الخميس 28 مارس 2024
خارج الحدود

قيس سعيد يخوض سباقا تشريعيا مع ظله..

قيس سعيد يخوض سباقا تشريعيا مع ظله.. الرئيس التونسي قيس سعيد (كاريكاتير)

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة في تونس (دجنبر 2022)، وحتى قبل الكشف عن القانون الانتخابي الجديد، سارعت بعض الأحزاب السياسية التونسية إلى الإعلان عن مواقفها من هذه المحطة الانتخابية التي ستفرز برلمان ما بعد 25 يوليوز 2021، هذا المسار الذي اتخذه رئيس الجمهورية، قيس سعيد، وأقر بموجبه جملة من الإجراءات من بينها حل مجلس نواب الشعب، قبل انتهاء الفترة النيابية.

ولئن ساندت بعض الأحزاب، مسار 25 يوليوز، منذ الإعلان عن أهدافه، فإن أحزابا أخرى اختلفت مع هذا المسار، سواء جزئيا أو كليا واعتبرت أن كل الإجراءات المتخذة بعد هذا التاريخ، "غير دستورية" وأنه مسار خاطئ لا يمكن الاستمرار فيه، بالانتخابات أو من دونها، مما فسح المجال أمام طرح التساؤلات عن ملامح المشهد السياسي القادم ومدى مشاركة الأحزاب في الانتخابات التشريعية المقبلة وتركيبة البرلمان الجديد، في ظل إعلان عدد من الأحزاب، رغم تفاوت حجمها وثقلها في الساحة السياسية، عن مقاطعة هذه الانتخابات.

فقد أعلنت جبهة الخلاص، وهي جبهة معارضة للرئيس قيس سعيد، وتضم أحزاب حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وحراك تونس الإرادة وحزب حركة أمل، إضافة إلى حملة "مواطنون ضد الانقلاب" وعدد من أعضاء البرلمان المنحل، خلال ندوة صحفية الأسبوع الماضي، عن مقاطعتها الانتخابات البرلمانية المقررة في 17 دجنبر المقبل، متهمة سعيد بالانفراد بصياغة القانون الانتخابي الذي لم يتم الإعلان عنه إلى غاية اليوم.

وقال أحمد نجيب الشابي، رئيس الجبهة، بالمناسبة، إن من بين أسباب المقاطعة "انفراد رئيس الجمهورية بصياغة القانون الانتخابي"، مشيرا إلى أن "قرار إجراء الانتخابات البرلمانية، جاء في سياق انقلابي على الشرعية الدستورية".

وأعلن جزء من تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية والتي تضم التيار الديمقراطي وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري وحزب العمال وحزب القطب الحداثي، عن مقاطعتها الانتخابات التشريعية، "من حيث المبدأ"، إذ اعتبر أمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي، أن حزبه "لن ينخرط في مسار خاطئ برمته" ولن يشارك بالتالي في انتخابات تشريعية وصفها ب"الصورية"، لا تتضمن، حسب رأيه "الحد الأدنى من مقومات الديمقراطية".

بدوره أعلن الأمين العام للتيار الديمقراطي، غازي الشواشي، في تصريح إعلامي بداية هذا الأسبوع، أن حزبه لن يشارك في الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في 17 دجنبر، باعتباره "يرفض المسار برمته، نظرا لأنه مسار غير دستوري وخارج عن الشرعية".

وفي سياق متصل قال أمين عام حزب العمال، حمة الهمامي، إن الحزب "قاطع وسيقاطع كل مراحل خارطة الطريق التي وضعها رئيس الدولة ولن يشارك في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، إلى حين استكمال مسار الثورة واسقاط المنظومة بأكملها"، حسب تعبيره.

أما خليل الزاوية، القيادي بحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، فقد أفاد بأن تنسيقية الأحزاب الديمقراطية (المعارضة للرئيس قيس سعيد)، ستعلن الأسبوع المقبل، موقفها الرسمي، من الاستحقاق الانتخابي المقبل، على ضوء ما ستتوصل إليه المشاورات الداخلية بين هذه الأحزاب وما سيسفر عنه تنقيح القانون الانتخابي.

ولئن عبرت الأحزاب الرافضة لمسار 25 يوليوز 2021، عن مواقفها بوضوح من الانتخابات التشريعية المقبلة، فإن أحزابا أخرى لم تحسم موقفها بعد، فقد ربطت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، مشاركة حزبها في الانتخابات، بما سيسفر عنه القانون الانتخابي الجديد، وقالت في هذا الصدد: "إذا صح ما يتم تداوله من أن التصرف في المنظومة التشريعية سيكون على مقاس رئيس الجمهورية، فإن الدستوري الحر لن يعترف أصلا بالانتخابات، وبالتالي لن يشارك فيها".

كما أرجأت أحزاب أخرى، على غرار آفاق تونس ومشروع تونس، الإعلان عن موقفها من المشاركة في هذه الانتخابات من عدمها، إلى وقت لاحق، مما يثير بعض التساؤلات المشروعة حول تركيبة البرلمان المقبل ومدى حضور المعارضة صلبه.

في المقابل أكدت الأحزاب الداعمة لمسار 25 يوليوز، على مشاركتها في الانتخابات التشريعية المقبلة، على غرار أحزاب التيار الشعبي وحركة البعث وحركة الشعب والائتلاف من أجل تونس وحراك 25 يونيو، مشاركتها في الانتخابات البرلمانية القادمة.

يذكر أنه تم في 25 يوليوز 2022 إجراء الاستفتاء على دستور تونس الجديد الذي نال موافقة أكثر من 94 بالمائة من المشاركين في الاقتراع والذين بلغ عددهم، حسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، 2,8 مليون ناخب، أي بنسبة 30,5 بالمائة من إجمالي الناخبين الذين يناهز عددهم 9 ملايين.

وينتظر أن يصدر في الأيام القليلة القادمة، قانون لتنظيم انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب وكذلك المجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي أنشئ بموجب نص الدستور الجديد.

وكانت الانتخابات التشريعية لسنة 2019 أفرزت بالخصوص حصول حركة النهضة على 52 مقعدا، تلاها حزب "قلب تونس" بـ 38 مقعدا، ثم حزب التيار الديمقراطي بـ 22 مقعدا، فـ "ائتلاف الكرامة"، بـ 21 مقعدا إلى جانب الحزب الدستوري الحر، بـ 17 مقعدا وكذلك حركة الشعب بـ 15 مقعدا. وقد شهدت هذه المدة النيابية منذ بداياتها حالة من الاحتقان والتشنج وحتى العنف اللفظي والمادي تحت قبة البرلمان، زادت من حدتها تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، جراء الخيارات والسياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة منذ ثورة 17 دجنبر 2010 / 14 يناير 2011.