنهج سياسة جورجيا ميلوني، زعيمة اليميين المتطرف الإيطالي ورئيسة الوزراء، التي تردد خطابا معاديا للهجرة وتسوي وضعية المهاجرين بدون إقامة) تمت تسوية 123 الف حالة سنة 2023) لحاجة اقتصاد بلادها لهم .